أكد وزير الثقافة عز الدين ميهوبي هذا الاثنين أن السياسة المعتمدة حاليا في تسيير الشأن الثقافي تتعلق أساسا بجدوى الفعل الثقافي في المجتمع و لا علاقة لها بالوضع الاقتصادي و تهاوي أسعار النفط و سياسات الترشيد.
و قال عز الدين ميهوبي لدى استضافته ضمن فوروم الإذاعة : "لو بلغ سعر برميل النفط 150 دولارا فان سياستنا ستظل كما هي، لأننا اليوم ندخل مرحلة جديدة تقتضي إعادة هيكلة التظاهرات الثقافية دون المساس بالخارطة الثقافية عموما".
وأوضح الوزير أن كل مهرجان سيوضع تحت المجهر من حيث الكلفة و المدة و الضيوف و التسيير، حيث سيتم النظر في ضم بعض المهرجانات المتشابهة ضمن مهرجان واحد تفاديا للتكرار و إقامة بعضها كل سنتين بدل كل سنة و تقليص مدتها و عدد الضيوف بالإضافة إلى منح صلاحية تسييرها للمختصين بينما توكل الأمور التنظيمية للإدارة.
تنظيم ندوة وطنية حول تشجيع الاستثمار الثقافي في الجزائر
كما كشف وزير الثقافة عن شروع قطاعه في الإعداد لندوة وطنية حول الاستثمار الثقافي في الجزائر، و قال إنه سيتم تنصيب اللجنة المعنية بهذه التحضيرات هذا الثلاثاء ، حيث ستضم ممثلين عن الوزارات ذات الصلة إلى جانب خبراء في المجال، موضحا أن الغاية من هذه الندوة هي تشجيع المستثمرين الوطنيين و الأجانب على ولوج المجال الثقافي وفقا لخارطة الفضاءات الممكن الاستثمار فيها.
و أكد عز الدين ميهوبي، أن النّصوص القانونية تكفل حقوق المستثمرين في المجال الثقافي و أنهم يستفيدون من كل الحقوق و الامتيازات المتاحة للمستثمرين في شتّى المجالات، قائلا: إن قطاع الثقافة أصبح اليوم جزءا من الرؤية الاقتصادية الشاملة و ذلك وفقا لقانون الاستثمار الذي تمت مناقشته مؤخرا و الذي يعتبر الثقافة، صناعة هي الأخرى.
و في السّياق، ذكر الوزير أن الخواص في الجزائر بحاجة إلى التحسيس و التشجيع على الاستثمار في المجال الثقافي باعتباره قطاعا مساهما في خلق الثروة و رفع الدخل القومي بدليل تجارب ناجحة في عدد من الدول كإيران و الهند ، مشيرا إلى أن هذا الاستثمار سيكون مرفوقا بدعم قانوني و مادي من الدولة.
نعمل على محاولات لتطبيع العلاقات مع السينما
و عن حال السينما في الجزائر، ذكر وزير الثقافة أن الجزائريين منقطعون عن دور السينما منذ أكثر من 25 سنة بسبب ما حل بقاعات السينما نهاية الثمانينات بالإضافة إلى التطور التكنولوجي الذي يتيح إمكانية مشاهدة أجدد الأفلام مباشرة على الهواتف النقالة عبر الانترنت.
وأبدى ميهوبي أسفه على انخفاض عدد دور السينما من 480 إلى 80 قاعة على المستوى الوطني و تحول أكثرها إلى فضاءات لمزاولة أنشطة بعيدة تماما عن السينما والفعل الثقافي، كما وجه رسالة إلى رؤساء البلديات بإعادة القاعات إلى قطاع الثقافة الأجدر بإدارتها، و اخرى إلى المستثمرين، يحثهم فيها على الاتجاه نحو تجسيد مجمعات سينمائية تعرض خيارات عديدة للأفلام المعروضة على للمشاهد و تقام في المدن الكبرى ذات الكثافة السّكانية العالية.
و قال الوزير، إن العمل حاليا يقوم على محاولات لتطبيع العلاقات مع السينما باعتبارها العربة التي تقود كل الفعل الثقافي، حيث قمنا بعمل جواري خلال موسم الصيف من خلال تنظيم تظاهرة سينما المدينة و سينما الشاطئ و سينما الهضاب عرضنا ضمنها أفلاما من إنتاج جزائري و إنتاج مشترك ، و قال إن هناك قافلة سينمائية اخرى قريبا ستغطي مدينة قسنطينة.
و في هذا المقام، دعا وزير الثقافة المخرجين الشباب على إنتاج اكبر قدر من الأعمال التجارية بشرط مطابقتها لمعايير و طبيعة المجتمع الجزائري .
و أضاف: أعطينا تعليمات بوضع مخطط تكوين استعجالي دائم بالاتفاق مع المؤسسات المتخصصة لتكوين أكبر عدد من المختصين السينمائيين .
المسرحيون مدعوون إلى إسقاط واقع مجتمعهم في أعمالهم
و لدى تطرقه عن وضع المسرح في الجزائر، عبر ميهوبي عن ارتياح نسبي مقارنة بالسينما، قائلا:" المسرح بخير نسبيا مقارنة بالسينما وهناك تجارب جديدة جريئة غير أنني أحث المنتجين على الاقتباس من الأعمال الجزائرية لان العبقرية و التميز يكمنان في إسقاط واقع مجتمعك".
العمل مع الناشرين سيتم مستقبلا وفق دفتر شروط مضبوط
و لدى إجابته عن سؤال حول الناشرين في الجزائر، أكد ميهوبي أن العمل معهم مستقبلا سيتم وفق دفتر شروط مضبوط، ضمانا لمستوى أرقى، حيث لاحظ أن العدد الهائل للناشرين و الذي بلغ 1400 ناشر لا يعكس أبدا مستوى الأداء المطلوب، حيث يستغل هؤلاء دعم الدولة لهم فيلجؤون إلى تكثيف منشوراتهم خلال التظاهرات الثقافية سعيا إلى الربح دون أي مراعاة لقيمة المنشورات.
و قال ميهوبي في هذا الصدد إن بعض الناشرين لا يرقون إلى هذه المهنة النبيلة و إنني أراهم يحملون مكاتبهم في جيوبهم ينتهزون فرص التظاهرات فيباشرون بطبع عشرات العناوين التي لا ترق إلى المستوى المطلوب، و يعاملون تماما كما أكبر و أعرق الناشرين في الجزائر.
قانون الكتاب سينظم فوضى سوق النشر و يحدد المسؤوليات
كما تطرّق الوزير في حديثه إلى قانون الكتاب المصادق عليه منذ شهر و نصف ، موضحا انه سيحدد مسؤوليات النّاشر و الطابع و حقوق البيع و التوزيع مما يسمح بالخروج من فوضى سوق النشر في الجزائر مؤكدا أنه سيكون مرفوقا بنصوص مكملة.
و ذكر ميهوبي أن هناك مخططا يتعلق بالمكتبات التابعة للقطاع، حيث تلقت تعليمات –يقول - بالاقتراب من كل المدارس في الأطوار و تمكين التلاميذ من بطاقة مجانية للمكتبة الأقرب إليه في خطوة لتعويد الطفل على حب الكتاب و اللجوء إلى المكتبات، و أضاف أن هناك مشروعا أيضا باستضافة الكتاب على مستوى المدارس و الثانويات لتقريبهم من الطلبة و إطلاعهم على عالم الكتابة و مقاسمتهم تجاربهم .
المصدر:موقع الإذاعة الجزائرية