أكد نائب وزير الدفاع الوطني, رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي, الفريق أحمد قايد صالح, هذا الأحد بشرشال ولاية تيبازة على أهمية التكوين في الجيش, معتبرا ان الاستثمار في الإنسان هو أرقى أنواع الاستثمارات التي تمكن البلاد من كسب كافة الرهانات المستقبلية.
و أوضح بيان لوزارة الدفاع الوطني, أن الفريق قايد صالح قال خلال كلمة ألقاها بمناسبة زيارة عمل وتفتيش إلى الأكاديمية العسكرية لشرشال "الرئيس الراحل هواري بومدين" تندرج في إطار متابعة مدى تنفيذ برامج التعليم والتكوين للسنة الدراسية 2017-2018 بأنه :"من هذا المنطلق الشامل والمتكامل, يستمر الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني, إن شاء الله تعالى وقوته, ويعمل في سياق الرؤية الإستراتيجية الشاملة التي يتبناها فخامة السيد رئيس الجمهورية, القائد الأعلى للقوات المسلحة, وزير الدفاع الوطني, على النظر إلى مسألة الاستثمار في الإنسان, باعتباره أرقى أنواع الاستثمارات وأسلمها على الإطلاق ويعتبر من أجل ذلك أن المنظومة التكوينية هي الحاضنة الأولى والرئيسية لهذا المسعى الحيوي لكونها يعود لها الدور, بل الفضل, في إنجاحه".
و بعد مراسم الاستقبال, ترحم الفريق قايد صالح على روح الرئيس الراحل هواري بومدين الذي تحمل الأكاديمية اسمه و وضع إكليلا من الزهور أمام النصب التذكاري المُخلد له, وتلا فاتحة الكتاب على روحه وعلى أرواح الشهداء الأطهار.
كما التقى الفريق قايد صالح رفقة اللواء أحسـن طافـر قائد القوات البرية, واللواء علي سيدان قائد الأكاديمية, بإطارات وطلبة الأكاديمية أين ألقى كلمة توجيهية تابعها جميع أفراد وحدات الناحية العسكرية الأولى عن طريق تقنية التحاضر عن بعد.
وخلال هذه الكلمة ذكر الفريق قايد صالح بـ"الأهمية القصوى التي يكتسيها هذا اللقاء, النابع من حرصَ القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي على بذل كل ما في الوسع من أجل مواصلة إحاطة الأكاديمية العسكرية لشرشال (الرئيس الراحل هواري بومدين), بكل ما تستحقه من رعاية تكفل لها إمكانية المواصلة الفاعلة لمجهودها التكويني وأداء الدور الريادي المنتظر منها لتظل فعلا مشتلة حقيقية لتخريج الكفاءات ومصدر لا ينضب تتزود منه مختلف وحداتنا القتالية بالعنصر البشري المؤهل الذي يـضمن لها مواصلة أداء مهامها بكل كفاءة واقتدار".
وقال في هذا الشأن :"لقد أكدت في العديد من المناسبات على حرصي الشديد لجعل رسالة المنظومة التكوينية للجيش الوطني الشعبي, لا تقتصر فقط على الجوانب التأهيلية وغرس المهارات وترسيخ المعارف والعلوم العسكرية بشتى تخصصاتها, ومستوياتها التقنية والتكنولوجية فحسب, بل يتعين بأن تتصف بل تتميز عن غيرها , برؤية شاملة تتضمن أيضا جوانب أخرى".
و أعتبر الفريق قايد صالح هذه الجوانب "دوافع قوية ومحفزات ضرورية تصنع الإنسان الملتزم بتعهداته حيال جيشه ووطنه ,من ذوي الأفكار الغزيرة والمتوازنة له القدرة على التكيف مع أبجديات صلب المهام الموكلة , محيطا بأهمية المرجعية التاريخية , و واعيا بدورها في تعزيز عوامل تقوية حس الواجب لديه, هذا إضافة إلى إحاطته بأهمية إدراك مجريات الأوضاع السائدة إقليميا ودوليا , وخلفيات وأبعاد متغيراتها وتسارع أحداثها وتأثيراتها على أمن الجزائر ودفاعها الوطني".
وأضاف قائلا بأن :"نجاح هذا المسعى الحساس وربح رهان الاستثمار فيه, يستوجب على الدوام الأخذ في الاعتبار المرتكزات التعليمية والتكوينية الملائمة, التي قوامها أن المسلك السليم نحو بلوغ الأهداف المسطرة , هو حسن استغلال ما توفر من إمكانيات بشرية ومادية ومنشآتية, والاستفادة القصوى من أحدث وأنجع المناهج البيداغوجية, والاعتقاد الجازم بأن أي إنجاز فعلي وميداني في المجال التكويني هو نابع من نجاح العنصر البشري من القاعدة إلى القمة , ومواكبته السليمة للمناهج التطويرية السائدة في العالم اليوم , فهناك تكامل وتأثير متبادل بين تنمية المورد البشري وبين التكوين" مشيرا إلى أن التكوين هو محرك بل مولد التنمية البشرية , فلا تكوين دون تنمية بشرية والعكس صحيح, فأداء الأفراد يرتبط كثيرا بنوعية تكوينهم وهنا ينطبق تماما مبدأ التناسب الطردي بينهما".
