تقدم في مجال حقوق الإنسان بالجزائر و مقترحات لمعالجة النقائص

سجلت اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان و حمايتها في تقريرها لسنة 2014 "تقدما" في مجال حقوق الإنسان بالجزائر غير أنها أبرزت أيضا وجود عدة نقائص قدمت بشأنها توصيات و مقترحات.

و جاء في التقرير ان حقوق الانسان في الجزائر "سجلت كثيرا من التقدم" مقارنة بالسنوات الماضية مس بالاساس الحقوق الاجتماعية خاصة في قطاع السكن و الصحة غير انها اعتبرت "سوء التسيير أسوأ حلقة" خاصة في قطاع الصحة رغم الاصلاحات التي عرفها.

واكد التقرير على اهمية التكريس الفعلي لعدد من المبادئ منها تعزيز دولة القانون و اعادة تنظيم المجتمع المدني لضمان عمل الجمعيات في شفافية و في ظل احترام القانون و تشجيع تسييرها الديمقراطي وتجنيب التسييس بتشجيع المهنية.

كما دعت الى اشراك الجمعيات في اتخاذ القرار على الصعيدين المحلي و الوطني.

العنف ضد النساء

و عن حالات العنف ضد النساء بالجزائر نوهت اللجنة باعتراف السلطات بالنساء ضحايا الاغتصاب من طرف الارهاب و بصدور سنة 2014 مرسوما تنفيذيا متعلقا بتعويض الاشخاص الذين تعرضوا لاضرار بدنية او مادية تبعا لاعمال ارهابية او حوادث جرت في اطار مكافحة الارهاب و كذا ذوي حقوقهم.

كما نوهت بتعديل قانون العقوبات من اجل تعزيز مكافحة العنف ضد النساء الذي كان مشروعا حين كتابة التقرير وكذا بتاسيس صندوق نفقة خاص بالنساء المطلقات اللواتي تكفلن اطفالا.

و اوصت اللجنة بتوسيع مفهوم العنف الزوجي ليشمل الجانب الخاص بالعنف المنزلي (اي العنف ضد الام و البنت و الزوجة) و اعتماد قانون اطار يسمح بمعالجة خصوصيات العنف ضد المراة كمنحها تعويضات وعناية واستحداث تعريف للاغتصاب و وضع رقم اخضر مخصص لضحايا العنف من اجل التبليغ.

قطاع العدالة

و بشأن قطاع العدالة دعت اللجنة الى التوقف عن اللجوء المفرط الى الحبس الاحتياطي الذي يؤدي الى اثار سلبية على حياة المتقاضي و يضر بمبدا قرينة البراءة.

و شدد التقرير على استقلالية العدالة و القضاء التي تمثل حسبه "شرطا جوهريا لاحلال الديمقراطية الحقة و ارساء دولة قانون من شانها وضع حد لديمقراطية الواجهة".

و تطرق التقرير الى انتشار ظاهرة المخدرات داعيا الى مراجعة القانون المتعلق بالوقاية منها و مكافحتها لانه "ياخذ الشباب كرهينة" بدل تقديم المساعدة لهم ويرى انه "من غير المعقول" وضع شاب في السجن بمجرد حيازته كمية صغيرة من المخدرات.

الحقوق الاجتماعية

و في الجانب الاقتصادي و الاجتماعي دعت اللجنة السلطات المختصة للقيام بدراسات من اجل تقييم الفروقات في مجال الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية بين الشمال والجنوب الجزائري خاصة الحق في التنمية و العمل بغرض تعديل و تكملة كافة السياسات العمومية المستقبلية من أجل تقليص التباينات المسجلة.

و في هذا الصدد دعت الحكومة الى استغلال القطاعات الاقتصادية الواعدة وذات الامكانيات الكبيرة في التنمية مثل الزراعة و الطاقات المتجددة بغية تقليص الفروقات في التنمية.

و اعتبرت ان اي مبادرة لاستغلال الغاز غير التقليدي ينبغي ان تكون محل "توافق وطني" و ان تتم بالتشاور مع السكان و المجتمع المدني لا سيما بالمناطق المعنية مباشرة. واذا حصل توافق على استغلالها يجب ان تستفيد تلك المناطق منه.

وعلى صعيد آخر اعتبرت اللجنة ان سياسات التشغيل لم تركز الجهود على خلق مناصب الشغل  مسجلة "تناقضات" بين المعطيات الادارية و الاحصائية للتحقيقات حول اليد العاملة التي اعدها الديوان الوطني للاحصائيات.

و قالت ايضا ان السكن لا يزال "الشغل الاول" للمواطن رغم الموارد الهامة التي تسخرها الدولة في برامج بناء السكنات داعية الى التكفل بالاشخاص المحتاجين فقط وفقا لترتيب اولوي و وضع آلية مراقبة و تسيير حسن و ايجاد شروط لخلق سوق حقيقي للعقار و تنظيم سوق الايجار.

مكافحة الفساد

وتطرق التقرير الى ظاهرة الفساد حيث لاحظ انه "ينخر اقتصاد البلاد و يكبح نموه" لافتة ان الجزائر "تبدو البلد الاقل تجهيزا" قبل ان تدعو الى اشراك الجميع بشكل فعلي في معركة مكافحته.

و اقترح ان تكون التقارير السنوية التي يصدرها مجلس المحاسبة محل ترويج اعلامي كبير من اجل رفع دعاوي فورية للتصويب و المتابعة و الالزام.

كما اوصى بالتطبيق الفعلي للتشريع الذي يفرض على المسؤولين التصريح بممتلكاتهم من اجل الوصول الى شفافية افضل للحياة السياسية و الادارية.

كما تطرق الى التهريب الضريبي الذي قال بانه "يمس قسطا كبيرا من الاقتصاد الوطني الذي يقوضه اقتصاد مواز يعرف تداول مبالغ هائلة و لا يخضع تماما للضرائب".

احداث غرداية

و في الاخير ترى اللجنة ان الاحداث التي عرفتها غرداية في السنوات الاخيرة "ذات طابع اجتماعي" لا سيما في مسالة الحصول على الملكية و السكن و العلاج و ليست لها علاقة بحقوق الانسان و ليست ذات منشأ ديني او ايديولوجي داعيا الى حوار "اخوي مستعجل"  واصفا الاحداث ب"الخطيرة التي قد تمس بالوحدة الوطنية".