الجزائر تثبت للعالم تبنيها المطلق لمبدئها العقائدي في تجريم دفع الفدية و عدم تقديم تنازلات للإرهابيين

الدبلوماسيان الجزائريان لدى لقائهما بالوزير الاول ووزير الخارجية

لا شك أن تحرير اخر رهينتين جزائريتين كانتا محتجزتين لدى مجموعة إرهابية بمالي يضاف إلى سجل الجزائر من حيث الانجازات وهي التي ما فتئت تتذكر انجازاتها بمناسبة خمسينية الدبلوماسية الجزائرية،لكن الاهم من ذلك هو ترسيم مبدئها العقائدي في عدم الرضوخ لمطالب الارهابيين بدفع الفدية مقابل تحرير الرهائن وهو في حد ذاته إنجاز اخر يشهد لها عبر التاريخ وهي التي تقود قاطرة محاربة الارهاب ضمن المنظومة الدولية

لقد عملت الجزائر في السنوات الاخيرة على تحسيس المجتمع الدولي حول محاربة دفع الفدية التي تطلبها الجماعات الارهابية مقابل اطلاق سراح الرهائن وفي اطار هذه المكافحة دعت الجزائر الى تجريم دفع الفدية قصد استكمال الجهاز القانوني الدولي ضد هذه الظاهرة.

وبالموازاة مع ذلك افضت جهود الجزائر ضمن المنتدى الشامل لمكافحة الارهاب الى المصادقة على مذكرة الجزائر التي تتضمن الممارسات الحسنة في مجال الوقاية ضد عمليات الاختطاف مقابل الفدية.
  
وكان و رمطان لعمامرة قد صرح مؤخرا في حديث صحفي ان الجزائر تعتزم مواصلة جهودها بالتنسيق مع شركائها من اجل مباشرة في اقرب الاجال مفاوضات جديدة بمنظمة الامم المتحدة حول المصادقة على ادوات واليات تسمح بالذهاب الى ابعد مما تم اكتسابه في لائحة مجلس الامن رقم 1904.

واشار لعمامرة الذي اعتبر ان الفدية لا تشكل سوى جزء من اشكالية تمويل الارهاب الى ان ارتباط الارهاب بتهريب المخدرات والاشكال الاخرى للجريمة المنظمة العابرة للحدود يدر بدون شك مصادر مالية اكبر.

وأكد في السياق ذاته أنه من المهم ان يتبنى التعاون الدولي في مجال مكافحة الارهاب "تصورا شاملا" لإشكالية تمويل الارهاب.

وفي الصدد يرى المحلل السياسي محمد طايبي أن الإفراج عن أخر رهينتين مختطفتين بشمال مالي اليوم يترجم الصبر والمواكبة الذي تحلت به الدبلوماسية الجزائرية وكل مصالح الدولة وجهودها من أجل تحرير الرهائن دون التخلي في مبادئها في التعامل مع الإرهابيين. ويضف قائلا " راية الجزائر رفعت ومنهجها وفي التعامل مع الأزمة في مالي قد سيثمر وينجز أشياء مستقبلية وهذا ما نفتخر به كمواطنين ، وأيضا نثمنه كنخب في هذه البلاد".
من جانبه أعرب وزير الشؤون الخارجية و الاندماج والتعاون الدولي المالي عبدولاي ديوب اليوم الأحد بالجزائر العاصمة عن ارتياحه لتحرير أمس السبت الرهائن الجزائريين الذين كانوا محتجزين في شمال مالي.
و صرح  ديوب عقب المحادثات التي أجراها مع وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة قائلا "أغتنم هذه الفرصة لأعرب عن ارتياحي لتحرير الدبلوماسيين الجزائريين الذين كانوا محتجزين في شمال مالي و أود الترحم على أرواح الذين توفوا جراء حادثة الاختطاف الأليمة"

 من جهته أكد وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية و التعاون الإقليمي لبوركينا فاسو جبريل باسولي هذا الأحد بالجزائر العاصمة بأن حركية الدبلوماسية الجزائرية سمحت بتحرير الدبلوماسيين الجزائريين الذين تم اختطافهم واحتجازهم كرهائن في مالي.

و صرح باسولي لدى وصوله إلى مطار هواري بومدين الدولي أن "دينامية الدبلوماسية الجزائرية سمحت بإنهاء أزمة الرهائن الجزائريين بغاو. أهنئ السلطات الجزائرية العليا على تمكنها من إنهاء أزمة الرهائن التي تأسفنا لها جميعا".

و قدم باسولي المتواجد بالجزائر للمشاركة في المرحلة الثانية من الحوار المالي الشامل التي ستنطلق غدا الاثنين  تعازيه لعائلتي الرهينتين المتوفيتين.

