أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، ان المجاهد المرحوم بن مصطفى بن عودة المدعو"عمار"الذي وافته المنية هذا الاثنين عن عمر ناهز الـ 93 سنة، هو"رفيق سلاح وقامة وطنية تميزت بنكران الذات وبالدفاع عن ثوابت الأمة في فترة صعبة مريرة التحم فيها الشعب لنصرة قضيته".
وكتب رئيس الجمهورية في برقية تعزية بعث بها الى كافة أفراد أسرة المرحوم قائلا:"رزئت الجزائر اليوم في واحد من أبنائها الذين عاهدوا الله والشعب على أن يضحوا بأرواحهم لنصرة الحق وتحرير الأمة، فتوافدوا إلى ساحات الوغى ينشدون النصر أوالشهادة غير عابئين بجحافل العدو ولا بوسائله الفتاكة التي عاث بها في الأرض فسادا وقتلا وتدميرا".
وتابع رئيس الدولة قائلا:"إنه المغفور له بإذنه عمار بن عودة المناضل في الحركة الوطنية والمجاهد في الثورة التحريرية والإطار الباني في صفوف الدولة الوطنية الحديثة، الذي انخرط في الأربعينيات من القرن المنصرم في الحركة الاستقلالية لحزب الشعب، ومنها انطلق في عدة نشاطات لاسيما ضمن المجلس الوطني للثورة ، وشارك في الكثير من اجتماعات ومؤتمرات قادة ثورة التحرير كاجتماع مجموعة 22 ومؤتمر الصومام والحكومة المؤقتة الأولى".
لقد اكتسب الفقيد - يضيف الرئيس بوتفليقة-"خبرة وتجارب من نضاله الطويل مع قادة التحرير من أمثال زيغود يوسف والعربي بن مهيدي ومصطفى بن بولعيد، ومن إليهم من لداته الذين تتابع رزؤهم فمضوا الواحد تلو الآخر وكرت الأيام نحوه اليوم فانتقل إلى رحمة الله وعفوه مطمئن النفس مرضيا عليه بما قدم من أعمال جليلة لوطنه ومجتمعه، ولكن الذاكرة الوطنية ستبقى لا محالة على عهد صادق وذكر دائم لمسيرتهم الغراء".
واستطرد رئيس الجمهورية قائلا:"وإذ أعزيه اليوم فإنما أعزي فيه رفيق السلاح، وقامة وطنية تميزت بنكران الذات وبالدفاع عن ثوابت الأمة في فترة صعبة مريرة، التحم فيها الشعب لنصرة قضيته ، كما يلتئم شمله اليوم حول قضاياه المصيرية في الوحدة والأمن والاستقرار وبناء مؤسساته صونا لعهد الشهداء ووديعة كل من أخلص للجزائر".
وخلص إلى القول:"فببالغ التأثر وبنفس راضية بقضاء المولى وقدره أرفع راحتي بالدعاء متضرعا إلى المولى جلت رحمته العالمين أن يكرم وفادته ويبوئه المقام الكريم الذي ارتضاه لإخوانه من الشهداء، ويلهم بنيه وحرمه وكل أفراد أسرته الكريمة ورفاق السلاح جميل الصبر وعظيم السلوان، وأعرب لهم كافة عن عزائي الصادق ودعائي الخالص للمولى أن يحفظهم ويجعل حزنهم هذا خاتمة الأحزان، إنه سميع مجيب الدعاء".
"وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون،أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون".
مسيرة نضال وكفاح حافلة
وولد المجاهد الراحل بن مصطفى بن عودة المعروف بعمار بن عودة في الـ 27 سبتمبر 1925 بمدينة عنابة .
في 11 مارس 1937 رفع بن عودة فيها العلم الوطني في مظاهرة بمناسبة تأسيس حزب الشعب الجزائري، ردا على حل نجم شمال إفريقيا في أواخر جانفي من نفس السنة.
