السياحة الريفية بتلمسان.. آفاق وتحديات

تتوفر ولاية تلمسان على مقاصد ومناظر سياحية قلت نظيرتها في العالم تتمثل في اثار ومعالم من مخلفات و شواهد الدولة الزيانية والمرابطية ،ناهيك عن التضاريس الجبلية التي تتخللها الوديان والمغارات والكهوف .

كل هذه العوامل جعلت القائمين على قطاع السياحة بالولاية يفكرون في كيفية تنمية هذا القطاع والعمل على تطويره والبعث به قدما نحو الامام من خلال السياحة الريفية .

ويقول مدير السياحة والصناعة التقليدية بولاية تلمسان ياسين عبابسة:"انه تم الانطلاق في هذا النمط من السياحة من خلال برنامج خاص يعتمد على" الاقامة لدى الساكن" وهذا لا يتطلب تكاليف باهظة او مجهودات كبيرة وانما يقوم على اساس الدعم والتكوين.

ومن أجل انجاح هذه المبادرة تم تكوين عدة مستشارين في التنمية المحلية يمثلون جميع القطاعات على غرار الغابات والسياحة والصناعة التقليدية والتكوين المهني والنشاط الاجتماعي بالإضافة الى الجمعيات الناشطة في هذا المجال ".

ويعمل هؤلاء على تصور استراتيجية للتنمية الريفية الهدف منها التوعية وايصال المعلومة الى أهالي المنطقة وهي المبادرة التي لاقت تجاوبا كبيرا من سكان هذه المناطق.

ونظمت مديرية السياحة بولاية تلمسان في هذا الخصوص دورات تكوينية لفائدة12 شخصا مقيم بالأرياف لتعريفهم بصيغة الاقامة لدى الساكن من الناحية القانونية والتقنية وكيفية التعامل مع السياح ،كما تم تكوين المرشدين في مجال السياحة الريفية.

ومن اهم اهداف هذا البرنامج تحسين الوضعية المعيشية للقاطنين في هذه المناطق وهو ماسيوفر مناصب عمل جديدة ومدخول اضافي من خلال بعض الانشطة كبيع الاواني والادوات التقليدية.

وتعتبر السياحة الريفية سياحة بديلة وصديقة للبيئة وتعتمد على كل ماهو موجود في العالم الريفي، فبولاية تلمسان تم اعتماد طريق الزيتون لهذا المشروع وهو طريق يمتد على مسافة 80 كم ويمر عبرعدة بلديات من بينها صبرة المعروفة بإنتاجها لمادة زيت الزيتون.

طريق الزيتون حجر أساس السياحة الريفية بتلمسان

ويضيف ياسين عبابسة" أن الهدف من مشروع طريق الزيتون هو انشاء عملية تشاركية لتحديد مختلف مشاريع التنمية الريفية وتطوير بعض المنتجات والموارد المحلية من اجل التسويق وتعزيز الاتصال وتبادل المعلومات و المبادرات بين الجهات الفاعلة ،بالإضافة الى التركيز على المرأة الريفية وادماجها في التنمية الاقتصادية".

ويرى في هذا الصدد مهديد عبد الحميد رئيس مكتب المراقبة بمديرية السياحة" أن دور السياحة الريفية يتجلى في كيفية استقطاب السياح نحو هذه المناطق الجبلية ذات الغطاء النباتي المتنوع لا سيما اشجار الزيتون.

ويتسنى لسكان هذه القرى والمداشرتهيئة منازلهم لجعلها قادرة على ايواء واسكان السياح القادمين في غرف يصل عددها الى 5 ويمكنها استقبال نحو 15 سائحا.

واثناء الاقامة داخل هذه البيوت يمكن للسائح ان يستفيد من عدة انشطة داخل المحيط الريفي على غرار الجولات على ظهور الخيول والتوجه نحو الوديان واكتشاف المغارات والكهوف ، بالإضافة الى تذوق الاطباق والأكلات التقليدية الريفية مثل خبز الطاجين والبركوكس والزيتون بمختلف انواعه".

