شدد وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح هذا الثلاثاء على أن تطبيق مبدأ الدفع بعدم دستورية القوانين يجعل من المواطن طرفا فاعلا في ضمان احترام حقوقه الدستورية وعنصرا مساهما في ترقية دولة الحق والقانون.
و في كلمة له خلال الملتقى الدولي حول الدفع بعدم دستورية القوانين الذي يحتضنه على مدار يومين المجلس الدستوري,أكد لوح أن الأحكام الدستورية الجديدة المتصلة بهذه الآلية تمثل "وسيلة بين يدي المواطن لحماية حقوقه و حرياته الأساسية" عبر تمكينه, و بصورة غير مباشرة, من تفعيل إجراءات إخطار المجلس الدستوري, طالما اعتبر أن حكما تشريعيا ينتهك الحقوق و الحريات التي يضمنها الدستور.
وتبرز أهمية هذا الحق الأساسي الجديد في أنه سيساهم في تطهير المنظومة القانونية الوطنية من الأحكام القانونية المخالفة للدستور, حيث "كان من الطبيعي أن يتوج مسار إصلاح قطاع العدالة بمثل هذه الخطوة الجريئة و النقلة النوعية التي جعلت الجزائر في مصف الدول ذات التقاليد الدستورية و الديمقراطية العريقة", حسب قوله.
و حرص لوح على الإشارة إلى أن هذه الإجراءات الجديدة التي جاءت تطبيقا للأحكام المنصوص عليها في المادة 188 من الدستور "لم تكن ممكنة لولا الرؤية الإصلاحية الشاملة لرئيس الجمهورية" الذي "جعل من المواطن محورا وغاية للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية و حجر الزاوية في بناء الصرح الديمقراطي ودولة القانون".
كما توقف الوزير عند الجانب التقني في تطبيق هذا المبدأ التشريعي ليؤكد بأنه تم أخذ مسألة عدم تداخل الصلاحيات بين المجلس الدستوري و الجهات القضائية في الحسبان, مذكرا بأن قرارات المجلس الدستوري بعدم دستورية الحكم التشريعي تعتبر ملزمة للجهات القضائية و السلطات العمومية على حد سواء.
يذكر أنه من المقرر أن يدخل القانون العضوي رقم 22-16 المحدد لشروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية والمتضمن لـ 28 مادة حيز التنفيذ في السابع من مارس 2019 و ذلك بعد انقضاء المرحلة الانتقالية لدستور 2016 المحددة بثلاث سنوات, وبالتالي سيجمع المجلس الدستوري بين صلاحيته في النظر في الإخطارات وفي مطابقة القوانين و صلاحية الدفع بعدم الدستورية كمحكمة دستورية.
و تحسبا لذلك, تقرر إدراج مادة الدفع بعدم الدستورية في التكوين القاعدي للقضاة على مستوى المدرسة العليا للقضاء, فضلا عن برمجة عدة دورات للتكوين المستمر للقضاة و كذا عدة لقاءات وورشات عمل في الموضوع بالتنسيق مع المجلس الدستوري يشارك فيها جميع المعنيين بتطبيق الدفع بعدم الدستورية.
مدلسي : الدفع بعدم الدستورية تطهير للمنظومة القانونية من الأحكام التي تمس بالحقوق و الحريات
وأكد رئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي أن تكريس مبدأ الدفع بعدم دستورية القوانين يجسد إرادة المشرع الجزائري في حماية حقوق الإنسان و تطهير المنظومة القانونية من الأحكام التشريعية التي تمس بالحقوق و الحريات.
و خلال افتتاحه لأشغال الملتقى الدولي التكويني حول مبدأ الدفع بعدم دستورية القوانين, أوضح مدلسي أن الغاية من وراء إدراج هذه الآلية القانونية هو "دعم حماية حقوق الإنسان و تعزيز أسس دولة القانون في الجزائر, و هي الحماية التي لا تقتصر على إدراج هذه الحقوق ضمن النصوص فقط ,لأن ضمان فعالية هذه القوانين يقتضي أن تمتد الرقابة الدستورية إلى الجانب التطبيقي و العملي".
و أرجع مدلسي أهمية هذا النص إلى كون عدم دستورية قانون ما "لا تظهر دائما عند إعداده بل تتبين غالبا لدى تطبيقه على أرض الواقع", و هذا بإقرار فقهاء الدستور.
كما ذّكر في ذات الإطار بأن الدفع بعدم دستورية القوانين يعتبر من أهم المستجدات التي تضمنها التعديل الدستوري لسنة 2016 الذي أقر في مادته 188 هذه الآلية القانونية الجديدة التي تخول لكل طرف في النزاع, شخصا طبيعيا كان أو معنويا, حق الاعتراض أمام جهة قضائية على دستورية الحكم التشريعي الذي يتوقف عليه مآل النزاع بدعوى أنه ينتهك الحقوق و الحريات التي يكفلها الدستور.
و في هذا المنحى, صدر القانون العضوي رقم 22-16 المحدد لشروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية الذي تضمن على الخصوص إجراءات تطبيق هذه الآلية أمام قاضي الموضوع و أمام الجهات القضائية العليا و المجلس الدستوري.
و تحسبا لدخول هذا القانون حيز التطبيق شهر مارس المقبل, سيتم تكييف النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري مع هذه الآلية الدستورية الجديدة التي يرى مدلسي بأنها "جاءت في أوانها من أجل إعادة التوازن في تمثيل السلطات الثلاث في تشكيلة المجلس الدستوري''.
و إلى جانب كل ما سبق ذكره, أقر المؤسس الدستوري إصلاحا آخر له علاقة بإخطار المجلس الدستوري, الذي كان و إلى غاية 2016 محصورا في السلطتين التنفيذية والتشريعية ليمتد في ظل التعديل الدستوري الأخير إلى المتقاضين بناء على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة.
و حول الغاية من وراء تبني هذه الطريقة غير المباشرة في الإخطار, أشار مدلسي إلى أن الهدف من ذلك هو "تفادي إغراق المجلس الدستوري بطعون يكون القصد منها المماطلة أو الخداع".
و على صعيد مغاير, رد مدلسي على سؤال يتعلق بالانسداد الذي كان قد شهده المجلس الشعبي الوطني مؤخرا نتيجة سحب أزيد من 350 نائبا الثقة من رئيسه السابق السعيد بوحجة و إقرار حالة الشغور, حيث قال بأنه "لا يمكن للمجلس الدستوري التدخل في أي شأن ما, إلا بتطبيق حرفي للدستور".