يحتفي العالم العربي هذا الخميس باليوم العالمي للغة العربية، الذي يتزامن مع 18 ديسمبر من كل سنة، وقد تم اختيار الحرف العربي كمحور رئيسي لهذا العام وفق ما قررته الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية "أرابيا" التابعة لليونسكو في اجتماعها الأخير الذي نظم في مقر المنظمة بباريس بتاريخ 9 سبتمبر الفارط.
وفي سياق متصل كان رئيس الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية "أرابيا" السفير المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى اليونسكو الدكتور زياد الدريس قد اكد أن قرار الهيئة جاء بالتنسيق مع مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية الذي اقترح على الهيئة الدولية أن يكون الحرف العربي العنوان الرئيسي للاحتفاء باللغة العربية في يومها العالمي القادم 18 ديسمبر 2014م و ذلك لما يمثله الحرف العربي من قيمة في الرمز للغة العربية المحتفى بها. و ما يمثله كذلك من حضور لافت على مستوى الثقافات و الحضارة البشرية بوصفه أحد الصور التي تجاوزت الرسم التواصلي الى الأعمال الفنية و الابداعية.
و أضاف الدكتور الدريس أن الاحتفاء بالحرف العربي يكرس إعادة لفت الانتباه الى أهميته و جماله و استحضاراً لقيمته العالية التي تمثل ما يشبه الاتفاق الجمعي العالمي على مكانته في الحضارة البشرية، حيث سيشارك في الندوات المخصصة لهذا الموضوع عدد من الخبراء اللغويين مع جمهرة الكتاب والباحثين والدبلوماسيين و الإعلامين والعاملين في اليونسكو، كما سينظم معرض للخط العربي على هامش الاحتفالية يشارك فيه عدد من الخطاطين من مناطق جغرافية متنوعة.
و دعا رئيس الهيئة الاستشارية المؤسسات والهيئات الثقافية والتعليمية والإعلامية في العالم العربي إلى حشد الطاقات للتحضير لهذه المناسبة بما يليق بمكانة اللغة العربية ومدلولاتها الحضارية.
ومن جهتها أكدت المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا، في رسالة لها تم نشرها على موقع منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، ان " التاريخ يشهد على الدور الذي اضطلعت به اللغة العربية منذ القِدم في تداول المعارف بين الثقافات المختلفة وعلى مرّ العصور، من الفلسفة إلى الطب ومن الفلك إلى الرياضيات. وقد أوجدت اللغة العربية فناً فريداً هو فن الخط، الذي يجري تكريمه هذا العام من خلال أعمال العديد من الفنانين، بمن فيهم الخطاط البارز والمعلم الكبير عبد الغني العاني، وريث مدرسة بغداد، والفائز بجائزة اليونسكو ،الشارقة للثقافة العربية في عام 2009" مضيفة " وتمثل قوة اللغة العربية أيضاً المادة الحيّة للعديد من التقاليد والفنون الشعبية المدرجة في قائمة التراث الثقافي غير المادي، ومنها: الزجل، وهو شعر يُلقى أو يُغنى بلبنان، والأرغان، أي الممارسات والدراية المرتبطة بشجرة الأرغان بالمغرب، والعيّالة، وهو فن أداء تقليدي بسلطنة عمان وبالإمارات العربية المتحدة، وطقوس ومراسم الاحتفال بعيد السبيبة في واحة جانت بالجزائر. وتبيّن كل هذه التقاليد مدى ارتباط هويات الشعوب باللغة. ويمكننا أن ننهل من جمال اللغة العربية اللامحدود كنوز الحكمة والاحترام والسلام، المناهضة للتعصب والكراهية".
كما نوهت المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا بالدور الذي تمثله اللغة العربية قائلة" تمثل اللغة العربية أيضاً رمز الوحدة في التنوع، حيث تتعايش اللغة الفصحى، التي يستخدمها ما يقرب من مليار مسلم في جميع أنحاء العالم، مع العديد من اللهجات التي يتحدث بها ما يقرب من مئتي مليون شخص. ومن خلال إقامة روابط ثقافية وتضامنية عبر الحدود، يتيح تعزيز اللغة العربية لملايين من الرجال والنساء إسماع أصواتهم والمشاركة على قدم المساواة في بناء مجتمعات أكثر عدلاً وأكثر شمولاً واستدامة. وهذه هي روح "برنامج عبد الله بن عبد العزيز الدولي لثقافة السلام والحوار"، الذي يرمي إلى إزالة الصور النمطية الثقافية والدينية والجنسانية من المناهج الدراسية ومواد التعلّم. وهذا هو مغزى عمل رابطة "اقرأ" الجزائرية، التي نالت جائزة اليونسكو - الملك سيجونغ عن برنامجها الذي يتناول "محو أمية النساء وتدريبهن وإدماجهن".
كما أشارت إلى "ويمثل الكلام والكتابة والغناء باللغة العربية أساليب للاحتفال بتنوعنا الإبداعي. وإنني لأدعو في هذا اليوم جميع الدول الأعضاء، سواء أكان مواطنوها ناطقين بالعربية أم لا، إلى حمل رسالة التعدد اللغوي هذه كقوة دافعة نحو التفاهم وبناء السلام."
يذكر أن المجلس التنفيذي لليونسكو قد قرر في دورته 190 في أكتوبر 2012 تكريس يوم الثامن عشر ديسمبر للاحتفال باليوم العالمي للغة العربية وجاء اختيار 18 ديسمبر لأنه اليوم الذي أقرت به الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1973 اعتبار اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية لها و لكافة المنظمات الدولية المنضوية تحتها.
الجدير بالذكر أن خطة تنمية الثقافة العربية "أرابيا" التي أنشأتها اليونسكو عام 1999 تهدف إلى "توفير إطار يمكن فيه للبلدان العربية تنمية تراثها الثقافي، بحيث يصان الماضي مع التركيز بوجه خاص على المستقبل، ويفتح العالم العربي على التأثيرات والتكنولوجيات الجديدة مع الحفاظ على سلامة التراث العربي.
المصدر: موقع الإذاعة الجزائرية