أحرز الاتفاق بشأن ادلب كمنطقة منزوعة السلاح، تقدما ملحوظا بعد أن أصبحت المنطقة شبه خالية من السلاح عقب تخلي الجماعات المسلحة عن عتادها، ليشكل خطوة جديدة على طريق انتصار سوريا على الإرهاب.
وتتواصل عملية سحب الأسلحة الثقيلة للمسلحين، من المنطقة المنزوعة السلاح شمال سوريا، وأصبحت المنطقة شبه خالية من هذه الأسلحة، حيث أن في ريفي حماة الشمالي والشمالي الغربي وريف إدلب الجنوبي الشرقي جرى سحب السلاح الثقيل منها بشكل شبه كامل، ولم يعد ظاهراً للعيان أي أسلحة ثقيلة ضمن مناطق سيطرة الجماعات المسلحة والإرهابية، حسب تقارير إعلامية متطابقة.
ويأتي سحب الأسلحة الثقيلة من المسلحين في إطار اتفاق أبرم بين تركيا وروسيا في أواخر الشهر الماضي، بشأن إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح في شمال سوريا، بحيث تشمل المنطقة المنزوعة السلاح مناطق في إدلب، وهي آخر معقل للمسلحين الرئيسيين في سوريا، وكذلك المناطق الريفية المجاورة في محافظات حماة واللاذقية وحلب.
ونجح هذا الاتفاق في تجنيب إدلب هجوما واسعا من قبل الجيش السوري، وساعد على حقن الدماء وهو ما اعتبره الرئيس السوري، بشار الأسد، مكسبا هاما، وخطوة في طريق الانتصار على الإرهاب، من شأنها أن تقلق أعداء سوريا.
وقال الأسد: "ما شهدناه مؤخرا من هستيريا غربية قبل معركة إدلب، نابع من كونها تشكل أمرا مصيريا بالنسبة لهم، لأن انتصار السوريين فيها سيؤدي إلى فشل خططهم إزاء سوريا، وعودتها أخطر مما كانت عليه في وجه مشروعهم في المنطقة، إن كان بشكل "صفقة قرن" أو غيرها من الأشكال، وستشكل نموذجا جديدا لدول المنطقة والعالم ".
وتابع الأسد قائلا: "كلما تقدمنا باتجاه الانتصار سيعمل أعداء سوريا على تكثيف محاولاتهم لاستنزافها عسكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وبالتالي سنكون أمام تحديات داخلية لا تقل خطورة عن الحرب".
اتفاق خفف من معاناة السوريين في المنطقة
وتعد إدلب المعقل الرئيسي الأخير للمسلحين في سوريا، وعلى مدار أكثر من سبع سنوات من الحرب، برزت كوجهة رئيسية ومعقل للمسلحين الفارين من أجزاء أخرى من سوريا من خلال اتفاقات التسوية التي جرت بين الجيش السوري والمسلحين بوساطة روسية، كما تشير تقديرات الحكومة السورية إلى وجود ما يصل إلى 50 ألف مسلح في إدلب.
ومكن الاتفاق من الحد من معاناة المواطنين في سوريا، وبشكل أساسي في إدلب، حيث يتحكم الإرهابيون بحركة السكان المدنيين، ما يخلق ظروفا لا تطاق بالنسبة لهم، لكن بشكل عام سمحت بتهيئة الظروف لتكثيف العملية السياسية.
وأكدت روسيا في هذا الصدد، أن إخراج الأسلحة الثقيلة من المناطق "منزوعة السلاح"، وخروج المجموعات المتطرفة من "إدلب" أمر "ممكن"، في انتظار أن تتسلم الحكومة السورية المنطقة كاملة.
وتعمل تركيا على الفصل بين المعارضة والإرهابيين في إدلب، حيث طلبت قائمة بأسماء المسلحين والأسلحة التي بحوزتهم قبل بدء تنفيذ المنطقة منزوعة السلاح في 15 أكتوبر الجاري في شمال غرب سوريا، وبينما أعلنت جماعات مسلحة موافقتها على تنفيذ الاتفاق، عارضت تلك المرتبطة بتنظيمات إرهابية.
ولا يزال من غير الواضح كيف ستدخل الاتفاقية حيز التنفيذ، بعدما أعلنت بعض الجماعات المرتبطة بالقاعدة رفضها.
وعلى الصعيد السياسي، تواصل كل من روسيا وتركيا وإيران ومبعوث الأمم المتحدة حول سوريا، ستيفان دي ميستورا، المباحثات لإطلاق عمل اللجنة الدستورية حول سوريا في أسرع وقت ممكن، ومن المنتظر أن تعقد جولة الاستشارات الجديدة بجنيف خلال شهر أكتوبر الجاري.
وإلى جانب تشكيل اللجنة الدستورية، تجري مناقشة إجراءات وقواعد لم يتم التوافق عليها بشكل نهائي، حيث أن اللجنة الدستورية حول سوريا لا يمكنها العمل إلى ما لا نهاية، لكن وفي الوقت ذاته، لن تكون هناك أطر زمنية صارمة.
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي مستورا، قد حث أطراف الأزمة السورية على مواصلة التسوية السياسية، مؤكدا استعداده للانخراط في الحوار مع جميع الأطراف في إطار اللجنة الدستورية.
ظروف مواتية لحل نهائي للأزمة السورية
وقال دي مستورا: إن الظروف ملائمة الآن للحل في سوريا، داعيا الأطراف الدولية المهتمة بالشأن السوري إلى المساعدة للدفع بعملية التسوية السياسية للأزمة السورية، كما دعا دول العالم لإرسال مساعدات إنسانية إلى سوريا بلا انقطاع في ظل احترام سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها مع تغليب الحوار على التصعيد عند مواجهة هذه الأوضاع المركبة.
ولا يمكن طرح الحل السياسي دون ضمان عودة اللاجئين، بحسب الحكومة السورية، التي قالت إن ضمان عودة اللاجئين السوريين بصورة آمنة إلى البلاد ضرورية فيما يتعلق بتحقيق أي اتفاق.
وأضافت الحكومة أنه "حوالي ستة ملايين لاجئ سوري موزعين ما بين تركيا والأردن ولبنان، عدا عن اللذين خرجوا إلى الدول الاوربية.. هذه ثروة غير منتجة في الخارج... عودتهم إلى سوريا مطلوبة ولكن تحت ضمانات محددة.. أولا يجب أن يشعر اللاجئ بحرية تنقله، ويجب أن يذهب إلى معيشة آمنة ووظيفة آمنة وسبل عيش محترمة.. هذه الفئة من السكان تشكل أيضا جزءا مهما من نسيج المجتمع السوري..ويجب التفكير فيهم كلهم لأن خط الاتفاق والتسامح يجب أن يمر بكافة منحنيات المجتمع السوري لأجل عودة سوريا إلى مكانة مرضية للجميع".