وتعتبر قرية الكاف التابعة لدائرة بني سنوس نموذجا حيا للسياحة الريفية لما تتوفر عليه من مناظر طبيعية خلابة وتضاريس غاية في الروعة يتخللها وادى تافنة الشهير ،هذه المنطقة الضاربة في عمق التاريخ والدليل اختضناها للكهوف التي سكنها الانسان البدائي منذ الزمن الغابر وكذا مسجد القرية الذي بني منذ ازيد من سبعة قرون ورمم في سنة 1890.

 ويقول غربي عبد القادر رئيس الجمعية الثقافية بصائر الكاف:" ان سكان القرية يحتفلون بالسنة الجديدة يناير ويطلق عليها راس السنة الفلاحية حيث تبرز فيها عادات وتقاليد المنطقة والتعريف بلهجة الاجداد الشلحية التي كانت تكتب باللغة العربية ويوجد لدينا الوثائق التي تثبت ذلك.

ويهذه المناسبة يتوافد الكثير من السياح من داخل وخارج الوطن للمشاركة في هذه الاحتفالات كما ان لجنة من الاتحاد الأوروبي زارت المنطقة واعجبت بها كثيرا.

رغم أن القرية تعيش عزلة بسبب المشاكل التنموية كاهتراء الطرق وانعدام الكهرباء ،الا ان هناك رغبة كبيرة لدى سكان القرية للعودة اليها بعد ان هجروها بسبب العشرية السوداء كما ان هناك ارادة قوية للولوج في عالم الاستثمار الفلاحي علما ان القرية تزخر بغطاء نباتي كثيف ابرزها اشجار الزيتون.

قصر المشور قصة أجيال متعاقبة

ان الزائر لولاية تلمسان وجهات ومقاصد كثيرة كلها تستحق الوقوف عليها واكتشافها  ولعل ابرزها المعلم الاثري الشهير قصر المشور، القصر الملكي الزياني الذي يعود للقرن ال13 وسمي بهذا الاسم لانه كان مكانا للشورى والحكم الزياني قبل أن يخلفهم العثمانيون الذين ابقوا القصر على حاله الى غاية فترة الاستعمار الفرنسي اين قاموا بتحويله الى ثكنة عسكرية ،كما تم تدمير نصف القصر وتحويله الى مستوصف عسكري اما المسجد الملكي الخاص بالقلعة فقد تم تحويله الى كنيسة.

وبقى الامر على حاله الى غاية فترة الاستقلال وتحديدا سنه 1992 حيث تم التعرف على ان المستوصف العسكري من بقايا القصر الملكي وفي سنة 2008 بدات الحفريات في هذا المكان حيث تم اكتشاف المخطط العام للقصر والصحن وبقايا الزليج والزخارف وهو ماساعد في اعادة بنائه وتهيئته و هو الان يشبه الى حد كبير قصر الحمراء بغرناطة.

وتقول الدكتورة سميرة امبوعزة محافظة التراث بالمركز التفسيري للباس التقليدي" ان مركز اللباس التقليدي المتواجد على مستوى القصر هو الاول على المستوى العربي وتم انشاؤه سنة 2013 على اثر تسجيل لباس الشدة التلمساني كلباس عالمي محفوظ من طرف منظمة الينوسكو وهو يعمل اليوم على بحث وتقنين التراث اللامادي كما أنه مركز للبحث واعطاء تفسيرات عن كل لباس تقليدي".

وبعيدا عن قصر المشور هناك هضبة لالة ستي الشهيرة حيث الهواء العليل والسكينة ،كما ان شلالات لوريط لامناص من زيارتها ،حيث تدفق المياه من أعالي الجبال واذا امعنت النظر جيدا رأيت في أعلى الشلال جسرا تاريخيا في منتهى الروعة وقد بني على نمطه برج ايفل الشهير لان ايفل نفسه من بنى هذا الجسر الرائع.

وتبقى المعالم السياحية في تلمسان شامخة ومتعددة وتعطي للزائر نكهة بعبق التاريخ وتسحرك بجمالها فلا تتواني ابدا في زيارتها مرارا وتكرارا.

المصدر: موقع الاذاعة الجزائرية / توفيق بوسكين

 

الجزائر, مجتمع