الجزائر و الاتحاد الأوربي يعتمدان الوثيقة المتعلقة بتقييم اتفاق الشراكة

احتضنت  بروكسل هذا الاثنين الدورة العاشرة لمجلس الشراكة الجزائر-الاتحاد الأوروبي الذي تأسس بموجب اتفاق الشراكة الموقع في 2002 و دخل حيز التنفيذ في 2005 ليفسح المجال أمام حوار مفتوح و تعاون شامل بين الطرفين.

و ترأس هذا الاجتماع السنوي مناصفة كل من وزير الدولة  وزير الشؤون الخارجية و التعاون الدولي  رمطان لعمامرة و رئيسة الدبلوماسية الأوروبية  فديريكا موغيريني.

و  قام الطرفان خلال هذه الدورة الجديدة للحوار السياسي التي جرت أشغالها في جلسة مغلقة  باستعراض واقع و آفاق علاقات التعاون و الشراكة و بحث سبل ووسائل إعطائها دفعا جديدا  حسب مصدر دبلوماسي.

وصادقت الجزائر و الاتحاد الأوربي اليوم الاثنين في بروكسل على الوثيقة المتعلقة بنتائج التقييم المشترك لتنفيذ اتفاق الشراكة الجزائر- الاتحاد الأوربي الموقع في 2002 و الذي دخل حيز التنفيذ في سنة 2005 .

و قال وزير الدولة  وزير الشؤون الخارجية و التعاون الدولي رمطان لعمامرة خلال ندوة صحفية مشتركة مع رئيسة الدبلوماسية الأوربية فيديريكا موغيريني و المفوض الأوروبي للسياسة الأوروبية للجوار ومفاوضات التوسع يوهانس هان  "إننا نعتزم القيام بكل ما يجب من أجل استفادة أفضل من اتفاق الشراكة و التركيز معا و بثبات على المستقبل مستقبل يكون أحسن نوعية للطرفين".

و أوضح السيد لعمامرة أن التقييم المشترك لاتفاق الشراكة سمح ب "قراءة مشتركة" لأحكام الاتفاق "حتى يكون أكثر خدمة لتنمية الجزائر".

و أضاف "لاحظنا تباين هيكلي في الكيفية التي طبق بها الاتفاق و نحن نرى أنه إذا كان هناك تباين مستقبلا فانه يجب أن يكون لصالح الجزائر و الاقتصاد الجزائري" مشيرا إلى أن الجزائر " تحترم " توقيعها و التزاماتها.

وكانت الجزائر قد أخطرت في سبتمبر 2015 رئيسة الدبلوماسية الأوروبية للمطالبة رسميا بفتح المحادثات حول تقييم مشترك موضوعي لتنفيذ اتفاق الشراكة.

وكان هذا المسعى يرمي  حسب مصدر مقرب من الملف  إلى "استعمال هذا الاتفاق في إطار تأويل ايجابي لترتيباته بما يسمح بإعادة التوازن في علاقات التعاون".

وقد ظل المركز التجاري للاتحاد الأوروبي يتعزز منذ إبرام هذا الاتفاق على حساب الاقتصاد الوطني.

وقد بين تقييم لأثار اتفاق الشراكة هذا منذ دخوله حيز التنفيذ سنة 2005 إلى غاية 2015 أن مجموع الصادرات الجزائرية خارج المحروقات نحو الاتحاد الأوروبي لم يصل إلى 14 ملايير دولار خلال العشر سنوات بينما بلغت الواردات الجزائرية من الاتحاد الأوروبي 220 مليار دولار في نفس الفترة اي 22 مليار دولار سنويا.

وحسب المديرية العامة للجمارك  خلف هذا الاتفاق عجزا بأكثر من 700 مليار دج  للمداخيل الجمركية الجزائرية منذ تطبيقه سنة 2005 إلى غاية 2015.

وقد أدت هذه "الشراكة غير متكافئة" بالحكومة الجزائرية إلى القيام سنة 2010 بتجميد أحادي الطرف للامتيازات التعريفية الممنوحة للاتحاد الأوروبي بموجب اتفاق الشراكة. وبعد 8 جولات من المفاوضات العسيرة  تم التوصل إلى حل وسط حول تأجيل إنشاء منطقة التبادل الحر المقرر في 2017 الى سنة 2020.

ومن جهته  اعتبر المفوض الأوروبي للسياسة الأوروبية للجوار ومفاوضات التوسع يوهانس هان الذي وصف الجزائر ب"الشريك الرئيسي" للاتحاد الأوروبي أن سلسلة مشاريع الاتحاد الأوروبي الموقعة اليوم الاثنين ببروكسيل  ستساعدها على تنويع اقتصادها من خلال المساهمة في إنشاء مناصب شغل وعصرنة الأموال العمومية".

"هدفنا كما قال  هو مساعدة الجزائر في معالجة الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها حاليا وإقامة علاقات أكثر متانة مع المؤسسات الأوروبية".

