صادق اعضاء مجلس الامة هذا الثلاثاء بالأغلبية على قانون النقد و القرض المعدل لقانون 2003 و الذي سيسمح للخزينة العمومية من الاقتراض المباشر من البنك المركزي.
و من بين 83 عضوا حضروا جلسة التصويت-التي تراسها عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الامة- اضافة الى 41 تصويتا بالوكالة صوت 120 برلمانيا بـ"نعم" و 4 (ممثلين لجبهة القوى الاشتراكية) بـ"لا".
و يتمم القانون الجديد الأمر 03-11 المؤرخ في 27 جمادى الثانية عام 1424 الموافق ل26 أغسطس 2003 المتعلق بالقرض و النقد بغرض إدراج أداة جديدة للتمويل تعرف ب"التمويل غير التقليدي" أو "التسهيلة الكمية".
ويرخص هذا القانون لبنك الجزائر بصفة استثنائية وخلال فترة خمس سنوات كحد اقصى للقيام بالشراء المباشر للسندات الصادرة عن الخزينة قصد تغطية حاجيات تمويل الخزينة وتمويل تسديد الدين العمومي الداخلي, والسماح للخزينة عند الحاجة بتزويد الصندوق الوطني للاستثمار بموارد في إطار مساهمات الدولة في الاستثمارات أو التمويلات طويلة المدى لبرامج الاستثمار العمومي.
وتهدف الحكومة من خلال استحداث هذه الأداة لمنع العودة إلى المديونية الخارجية.
و كان اعضاء المجلس الشعبي الوطني قد صادقوا على نص القانون الاحد الماضي.
راوية: انخفاض سعر البترول قيد الخزينة العمومية ماليا
وكان وزير المالية أكد خلال عرضه لمشروع القانون المتمم للأمر المتعلق بالقرض والنقد في الجلسة العلنية بمجلس الأمة أن سعر البرميل الواحد من البترول خسر ما قيمته 58 دولار للبرميل خلال الفترة الممتدة من ماي 2014 الى جويلية 2017 ما أدى إلى تقلص موارد البلاد من العملة الصعبة وتقييد الخزينة العمومية ماليا.
وأوضح الوزير أن متوسط سعر برميل النفط الذي يسمح بتحقيق توازن في الميزانية العمومية خلال السنة الجارية هو 70 دولار في حين أن سعر البرميل حاليا لا يتجاوز 60 دولار.
وتراجعت قيمة الصادرات الجزائرية من المحروقات من 3ر60 مليار دولار في 2014 إلى 7ر18 مليار دولار خلال السبعة اشهر الأولى من 2017, في حين ينتظر أن تصل قيمة صادرات المحروقات مع نهاية 2017 إلى 31 مليار دولار.
هذه الوضعية أدت- حسب الوزير- إلى تعرض الخزينة العمومية لقيود قوية بفعل تقلص الموارد المالية واستنفاذ المدخرات العمومية , مما يلزم الحكومة باللجوء إلى آلية التمويل الداخلي أو التمويل المزدوج الداخلي والخارجي.
وأوضح الوزير في هذا الإطار أن اعتماد التمويل الخارجي والذي استعمل كأداة خلال التسعينات خلف آثار كبيرة وخدمة دين لا تطاق أدت الى اختلال ميزان المدفوعات.
وعليه تابع الوزير:" أمام هذه الوضعية , فإنه لا مناص من تغطية العجز الميزاناتي وذلك باللجوء إلى صيغة التمويل الداخلي ", مبرزا أن التمويل غير التقليدي يعد من أنماط التمويل الداخلي الذي يسمح بمواجهة الاختلالات الظرفية في التوازنات المالية.
وسترفق هذه الآلية حسبه- بإصلاحات هيكلية اقتصادية وميزانياتية من اجل استعادة توازنات الخزينة العمومية وتلك المتعلقة بميزان المدفوعات عند نهاية الخمسة سنوات المقررة.