         
2012 ... الجزائر ترفض مساومات الارهابيين وتراهن على حنكة دبلوماسيتها

لقد سجل العالم  رفض الجزائر العرض الذي تقدمت به جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، لتحرير الدبلوماسيين الجزائريين المختطفين بمالي منذ شهر أفريل 2012، مقابل الإفراج عن ثلاثة إرهابيين مسجونين بالجزائر.
وأوضح كمال رزاق بارة مستشار الرئاسة المكلف بشؤون الإرهاب وحقوق الإنسان إذ ذاك أنّ الجزائر "لن تتنازل أمام مطالب الإرهاب كما أنّ موقفها سيكون "جد حازم" بخصوص دفع الفدية للجماعات المسلحة، فيما يتعلق بقضايا الاختطاف.
وقال بارة، في تصريح له، على هامش انعقاد أعمال الاجتماع الثاني لمجموعة العمل الإقليمية حول تعزيز قدرات "مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، أنّ مذكرة الجزائر تتضمن إلى جانب رفض دفع الفدية "للإرهابيين" عدم تقديم أي تنازلات سياسية "للجماعات الإرهابية".
وأشار في كلمته أمام الجلسة - التي انعقدت ضمن المنتدى الشامل لمكافحة الإرهاب والذي يضم 28 بلدا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى ما أسماه "أفرقنة الإرهاب" وارتباطه بتهريب المخدرات في ظل المعطيات الجديدة التي تميّز المنطقة.
 

 

في تصريحه عقب لقائه الدبلوماسيين ، أكد عبد المالك سلال أن جهود الدبلوماسية الجزائرية التي بذلت في سبيل تحرير الرهينتين كانت تحت أعين رئيس الجمهورية شخصيا وأن الاخير تابع الملف عن كثب منذ الاعلان عن عملية الاختطاف

 

تبني المجتمع الدولي لمقاربة الجزائر ..

إثر ذلك أشار مجلس الامن ايضا الى أن المنتدى العالمي لمكافحة الارهاب الذي أسس سنة 2011 بنيويورك والتي تعد الجزائر احد اعضائه المؤسسين "كان قد صادق على مذكرة الجزائر حول الممارسات الحسنة في مجال "الوقاية من الاختطافات من أجل طلب الفدية للجماعات الإرهابية والقضاء على المزايا المنجرة عن ذلك".

ودعا المديرية التنفيذية لمجلس مكافحة الارهاب الى اخذ مذكرة الجزائر بعين الاعتبار. ويكمن الجديد الذي اتت به هذه اللائحة في كون مجلس الامن طلب لأول مرة من كل الدول الاعضاء تشجيع "شركاء القطاع الخاص" أي المؤسسات الخاصة على تبني أو احترام الخطوط الرئيسية والممارسات الحسنة اللازمة للوقاية من عمليات الاختطاف أو مواجهتها دون دفع فدية.

وحسب الملاحظين يعد هذا الطلب هاما لكون حكومات الدول المتعودة على دفع الفدية من أجل تحرير رعاياها لا تلتزم ببنود الاتفاقيات الدولية بحيث تكلف المؤسسات الخاصة بدفع مبالغ الفدية.

تفويض عربي لمقترح تجريم دفع الفدية و دعوة لتقفي أثر الجزائر

ومن جانبهم أكد وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماعات دورتهم العادية الـ134 رفضهم كل أشكال الابتزاز من قبل الجماعات الإرهابية مثل دفع الفدية التي تستخدمها لتمويل أنشطتها الإجرامية.

وتبنى وزراء الخارجية العرب في دورتهم العادية بالقاهرة ضمن بند الإرهاب الدولي وسبل مكافحته اقتراح الجزائر القاضي برفض كل أشكال الابتزاز من قبل الجماعات الإرهابية بالتهديد أو قتل الرهائن أو طلب فدية لتمويل جرائمها الإرهابية.

ودعا الوزراء الدول العربية التي لم تصادق على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب إلى المصادقة عليها مجددين تأكيدهم على إدانة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره ومهما كانت دوافعه ومبرراته وضرورة التفريق بين الإرهاب والمقاومة المشروعة ضد الاحتلال وعدم اعتبار العمل المقاوم عملا إرهابيا مع الأخذ بالاعتبار أن قتل الأبرياء لا تقره الشرائع السماوية ولا المواثيق الدولية.

ترسيم مبدأ محاربة الارهاب بتجفيف مصادر تمويله .. أو الصبغة القانونية للمطلب الجزائري

إلى ذلك، دعا مجلس الأمن الدولي خلال مصادقته على لائحة تحث الدول على وقف دفع الفدية للجماعات الارهابية مقابل اطلاق سراح الرهائن إلى "التفكير في وسائل منع الارهابيين من الاستفادة بشكل مباشر او غير مباشر من عمليات الاختطاف هذه" والعمل على أن يحرر الرهائن سالمين.

وفي الصدد دعا  المجلس الذي ابدى انشغاله لتضاعف عمليات اختطاف الرهائن من قبل الجماعات الارهابية قصد الحصول على أموال أو تنازلات سياسية للمصادقة على مذكرة الجزائر حول الممارسات الحسنة في مجال الوقاية من عمليات الاختطاف مقابل الفدية.

وأكد بهذا الصدد أن مبالغ الفدية التي تدفع للارهابيين تمول عمليات اختطاف الرهائن المستقبلية مضاعفة بذلك عدد الضحايا.

هذا وقد اشار مجلس الامن من جديد الى القرار المتضمن في لائحته 1373 (2001) والذي ينص على أنه يجب على كل دولة أن تمنع مواطنيها أو أي شخص أو كيان يوجد على اراضيها وضع أموال بشكل مباشر أو غير مباشر تحت تصرف أشخاص ترتكب أو تحاول ارتكاب أعمال ارهابية.

 

المصدر : مــــوقع الإذاعة الجزائرية / مــــحرز مـــرابط

 

الجزائر