شدد الأستاذ في علم اجتماع المعرفة على أن الوضع الحالي للجزائر لا يتطلب أي تأخير أو ارجاء للذهاب نحو الحوار من دون أي اقصاء أو وضع شروط مسبقة مع كل الذين يريدون الحوار ويرغبون في ابقاء الجزائر قوية بأبنائها وبمقوماتها وبمكوناتها .
وقال سعيد عيادي في حوار خص به ملتيمديا الإذاعة الجزائرية إن المرحلة الحالية تعد مرحلة مواتية لفتح كل أبواب الحوار مع كل من يرغب في ذلك ويتوقع اليوم بعد الخطوة التي اتخذها رئيس الدولة عبد القادر بن صالح يوم الـ3جويلية الذهاب نحو طرح وثيقة الحوار والتي تجعل هذه الأخيرة الجميع أمام مسؤولية تاريخية أما إن يساهم ويبدي موقفه من المبادئ الواردة في وثيقة الحوار ، أويطرح شروطه الخاصة حتى يمكن فهمها ومراجعتها وثانيا هو أن هذا الحوار مفتوح للجميع ولا يقصي أحدا وبالتالي لايمكن تصور طرح شروط مسبقة من أي كان".
لأن الدخول في الحوار –يضيف ضيف ملتيمديا الاذاعة –هو دخول يكون من أجل إيجاد تقارب في الرؤى والأفكار وتقارب في بناء المشروع الجديد ،أما المسألة الثالثة فتتمثل في أن يشترط المشترطون في أن تندمج كل الأحزاب دفعة واحدة وهذا ممكن ولكن يتم على أساس تحديد أولويات المشاركة في أي هدف خاصة وأننا نشهد مزيدا من التفرق والتشتت ومن الرفض والتصلب فالظرف الراهن للبلاد سواء السياسي أو الاقتصادي للبلاد لا يسمح أبدا بالذهاب نحو مزيد من التصادم وتأجيل الحوار.
وعلى الذين يريدون وضع شروط مسبقة للحوار الوطني أردف قائلا "يجب أن نقف جميعا على مسافة واحدة من مشروع الحوار ونتنازل عن أي شرط مسبق يعطل هذا المسار فالمبدأ الأساسي تقريب الأفكار والقبول بالجلوس حول طاولة تتوفر على وثيقة الحوار وليساهم الجميع في مناقشة مسألة الانتخابات الرئاسية أو أولوية العسكري على المدني أو صلاحيات الرئيس وصلاحية المجالس الدستورية ونذهب في نهاية المطاف إلى استشارة الشعب على اعتبار انه هو من يقرر مسار الخيارات الكبرى لهذا البلد وعلى الجميع ان يقر بمبدأ سيادة الشعب في اختيار مقومات ومبادئ الدولة الجزائرية السيدة الحرة.
وذكر انه بعد انطلاق الحوار كان من المنتظر اصدار بيان للحوار وعدم اصداره يعني أن القوى التي تريد أن تكسب الحوار لم تتفق على نفس المبادئ وهي تظل إلى اليوم متنافرة ومتباعدة ولو يبقى الشارع ينتظر من هذه القوى التي يتوقع انها تقود حراكه أن تصدر بيانا أو وثيقة للحوار فهذا مجرد وهم لانه الآن بدأ صراع المشاريع والايديولوجيات والمواقف وهذا للأسف على حساب مصلحة الوطن والوحدة ومقومات الدولة الجزائرية على حد تعبيره.
وقال عيادي في السياق ذاته "وبالتالي لما نمضي في الحوار يجب التفكير في قوة الدولة الجزائرية وفي دعم مؤسساتها وفي جعل السلطة تشتغل بالطريقة التي تسمح بضمان الأمن والاستقرار".
الحراك يجب أن يكون عنصر قوة ومشروع الدولة الجزائرية لا يقبل الشك والمراجعة
كما اعتبر الأستاذ في علم الاجتماع أن الحراك يجب ان يكون عنصر قوة تبرز من خلاله تماسك العناصر الثقافية الوطنية وتقارب المشروع السياسي والوعي الكبير لدى الجزائريين بأن مشروع الدولة الجزائرية لا يقبل ابدا المراجعة أو الشك او اعادة النظر فالامر محسوم وتم وضعه ضمن بيان اول نوفمبر 54 بصورة نهائية وهو الذي سارت عليه الجزائر ولقيت كل الاحترام في الوسط العربي والاقليمي والدولي .