التوقيع على ثلاث اتفاقيات تمويل من طرف الاتحاد الأوروبي

وقعت الجزائر و الاتحاد الأوروبي هذا الاثنين ببروكسل على اتفاقية تمويل برنامج دعم تنفيذ اتفاق الشراكة بمبلغ 10 مليون أورو ممول حصريا من قبل الاتحاد الأوروبي.

و قد وقع على الاتفاقية وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية و التعاون الدولي رمطان لعمامرة و رئيسة الدبلوماسية الأوروبية فيديريكا موغيريني و المفوض المكلف بسياسة الجوار الأوروبية, جوهانس هان, و ذلك بمناسبة انعقاد الدورة الـ 10 لمجلس الشراكة الجزائر-الاتحاد الأوروبي.

و حسب مصدر دبلوماسي, يهدف هذا البرنامج (P3A) إلى ترقية الإدارات و المؤسسات العمومية الجزائرية لتمكينها من استيفاء أهداف اتفاق الشراكة الجزائر-الاتحاد الأوروبي من خلال تقديم خبرة و وسائل عمل ضرورية لإنجاز أهداف الاتفاقية.

و سيطبق هذا البرنامج في غضون مدة 48 شهرا اعتبارا من تاريخ توقيع اتفاقية التمويل.

و منذ إطلاقه سنة 2007, تمحورت تدخلات برنامج P3A حول توأمة المؤسسات و الأعمال المنتظمة على سبيل حشد الخبرة الخاصة من خلال المساعدة التقنية الرامية إلى إنجاز الأعمال على المدى القصير و المتوسط, و كذا الدعم الخاص من خلال برنامج المساعدة التقنية و تبادل المعلومات.

و تتمحور "هذه الأعمال حول المساعدة التقنية و تبادل المعلومات التي تسمح بنشر الخبرة و الممارسات الحسنة لاسيما في إطار إعداد العقود التشريعية".

تطوير الطاقات المتجددة: التوقيع على اتفاقية تمويل بقيمة 10 ملايين أورو

كما وقع كل من وزير الدولة  وزير الشؤون الخارجية و التعاون الدولي و رئيسة الدبلوماسية الأوربية و كذا  المحافظ المكلف بسياسة الجوار الأوربية بالمناسبة ذاتها على اتفاقية لتمويل برنامج دعم تطوير الطاقات المتجددة و ترقية الفعالية الطاقوية بالجزائر بقيمة 10 ملايين أورو من تقديم الاتحاد الأوربي.  

و قد تمت المصادقة على البرنامج في سنة 2016 في إطار أداة سياسة الجوار الأوربية (2014-2020) حسب مصدر دبلوماسي مضيفا أن " فكرة هذا المشروع برزت خلال السنتين المنصرمتين خلال مختلف المبادلات التي جرت في اطار الحوار الجزائر-الاتحاد الأوربي في مجال الطاقة".

و يهدف البرنامج الى دعم السلطات الوطنية في إطار مراجعة و إعداد الأحكام المؤسساتية و السياسية و التنظيمية المناسبة لتنفيذ السياسات الطاقوية المستديمة من خلال نشر الطاقات المتجددة و الفعالية الطاقوية.

كما يهدف أيضا الى المساهمة في تسهيل الاستثمار الخاص (الوطني و الأجنبي) على المديين المتوسط و الطويل في مشاريع الطاقة المتجددة و الفعالية الطاقوية إضافة إلى تعزيز القدرات التقنية و تسيير المؤسسات في هذا المجال.

دعم اصلاح المالية العمومية: اتفاقية تمويل بقيمة 10 مليون أورو

 و وقع رمطان لعمامرة عن الجانب الجزائري و فيديريكا موغيريني بنفس المناسبة ببروكسل على اتفاقية تمويل برنامج دعم اصلاح المالية العمومية بقيمة 10 مليون أورو قدمها الاتحاد الأوروبي.

و يهدف البرنامج إلى " تحسين الأداء في مجال تسيير المالية العمومية" من خلال دعم تنفيذ المخطط الاستراتيجي لعصرنة المالية العمومية الذي صادقت عليه الجزائر في مارس 2016 حسب مصدر دبلوماسي.

و أكد ذات المصدر أن "الأعمال ذات الأولوية المقررة ضمن هذا البرنامج ستسمح لوزارة المالية بالمضي نحو تسيير مالي فعال يسمح بتحكم أفضل في المالية و يقوم على النوعية و النتائج".

و من شأن هذا البرنامج أيضا " تعزيز التصور المستديم في إطار إعداد الميزانية من خلال إضفاء شفافية أكبر على استعمال الميزانية على مدار ثلاث سنوات" يضيف ذات المصدر. 

من جهة أخرى  من المرتقب أن "يدعم البرنامج أيضا هامش التحرك" الذي يمكن الحكومة الاستفادة منه لجعل برامج النفقات مكيفة مع أهداف الاقتصاد الكلي و القدرات المالية للجزائر.

