تم هذا السبت بالبليدة إحياء الذكرى الـ 59 لاستشهاد قائد الولاية التاريخية الرابعة، الجيلالي بونعامة المدعو سي محمد، أحد أقوى وأشجع أبطال الثورة التحريرية بشهادة المجاهدين وخاصة رفقاؤه في الكفاح الذي وصفوه بالشخصية الاقوى بهذه الولاية.
فعلى غرار كل سنة تحيي الأسرة الثورية بولاية البليدة في الثامن من شهر أغسطس وبحضور السلطات الولائية والأمنية والعسكرية ذكرى استشهاد، الجيلالي بونعامة، أحد أبطال شهداء الجزائر الملقب ب"أسد الونشريس" الذي يعد من أحد المناضلين الطلائع الذي ناصروا فكرة "الكفاح المسلح كحل وحيد لنيل الجزائر لإستقلالها"، بحسب ما أجمع عليه عدد من المجاهدين الذي يحرصون على حضور هذه المناسبة تكريما لروح هذا البطل التي تمكن بفضل حنكته العسكرية من تكبيد العدو المستعمر الفرنسي خسائر كبيرة جعلته يتصدر قائمة المطلوبين لدى السلطات الفرنسية.
وبهذه المناسبة، حرص العديد من المجاهدين على سرد خصال وصفات هذه الشخصية التي جمعت ما بين القائد العسكري والسياسي بعيد النظر وكذا القائد ذو القلب الكبير العطوف على جنوده، بحيث كان حضوره فقط بين الجنود يمنحهم شجاعة واستمالة في القتال و هو صاحب مقولة "ليس القائد من يقوم بعمل بطولي فقط بل عليه أن يكون له رجالا يقنعهم يحبهم ويجعلهم يحبونه".
وبحسب شهادات عدد من أفراد الأسرة الثورية فان الشهيد جيلالي بونعامة كان موقرا من طرف الجنود بحيث كان مشهورا بتصرفاته المملوءة بالعاطفة فكم من مرة شوهد وهو يقدم لباسه أو حذاءه لجندي آخر أو يخلف جنديا في الحراسة في منتصف الليل.
وإلى جانب تمتعه بحس إنساني عالي، خطط "أسد الونشريس" لعدة عمليات كبيرة، منها الهجوم ضد كتيبة فرسان شمال شرق ثنية الحد (التوتية) وأسر قائدها واحتلال سوق الاحد وعملية "لامرتين" و التي أسفرت عن أسر ثلاثين جندي حيث كان يقود بنفسه فيلق العمليات بالونشريس
للإشارة فقد استهل البرنامج الخاص بهذه المناسبة التي تعد فرصة كل سنة لاستذكار تضحيات هذا البطل الثوري بتجمع أفراد الأسرة الثورية من مجاهدين و أبناء الشهداء و كذا السلطات المحلية والأمنية والعسكرية وأبناء الولاية أمام النصب التذكاري الخاص به الواقع بساحة باب الجزائر وسط مدينة البليدة رفع الستار عنه بمناسبة الذكرى 55 لاستشهاده.
وعقب رفع العلم الوطني وقراءة فاتحة الكتاب على أرواح شهداء الثورة التحريرية ووضع إكليل زهور بجوار النصب التذكاري لتمنح بعدها الكلمة لعدد من المجاهدين الذين عايشوا هذا الرجل البطل لإستذكار بطولاته.
يذكر أن العقيد الجيلالي بونعامة من مواليد شهر أبريل 1926 بدوار بني هندل في قلب الونشريس التحق بالمدرسة الابتدائية ثم توجه في سن مبكرة إلى الحياة العملية حيث عمل بمنجم لكي يعيل أسرته الفقيرة.
والتحق بصفوف الثورة التحريرية بعد اندلاعها وتمكن بفضل حيويته وصلابته من جعل منطقة الونشريس قلعة قوية لجبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني وهذا منذ سنة 1955 و إلى غاية 1956.
وفي سنة 1957، ارتقى إلى رتبة رائد قائد المنطقة الثالثة للولاية الرابعة، حيث قام بالتنظيم السياسي والإداري والاجتماعي وجعل هذه المنطقة محرمة على المستعمر ليعين سنة 1958 بمجلس الولاية الرابعة كرائد عسكري الى جانب سي محمد بوقرة وبعد استشهاد هذا الأخير أسندت له مهمة قيادة الولاية الرابعة.
وقد اختار مدينة البليدة مركزا لقيادة الولاية ومنها أصبح يعد وينظم العمليات العسكرية وكان له الضلع الأكبر في تنظيم مظاهرات 11 ديسمبر1960.
وفي ليلة 8 أوت 1961، كشف العدو مركز قيادة الولاية الرابعة بوسط مدينة البليدة ليستشهد البطل القائد رفقة سي خالد و عبد القادر وادفل ومصطفى النعيمي وهذا بعد مواجهات عنيفة ضد الوحدة العسكرية الخاصة التي قدمت من جزيرة كورسيكا، فيما تم إلقاء القبض على محمد تقية الذي كان كاتبا بمجلس الولاية وكذلك محمد بومهدي.