كما أكد الفريق قايد صالح بالمناسبة على"أهمية المرجعية التاريخية ودورها في تعزيز عوامل تقوية حس الواجب لدى الأفراد , وتعميق الولاء وروح الإخلاص لوطنهم حاثا الجميع على الاقتداء بتضحيات وبطولات شهداء ومجاهدي الثورة التحريرية المجيدة الذين استرخصوا شبابهم وحياتهم ووهبوها فداء للوطن".
وأوضح في هذا الشأن بأن "يوم الشهيد وشهر الشهداء وعيد النصر وغيرها من الذكريات العطرة, هي كلها محطات تاريخية بارزة يحتضنها شهرا فبراير ومارس, يتعين على المنظومة التكوينية أن لا تفوت فرصة تلقين دروسها التاريخية للأجيال الشابة" مبرزا بأن الشهيد "هو من استرخص روحه ودمه في سبيل شعبه ووطنه وهو من ضحى بشبابه من أجل الجزائر, وهو من كتب تاريخ وطنه بدمه وليس بمادة أخرى, وهناك حقيقة على الأجيال أن تعيها دوما وهي أن كل مجاهد في الثورة التحريرية المباركة كان مشروع شهيد , كان مستعدا ومهيأ في كل وقت وحين , لنيل الشهادة, لم يكن أمامهم سوى إحدى الحسنيين إما الشهادة أو النصر".
وتابع بأن الشهادة "كانت لمن كتب الله لهم هذه الحسنى وكانت حسنى النصر لمن من الله عليهم وعلى وطنهم وشعبهم بهذه النعمة الغالية, فالجزائر أيها الشباب- يضيف الفريق قايد صالح- لم تنل استقلالها بسهولة, فقد نالت سيادتها الوطنية بفضل رجالها وتضحياتهم العظيمة بأعز ما يملكون وبأغلى فترات شبابهم , فلا يحق لأي جيل من أجيال الجزائر المستقلة أن ينسى هذه التضحيات , ولا يليق به إطلاقا , أن ينسى بأن من دفع روحه ودمه كان هو أيضا شابا وكان يحق له هو أيضا أن يعيش شبابه , فقد رفض أن يعيش حرية زائفة ووطنه مقيد بنير الاستعمار, فتلكم هي الدروس التي لا ينبغي عليكم أن تنسوها".
وفي ختام مداخلته طلب الفريق قايد صالح من كافة الساهرين على مجريات التكوين بأن "يبذلوا قصارى جهودهم حتى يرتقي مستوى التعليم في هذه المؤسسة التكوينية الكبرى, إلى ما يتماشى وطموحات جيشنا الوطني الشعبي التي يتطلب بلوغُها تجنيد كل الطاقات وتضافر كل الجهود".
وختم الفريق قايد صالح كلامه بالقول :"إنني بقدر ما أجدد امتناني بهذه الزيارة للأكاديمية العسكرية لشرشال, القلعة التعليمية والتكوينية العريقة وبقدر ما أثمن دورها الريادي والمقتدر في مجال صناعة النخبة وتنمية مؤهلات وقدرات العنصر البشري للجيش الوطني الشعبي , فإنني أعيد أمامكم اليوم بهذه المناسبة الكريمة بأن رأسمالنا هو العنصر البشري ولهذا جاء استثمارنا فيه , وإننا نستثمر في الإنسان من أجل الإنسان, فبه كسبنا ومعه سنكسب , بحول الله تعالى وقوته , كافة الرهانات المستقبلية , ولأجله سيواصل الجيش الوطني الشعبي مشوار الاستثمار الرابح والمثمر في هذه الثروة الحقيقية وهي الثروة البشرية, التي تعتمد من أجل نمائها على رعاية خاصة وخطة محكمة مدروسة المضمون وطموحة الأهداف ومرنة من حيث التطبيق , أساسها الإنسان المبدع وعمادها العنصر البشري المبتكر, الذي يمثل دون غيره قاطرة كل جهد تطويري وتجديدي, هؤلاء ( الذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون)".
وفي ختام اللقاء فسح نائب وزير الدفاع الوطني المجال أمام طلبة الأكاديمية وأفراد وحدات الناحية للتعبير عن اهتماماتهم وانشغالاتهم, مجددين التأكيد على "ولائهم اللامحدود للجيش الوطني الشعبي وللجزائر".
وعلى إثر هذا الاجتماع التوجيهي, تابع الفريق قايد صالح "عرضا شاملا قدمه قائد الأكاديمية العسكرية لشرشال, تضمن الوضعية العامة لهذه القلعة التكوينية الرائدة و مسار التكوين العلمي والتقني والعسكري الذي تمنحه لطلبتها, فضلا عن الدور الأساسي الذي تقوم به في ميدان تكوين الطلبة لفائدة جميع القوات والمديريات باعتبارها تمثل العمود الفقري للمنظومة التكوينية للجيش الوطني الشعبي وركنها الركين".