و أوضح ذات المصدر أن الأعمال المقررة في إطار هذا البرنامج ستمس مجموع مديريات وزارة المالية لاسيما المديرية العامة لأملاك الدولة بهدف" تشجيع مناخ الأعمال و الشفافية".

موغريني: الاتحاد الأوروبي ملتزم بتشييد "شراكة أكبر" مع الجزائر

وأكدت الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية و السياسية الأمنية فيديريكا موغريني أن الاتحاد الأوروبي ملتزم بتشييد شراكة "أكبر و مؤكدة أكثر" مع الجزائر.

و في تقرير سنوي حول وضعية العلاقات بين الاتحاد الأوروبي و الجزائر نشر بمناسبة الدورة الـ 10 لمجلس شراكتهما المنعقدة ببروكسل, صرحت المسؤولة الأوروبية قائلة "إننا ملتزمون ببناء شراكة ثنائية أكبر".

و اعتبرت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية أن العلاقات الثنائية كانت "مكثفة بشكل خاص" منذ الاجتماع الأخير لمجلس الشراكة في يونيو 2015, مشيرة إلى "تحقيق تقدم في العديد من مجالات التعاون سواء الثنائية أو الإقليمية".

و جدد من جهته المفوض الأوروبي للسياسة الأوروبية للجوار ومفاوضات التوسع يوهانس هان تأكيد دعم الاتحاد الأوروبي للجزائر "في مسار الإصلاحات السياسية والاقتصاد الكلي الهيكلي الذي تم الشروع فيها مؤخرا", معتبرا أن الإصلاحات "ستمكن من توطيد العلاقات" بين الطرفين.

و في هذا التقرير الذي أعدته مناصفة المفوضية الأوروبية و المصلحة الأوروبية للعمل الخارجي أشار الاتحاد الأوروبي إلى "القدرات الأمنية العالية" التي تتمتع بها الجزائر و التي تمكنها من مكافحة الإرهاب و الجريمة العابرة للحدود "بفعالية", مبرزا وجود "محادثات في هذه المجالات" بين الطرفين.

و أكد الإتحاد الأوروبي في تقريره أن " الجزائر تظل تلعب دور وساطة محوري لاسيما في ليبيا و في منطقة الساحل" مذكرا بأنها (الجزائر) أول بلد  من الضفة الجنوبية للمتوسط يشارك في الآليات الأوروبية للحماية المدنية و يوقع على اتفاق مع المفوضية الأوروبية.

و تطرق الاتحاد الأوروبي إلى التطور و الإصلاحات التي باشرتها مؤخرا الجزائر و أولويات التعاون بينها و بين الإتحاد الأوروبي "المتمحورة حول القطاعات ذات الاهتمام المشترك مثلما تم تحديدها ضمن "أولويات الشراكة" الجديدة.

و لدى استعراض التعديل الدستوري  ذكر التقرير أن الدستور الجزائري الجديد "تضمن تقدمات ديمقراطية و مؤسساتية" معلنا عن إرسال بعثة خبراء في الانتخابات بمناسبة تشريعيات الرابع  ماي 2017 بدعوة من الجزائر.

كما أشار التقرير إلى أن الإتحاد الأوروبي أشاد بالتعاون بينه و بين الجزائر في المجال الإستراتيجي للطاقة "المثمر جدا" منذ 2015 .

و أكد التقرير أن "السلطات الجزائرية تبنت العديد من المخططات بهدف خفض الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري و في مجال النشاط البيئي و التنمية المستدامة و الماء إضافة إلى تصديقها على إتفاق باريس حول المناخ".

و أشارت الوثيقة أيضا إلى تسجيل تقدم في التعاون و الحوار في مجال البحث و التنمية و التعليم العالي و حماية و تثمين التراث الثقافي الجزائري.

مخلوف ساحل : الشراكة  بين الجانبين غير متوازنة

 ويعتقد المحلل السياسي  مخلوف ساحل في تدخا له على أمواج القناة الأولى أن الشراكة  بين الجانبين غير متوازنة لذا يعد هذا اللقاء وقفة ضرورية لتقييم  ما تم إنجازه في اتفاقية الشراكة وما تجسد من أهدافها ، فالظروف الاقليمية الني كانت تسود أنداك تغيرت وتوجه الجزائر أيضا تغير اليوم  بتبنيها  نموذجا اقتصاديا جديدا تسعى من خلاله لتعزيز قاعدة اقتصادية وطنية متينة مبنية على أساس جلب الاستثمارات الأجنبية التي تكون مربحة للطرفين وبتحليل بسيط يضيف مخلوف ساحل لحجم التبادلات بين الجزائر و أوروبا نجد أنها غير متوازنة و قد حان الوقت ليفكر الطرف الأوروبي في أن تحقيق مصلحته مرتبط برعاية مصلحة الجزائر لأن العلاقات الدولية تتعامل بمنطق "رابح رابح " و الشراكة إذا ما تم تدعيمها ستكون مفيدة للطرفين ،سيما في سياق  الدورالذي تلعبه الجزائر على المستوى الإقليمي و الإفريقي .

وسوم:

اقتصاد