أسرة المجاهدين تحيي الذكرى الـ63 لاستشهاد أحمد زبانة

أشرف وزير المجاهدين طيب زيتوني على ندوة تاريخية بالمتحف الوطني للمجاهد خاصة بإحياء الذكرى الـ 63 لإعدام شهيد المقصلة أحمد زهانة المدعو "زبانة" يوم 18 جوان، بحظور أساتذة وباحثين في التاريخ.

أحمد زبانة "الشهيد الذبيح"

وتمر اليوم ثلاثة وستون سنة على استشهاد البطل أحمد زهانة المدعو خلال الثورة أحمد زبانة والمسمى الذبيح الصاعد، وهو أول شهيد يعدم بالمقصلة، ولد زبانة في عام 1926 بمنطقة زهانة حاليا، ومنها انتقل مع عائلته إلى مدينة وهران بحي الحمري ، نشأ وسط عائلة متكونة من ثمانية أطفال هو الرابع بين إخوته، حيث دخل المدرسة الابتدائية أين تحصّل على  الشهادة الابتدائية باللغة الفرنسية، ولما كان تجاوز هذا المستوى الدراسي غير مسموح به للجزائريين فقد طرد من المدرسة، بعد طرده التحق بمركز التكوين المهني حيث تخرج منه بحرفة لحام.
كان لانضمام أحمد زبانة للكشافة الإسلامية دور في نمو الروح الوطنية الصادقة في نفسه، زيادة على شعوره بما كان يعانيه أبناء وطنه من قهر وظلم واحتقار، هذه العوامل كانت وراء انضمامه لصفوف الحركة الوطنية عام 1941. وتطوع زبانة لنشر مبادئ الحركة وتعميق أفكارها في الوسط الشبابي وفضح جرائم الاستعمار الفرنسي.
 وبعد أن أثبت بحق أهليته في الميدان العملي، وبرهن على مدى شجاعته وصلابته اختارته المنظمة السرية (الجناح العسكري) ليكون عضوا من أعضائها، وبفضل خبرته تمكن من تكوين خلايا للمنظمة بالنواحي التي كان يشرف عليها. وقد شارك الشهيد في عملية البريد بوهران عام 1950.
ازداد نشاط الشهيد السياسي وتحركاته، مما أثار انتباه السلطات الاستعمارية التي لم تتوان في إلقاء القبض عليه وتقديمه للمحاكمة، وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبالنفي من المدينة لمدة ثلاث سنوات أخرى قضاها ما بين معسكر ومستغانم والقصر. 
بعد حل اللجنة الثورية للوحدة والعمل في 5 جويلية 1954، عُيّن زبانة  من قبل الشهيد العربي بن مهيدي مسؤولا على ناحية زهانة وكلفه بالإعداد للثورة بما يلزمها من ذخيرة ورجال، وتجسيدا للأوامر التي أعطيت له كان اجتماع زهانة الذي جمعه بالشهيد عبد المالك رمضان، وقد حدّدت مهام زبانة بعد هذا الاجتماع بهيكلة الأفواج وتدريبها واختيار العناصر المناسبة وتحميلها مسؤولية قيادة الرجال وزيارة المواقع الإستراتيجية لاختيار الأماكن التي يمكن جعلها مراكز للثورة.
 وأفلح الشهيد في تكوين أفواج كل من زهانة، وهران، تيموشنت، حمام بوحجر، حاسي الغلة، شعبة اللحم، السيق، وكلف هذه الأفواج بجمع الاشتراكات لشراء الذخيرة والأسلحة. وأشرف بمعية الشهيد عبد المالك رمضان على عمليات التدريب العسكري وكيفيات نصب الكمائن وشنّ الهجومات وصناعة القنابل.
وفي الاجتماع الذي ترأسه الشهيد العربي بن مهيدي، بتاريخ 30 أكتوبر 1954 تم تحديد تاريخ اندلاع الثورة بالضبط وتحديد الأهداف التي يجب مهاجمتها ليلة أول نوفمبر، وفي 31 أكتوبر 1954، عقد الشهيد اجتماع بأفواجه تم خلاله توزيع المهام وتحديد الأهداف وتحديد نقطة اللقاء بجبل القعدة. 
بعد تنفيذ العمليات الهجومية على الأهداف الفرنسية المتفق عليها، اجتمع الشهيد مع قادة وأعضاء الأفواج المكلفة بتنفيذ العمليات لتقييمها والتخطيط فيما يجب القيام به في المراحل المقبلة، ومن العمليات الناجحة التي قادها الشهيد عملية لاماردو في 4 نوفمبر1954، ومعركة غار بوجليدة في 8 نوفمبر من نفس السنة التي وقع فيها أحمد زبانة أسيرا بعد أن أصيب برصاصتين.
وعلى إثرها نقل الشهيد إلى المستشفى العسكري بوهران ومنه إلى السجن، وفي 21 أفريل 1955 قدم للمحكمة العسكرية بوهران فحكمت عليه بالإعدام، وفي 3 ماي 1955 نقل الشهيد إلى سجن برباروس بالجزائر وقدم للمرة الثانية للمحكمة لتثبيت الحكم السابق الصادر عن محكمة وهران، ومن سجن برباروس نقل الشهيد إلى سجن سركاجي.
 وفي يوم 19 جوان 1956 في حدود الساعة الرابعة صباحا، أخذ الشهيد من زنزانته وسيق نحو المقصلة وهو يردد بصوت عال «إنني مسرور جدا أن أكون أول جزائري يصعد المقصلة، بوجودنا أو بغيرنا تعيش الجزائر حرة مستقلة»، ثم كلف محاميه بتبليغ رسالته إلى أمه. وكان لهذه العملية صداها الواسع على المستوى الداخلي والخارجي، فعلى المستوى الخارجي أبرزت الصحف في صفحاتها الأولى صورة الشهيد وتعاليق وافية حول حياته. أما داخليا فقد قام في اليوم الموالي أي 20 جوان 1956، جماعة من المجاهدين بناحية الغرب بعمليات فدائية جريئة كان من نتائجها قتل سبعة وأربعين عميلا وإعدام سجينين فرنسيين انتقاما للشهيد الذي ضحى بشبابه من أجل تحرير الجزائر كغيره من الشهداء المخلصين. 

رسالة الشهيد إلى العائلة
«أقاربي الأعزاء، أمي العزيزة» 
"أكتب إليكم ولست أدري أتكون هذه الرسالة هي الأخيرة، والله وحده أعلم، فإن أصابتني مصيبة كيفما كانت فلا تيئسوا من رحمة الله، إنما الموت في سبيل الله حياة لا نهاية لها، والموت في سبيل الوطن إلا واجب، وقد أديتم واجبكم حيث ضحيتم بأعز مخلوق لكم، فلا تبكوني بل افتخروا بي.
وفي الختام تقبلوا تحية ابن وأخ كان دائما يحبكم وكنتم دائما تحبونه، ولعلها آخر تحية مني إليكم، وأني أقدمها إليك يا أمي وإليك يا أبي وإلى نورة والهواري، وحليمة والحبيب وفاطمة وخيرة وصالح ودينية وإليك يا أخي العزيز عبد القادر وإلى جميع من يشارككم في أحزانكم".
الله أكبر وهو القائم بالقسط وحده
ابنكم وأخوكم الذي يعانقم بكل فؤاده.  حميدة.

 

  

ثقافة وفنون