لو نذهب إلى مرحلة انتقالية أو تأسيسية كأننا نريد وضع الجزائر في وضعية فنزويلا أو السودان وهذا ما لانتمناه
ويرى عيادي انه لو نذهب إلى مرحلة انتقالية أو تأسيسية كأننا نريد أن نضع الجزائر في وضعية فنزويلا او وضعية السودان ونحن لا نتمني أن تعيش الجزائر هاتين التجربتين ولننظر فقط إلى حجم التدخلات الأجنبية في كليهما بما سيؤدي لاحقا إلى ترك الوضع السياسي الذي هو هش أكثر تفككا وأبعد من أن تلتئم حوله القوى الوطنية.
واسترسل المتحدث في ذات الصدد "إن الجزائر في وضعها الحالي تحتاج إلى مساهمة أبنائها جميعا في اعطائها القوة اللازمة لبقاء المؤسسات مشتغلة كما كانت فالدولة –حسبه- لم تتعرض لاي انهيار والجيش بقي صامدا وقويا وباقي المؤسسات الدستورية الأخرى تشتغل كما كانت تشتغل في السابق فما الداعي للذهاب نحو مجلس تأسيسي وإلى مرحلة انتقالية وإلى وضع دستور جديد للبلد "فبلادنا لم تتعرض للفتنة أو الحرب وماجرى هو فشل الذين استحوذوا على مقاليد الحكم في مشاريعهم والآن مؤسسات الدولة تتكفل بمسؤولية متابعتهم قضائيا ولنترك القضاء يعمل في المجال المخول له دستوريا" .
وعن الشعارات التي تم رفعها منذ بداية الحراك إلى غاية يومنا هذا أوضح ضيف ملتيمديا الإذاعة أن هذا الشعارات تغيرت منذ الجمعة التاسعة فخطابات الجيش الوطني بدأت تتكلم عن الوجود التاريخي والوعي الاجتماعي وأهمية تحديد الصفوف حيث تنبه الجميع إلى أن هذه الشعارات التي ترفع تعبير مباشر عن وجود انتماءات ايديولوجية واستعادة ارتباطات سياسية حيث أصبحنا نرى قوى وطنية تريد الحفاظ على امانة الشهداء وترفع من جديد تبني مبادئ اول نوفمبر.
ولكن بمرور الوقت-يضيف عيادي- برز قطب ديموقراطي يدعو إلى المساواة في الميراث مثلما دعت اليه تونس الشقيقة وحرية المرأة والمثلية.... وأمور أخرى كثيرة لم تكن مطروحة من قبل ووصل الأمر إلى طرح مسألة الهوية والراية بطريقة تدعو للتخوف وهذا أمر خطير في هذه الظروف الراهنة يدفعنا للتساؤل لماذا تم زج هذه المسائل فاللغة والدين والوطن ليست مشكلتنا فوطننا واحد واللغات التي نتحدث بها لغات قائمة ومستمرة منذ قرون لم تتغير.
الشعارات التي رفعت في الحراك مؤخرا هدفها اخراج المجتمع الجزائري من انتمائه التاريخي وادخاله في القبلية وهذا يستحيل حدوثه
وفي معرض تفكيكه لهذه الشعارات من الناحية الانتربولوجية أشار عيادي إلى أمرين اثنين اولا اخراج المجتمع من انتمائه التاريخي إلى اللاانتماء وثانيا اخراج المكونات العامة للمجتمع الجزائري من الأمة إلى القبيلة وهذا أمر مستحيل لان تاريخ الدولة الجزائرية عظيم ويجب أن تجتاز هذه المرحلة بكل عظمة.
وأضاف بالقول " على أولئك الذين يحملون هذه الشعارات ويحاولون ترويجها عليهم أن يفقهوا هم قبل غيرهم بأن مساعيهم يجب أن تتقيد أولا بقراءة انتربولوجية عميقة في تاريخ الامة حتى لا يندموا لاحقا على سوء اختياراتهم التي بنوا عليها مواقفهم، وابتزاز السلطة من خلال إما القبول بالشروط المسبقة أو الحركة الانفصالية وهذا امر غير ممكن لأن مستوى وعي الشعب لن يذهب في هذا الاتجاه أبدا واللعب في هذا الوتر لا يؤدي إلى أي نتيجة.
وأكد في هذا الجانب أن الاحتكام إلى الصندوق هو أكبر شيء يحرجهم لأنه الوحيد الذي يحكم بين الجميع ويعطي التمثيل لعامة المجتمع من دون أي إقصاء.
المصدر:موقع الإذاعة الجزائرية-حنان شارف