أكد وزير الشؤون الخارجية، عبد القادر مساهل، هذا الثلاثاء بباريس أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وضع منذ انتخابه سنة 1999 استراتيجية شاملة تهدف إلى الحد "نهائيا" من الإرهاب و مصالحة أمة "مجروحة".
و صرح السيد مساهل في كلمة ألقاها بمناسبة "اليوم العالمي للعيش معا في سلام" أمام المشاركين في الدورة الـ 204 للمجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية و التعليم و الثقافة (يونسكو) أن "(...) رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، باشر منذ انتخابه سنة 1999, في وضع استراتيجية شاملة تهدف في آن واحد إلى وضع حد نهائي للإرهاب و مصالحة أمة مجروحة".
يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد صادقت على اللائحة 72/130 بمبادرة من الجزائر تقر خلالها يوم 16 ماي من كل سنة يوما عالميا للعيش معا في سلام.
و ذكر الوزير في هذا السياق بـ"خطاب الرئيس بوتفليقة التاريخي المتميز بالإنسانية و التسامح" الذي ألقاه في اليونسكو منذ ثلاثة عشر سنة أثناء ندوة حول الحوار بين الحضارات.
و قال السيد مساهل "في الوقت الذي كان أصحاب الأفكار التشاؤمية يسعون إلى اعتماد نظرية نزاع وشيك بين الحضارة الغربية و الحضارة الإسلامية و يتوقعون نهاية التاريخ, فضل رئيس الجمهورية تصور عالم يسير بخطى ثابتة نحو السعادة علما ّأن هذه السعادة حلمنا جميعا تعتمد على قدرتنا على تفهم الآخر و قبوله بكل ما فيه من تنوع يمكن أن يخدم البشرية و يشكل مصدر رقي للإنسانية جمعاء".
و أوضح الوزير أن "هذه هي نظرة مجتمع متسامح و متفتح متأصل في تاريخه و في نفس الوقت متجه نحو الحداثة التي أراد الرئيس أن يجعلها حقيقة في الجزائر, هدف صعب تحقيقه و الجزائر قد بدأت للتو في الخروج من مأساة خلفت لها الكثير من الجراح".
و أبرز السيد مساهل أنه خلال العشرية السوداء "كان لا بد من مواجهة الإرهاب البشع دون مبالاة المجتمع الدولي, الإرهاب الذي كان هدفه الوحيد تحطيم الدولة و مؤسساتها حيث ارتكب أسوء الأعمال الهمجية ضد السكان و استهدف النساء على سبيل الأولوية و المفكرين و أعوان الدولة و هدم المنشآت و المدارس و البنايات العمومية و حتى محاصيل الفلاحين".
و قال الوزير, إن "التجربة التي عاشها وطني الجزائر و مسارها الصعب منذ المأساة التي عرفها منذ ثلاثة عقود زادت من عزيمة الجزائر التي أضحت أقوى من أي وقت مضى و متصالحة مع نفسها و عازمة على طي صفحة الماضي و الدخول في مرحلة جديدة من التاريخ ألا و هي العيش معا في سلام".
و تابع الوزير يقول "لقد هزم الإرهاب بفضل صمود الشعب الجزائري المجند و التفافه حول قوى الأمن بقيادة الجيش الوطني الشعبي و بعد تقديم العديد من التضحيات الجسام", مشيرا إلى أن "هذه الظاهرة البشعة لازالت رهيبة و يمكن لها في أي وقت أن تظهر مجددا و تستأنف عملها القتالي و التخريبي".
"ليس لدينا بديل آخر عن الحوار" لمحاربة الإرهاب
وأكد وزير الشؤون الخارجية أنه "ليس لدينا بديل آخر عن الحوار" لمحاربة الإرهاب، مشيرا إلى أن الانتصار العسكري "ليس غاية في حد ذاته".
وأوضح مساهل أثناء المناقشات في اليونسكو عقب كلمة ألقاها حول اليوم العالمي للعيش معا في سلام حيث عرض خلالها التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب و محاربة التطرف، أنه "ليس لدينا بديل آخر عن الحوار. الانتصار العسكري ليس غاية في حد ذاته و لكن يجب كسب القلوب".
وأشار الوزير إلى أنه "أثناء المأساة التي عاشتها الجزائر خلال العشرية السوداء، فقدنا حوالي 200 ألف من أبنائنا و لكننا نجحنا", مضيفا أنه "توجد دائما حياة بعد الإرهاب و نعيشها اليوم في سلام".
وصرح امساهل أمام العديد من ممثلي البلدان أن الجزائر بلد "توافق و تقارب وجهات النظر"، مذكرا بدور سان أوغستين، رجل السلام الذي ميز الكنيسة و دور الأمير عبد القادر في حماية المسيحيين بسوريا.
من جهة أخرى، أبرز مساهل في إطار سياسة مكافحة الإرهاب ومحاربة التطرف، الجهود المعتبرة المبذولة تجاه المدرسة، مذكرا بمقولة المفكر الكوبي جوزي مارتي الذي قال "من يبني مدارس يربي رجالا".
و أشار يقول " لقد شرعنا بداية من المساجد لأجل اخراج الايديولوجية السياسية من هذه الأماكن وتكوين الائمة في اطار اسلام معتدل لأجل العيش معا وحماية الوحدة الوطنية" مبرزا أن الديمقراطية في الجزائر " ليست تألقا بل خيارا استراتيجيا من أجل محاربة خطاب الاقصاء و التطرف".
و أبى مساهل الا أن يجذب انتباه المشاركين الى الدور "الحاسم" الذي لعبته المرأة الجزائرية في مكافحة الارهاب مشيرا الى أن عائلات ضحايا هذه الأفة و كذا عائلات الارهابيين هي التي طالبت بالمصالحة الوطنية.
و أضاف أنه " ينبغي أن تكون الدولة عادلة تجاه مختلف ضحايا الارهاب" موضحا أنه من أجل الابقاء على العيش معا يجب التوفر على مرجعيات تاريخية و مراجع مرتبطة بالهوية.
و أبرز العديد من المتدخلين الرصيد الجزائري المكتسب في مجال مكافحة الارهاب و الراديكالية و الذي بينت الجزائر من خلاله " نجاعته" لأجل مصالحة أمة.
و في تعبيرهم عن تضامنهم مع الجزائر و دعمهم لها أوصى البعض من المشاركين باستخلاص دروس التسامح و الحوار من خلال التجربة الجزائرية.