وبالنسبة للإصلاحات المالية التي شرع فيها منذ سنوات كشف الوزير أن العمليات المنجزة والتي بدأت تعطي ثمارها في الميدان ستتوج بتقديم مشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية الذي هو قيد الدراسة على مستوى الأمانة العامة للحكومة من أجل الاثراء بمشاركة باقي الدوائر الوزارية.
وحسب راوية فإن الإصلاحات في مجال عصرنة النظم المالية والمصرفية والجهود المبذولة لعصرنة النظام الميزانياتي "بدأت تعطي ثمارها رغم استغراقها مدة من الزمن كون أي عملية إصلاحية تتطلب وقتا لتحقيق الأهداف".
وكانت الحكومة قد لجأت إلى جملة من الأدوات النقدية لتغطية العجز سنتي 2016 و2017 نجم عنها استفادة الخزينة العمومية من تسبيقات قدمها بنك الجزائر سقفت بـ 10 بالمائة من الإيرادات العادية وقدرت بـ 276 مليار دينار في 2016 و 280 مليار دينار في 2017 .
كما بلغت فوائد بنك الجزائر التي دفعت للخزينة العمومية 610 مليار دينار في 2016 و 919 مليار دينار في 2017.
وحسب الوزير فقد بلغ عائد القرض الوطني للنمو الاقتصادي 560 مليار دينار, الأمر الذي مثل تدفق مالي إضافي للبنوك.
كما أشار الوزير إلى تخفيض الاحتياطات الإجبارية من 8 في المائة سنة 2016 إلى 4 في المائة ابتداءً من أوت 2017 الأمر الذي سمح بضخ قدر اكبر من السيولة في السوق.
وتم في هذا الصدد إطلاق برنامج طموح للاستثمار العمومي لضمان نمو اقتصادي واجتماعي مستقر, حيث ارتفعت نفقات الاستثمار العمومي من 6ر10 في المائة سنة 2006 إلى 16 في المائة في 2016.
وبالمقابل تميزت نفقات التجهيز بزيادة سنوية بلغت 12 في المائة ما بين 2006 و2016, تضاف الى المنحى التصاعدي لنفقات التسيير والتي تشكل 80 في المائة منها أجور الموظفين, وهذا بهدف تحسين القدرة الشرائية للمواطنين وتحسين دخل العمل , يتابع الوزير.
كما أبرز الوزير أن الجباية البترولية المحصلة من يناير إلى غاية نهاية جوان 2017 بلغت ما مقداره 1.100 مليار دينار.
وبخصوص احتياطات الصرف التي بلغت 8ر105 مليار دولار مع نهاية جوان الفارط يقول راوية يمكن ان تتقلص لتصل إلى 97 مليار دولار مع نهاية 2017.
إلى جانب ذلك قال الوزير أن ودائع صندوق ضبط الإيرادات استنفذت بالكامل في فيفري 2017 بعد أن غطى 8.800 مليار دينار من عجز الخزينة في 2014 و 2015 و 2016.
واقترح الوزير جملة من الإصلاحات لتخطي هذه الوضعية المالية , من خلال وضع إطار للنفقات على المدى المتوسط وإصلاح القطاع المصرفي من خلال عدة إجراءات منها تعميم وسائل الدفع الالكتروني وإدخال الإعلام الآلي في التعاملات.
وحسب راوية فإن فتح فروع للبنوك الوطنية في الخارج من أجل تعبئة العملة الصعبة يحتاج الى الدراسة والتمعن قبل تبني الصيغة الملائمة, مشيرا إلى أن الحكومة تعمل على ذلك من خلال مخطط عملها.
كما أكد راوية أن قانون النقد والقرض الساري المفعول لا يتعارض مع تداول المنتجات المالية الإسلامية, التي ينتظر أن تعرض خدماتها في السوق وتؤطر بصرامة.
وستعرف المصالح الجبائية أيضا عصرنة لإجراءات تسييرها وفق الوزير- من خلال نظم حديثة للإعلام الآلي وتبسيط الإجراءات.