وفي الفترة ما بين 1936-1937 ومع ظهور الحركة الكشفية انخرط في فوج "المنى"، أصبح يعمل في هذا الحزب بسرية إلى أن ألقي عليه القبض رفقة مناضلين لأول مرة في سنة 1944. وأصدر عليه الحكم بالسجن مدة عامين و60 ألف فرنك فرنسي كغرامة وخمس سنوات كمنع للإقامة
وفور خروجهم من السجن استدعاهم الحزب لاستئناف النشاط النضالي إلى أن انعقد مؤتمر الحزب في منتصف فيفري لإنشاء المنظمة الخاصة واتصل ببن عودة المدعو عمار"الجيلالي بالحاج" وأطلعه على تأسيس المنظمة والأهداف التي ترمي إليها ، كما أخبره بأنه وقع عليه الاختيار ليكون مسؤولا على التنظيم عن قطاع عنابة وضواحيها. وكان مسؤوله المباشر هو"حسن بن زعيم" الذي عين على رأس ناحية عنابة كلها ..هكذا واصل نضاله إلى أن قبض عليه للمرة الثانية سنة 1950 إثر عملية تبسة،ليسجن مدة 13 شهرا في السجن الكبير بعنابة ما بين 1950 إلى غاية 1951 أين تمت عملية الهروب مع رفقاء آخرين من بينهم عبد الباقي بخوش وسليمان بركات رفقة زيغود يوسف الذي أسر بنفس التهمة في 21 أفريل وتمت هذه العملية بواسطة صنع مفاتيح لأبواب السجن وهذا انطلاقا من مهارة زيغود يوسف الذي كان يتقن حرفة النجارة والحدادة.
انضم إلى"اللجنة الثورية للوحدة والعمل" بجانب زيغود يوسف وديدوش مراد والتي تكونت نتيجة الأزمة التي كانت تعاني منها حزب الشعب - حركة إنتصارالحريات الديمقراطية ولكن بمجرد ظهور مؤشرات فشلها، سعى كل من ديدوش مراد- زيغود يوسف- مصطفى بن عودة إلى المشاركة في بلورة فكرة اندلاع الثورة حيث كان بن عودة من بين الذين شاركوا في اجتماع الـ22، إضافة إلى هذه المشاركة ساهم في كتابة بيان أول نوفمبر، واستعان في هذه العملية بمناضلين من المنظمة السرية.
وبعد اندلاع ثورة أول نوفمبر اجتمع زيغود يوسف وبن طوبال وبن عودة لتقييم الوضع خاصة بعد استشهاد عدد من المجاهدين على رأسهم باجي مختار، ديدوش مراد واعتقال آخرين، ومن أجل إعادة الإطمئنان إلى نفوس المجاهدين وتشجيعهم لمواصلة الكفاح المسلح وربط الثورة بالشعب قام هؤلاء بعدة كمائن ضد القوات الإستعمارية وعدة هجومات كهجوم 20 أوت 1955 الذي كان له صدى كبيرا في الأوساط الفرنسية وفئات الشعب الجزائري.
تواصلت نشاطات سي عمار إلى أن شارك في مؤتمر الصومام 20 أوت 1956 الذي يعد حسب رأيه بمثابة بيان أول نوفمبر ثان.
وواصل سي عمار نشاطاته النضالية في لبنان حيث كان له علاقات مع الطلبة ومناضلي مكتب جبهة التحرير الوطني في لبنان.
بعد أن قضى سي عمار الثلاثة أشهر في لبنان عاد إلى تونس وأصبح مسؤولا عن التسليح والإتصالات العامة ثم شارك مع الوفد الثاني لاتفاقيات إيفيان وعين كممثل لجيش التحرير الوطني.
عاد إلى الجزائر في مارس 1962 برفقة بومدين وبعدها كلف بمهمة إلى باريس كملحق عسكري. بعد الإستقلال تقلد منصب ملحق عسكري في القاهرة، باريس ثم تونس، وبعدها سفيرا في ليبيا سنة 1979.
ومنذ المؤتمر الرابع لحزب جبهة التحرير الوطني شغل منصب رئيس لجنة الإنضباط بالحزب وأخيرا منصب رئيس مجلس الإستحقاق الوطني أثناء فترة الرئيس الشاذلي بن جديد.
المصدر : الإذاعة الجزائرية