أسدى الوزير الأول عبد العزيز جراد ، اليوم الخميس ، باسم رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، وسام "عشير" بعد الوفاة من مصف الاستحقاق الوطني ، لثلاث ضحايا لوباء كورونا من السلك الطبي وهم الأستاذ سي أحمد مهدي والدكتورة بوديسة وفاء و سائق سيارة الإسعاف طالحي جمال، بالإضافة إلى الراحلة عائشة باركي رئيسة جمعية " اقرأ ".
وتم ذلك خلال حفل تكريمي أشرف عليه السيد جراد بقصر الشعب، بحضور المستشارين لدى رئاسة الجمهورية عبد الحفيظ علاهم وعيسى بلخضر وكذا أعضاء من الحكومة، إلى جانب عائلات الضحايا وممثلين عن المجتمع المدني.
الراحلة عائشة باركي نموذج يقتدى به في العمل الجمعوي وخدمة المجتمع
وإثر تسليمه وسام عشير بعد الوفاة لعائلة الراحلة عائشة باركي رئيسة جمعية "اقرأ" لمحو الأمية، ثمن الوزير الأول "الأعمال التي قامت بها الفقيدة على مدار سنوات طويلة في مجال محو الأمية"، مؤكدا أن كل ما قدمته من عمل وطني مشرف هو "نموذج يقتدى به في خدمة المجتمع بكافة شرائحه وأطيافه"، واعتبر أن الإنجازات التي حققتها جمعيتها أهلتها لتكون "نموذجا راقيا في مجال العمل الجمعوي".
ولفت إلى أن الجمعية "أثبتت من خلال تأطيرها لأزيد من 4400 قسم بيداغوجي لمحو الأمية على مستوى 1341 بلدية وتجنيدها لأكثر من 4 آلاف مؤطر، المكانة الراقية التي ينبغي أن تحظى بها منظمات المجتمع المدني الجادة ودورها كشريك فعلي للسلطة العمومية، لا سيما وزارة التربية والديوان الوطني لمحو الأمية وتعليم الكبار، وذلك في وضع الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الأمية وتجسيدها".
وأشار السيد جراد إلى أن هذه الإسهامات مكنت الجزائر من أن تصل اليوم إلى معدل أمية "يقدر ب 71ر8 بالمائة"، وهي النسبة التي كانت بعد الاستقلال "في حدود 85 بالمائة"، مضيفا أن هذا الرقم يعتبر "أحسن ترتيب على مستوى المنطقة".
وبعد أن نوه بدور الجمعية في تمثيل الجزائر وتقاسم تجربتها على المستوى العربي والدولي و نيلها العديد من التكريمات والجوائز الدولية، ذكر الوزير الأول بمعركة التعليم ومحو الأمية التي كانت "من المعارك الأساسية التي خاضتها الجزائر بعد الاستقلال، لتدارك مخلفات الاستدمار الذي سعى إلى طمس الهوية الوطنية والزج بالشعب الجزائري في غياهب الفقر والجهل والتخلف".
كما تم تكريم الراحلة عائشة باركي، "تقديرا لجهودها ونظير ما قدمته من خدمات جليلة دون ملل لخدمة القراءة والكتابة وإكبارا لنضالها في مكافحة الأمية في بلادنا وتنويها لفضائلها التي ستظل لا محالة قدوة لمجتهدين في حقول المعرفة".
عائلات المكرمين تثمن التفاتة رئاسة الجمهورية لشهداء الواجب
وبكثير من التأثر و الحزن، وجد أفراد من أسر المتوفين صعوبة في التعبير عن انطباعاتهم وشهاداتهم"بما أن جراح الألم والحزن" لم تندمل بعد لتسمح لهم بالتعبير عن أحاسيسهم الخاصة.
ومن بين هذه الأمثلة حالة محمد العيد بوديسة، والد الراحلة وفاء بوديسة، التي عملت كطبيبة في مستشفى رأس الوادي (برج بوعريريج).
حيث قال قبل أن يبتعد ليجهش في البكاء: "بالأمس، أخذت حفيدتي البالغة من العمر عامين، هاتفي الخلوي للاتصال بأمها لتخبرها أنها تفتقدها"، ليعود بعد لحظات قليلة، ليعتذر ويؤكد: "صدقوني، انه من المؤلم والمحزن أن تفقد ابنتك وهي لم تتجاوز ال28 عاما فقط، وكانت زيادة على ذلك حامل".
و نفس الشعور لدى أرملة وابنة سائق سيارة إسعاف مستشفى فرانز - فانون ببوفاريك (البليدة) جمال طلحي، حيث تحدثت ابنته ياسمين (25 سنة) عن والدها بكل "فخر".
حيث قالت ياسمين، التي تعمل في إدارة مستشفى فرانز فانون: "لقد كان أبا مثاليا لي، لأنه كان دائما يتحلى بالإيثار، فقد كان جميع موظفي المستشفى، يقدرونه".
واعتبرت أرملة الفقيد، ليلى طلحي، أن زوجها مات "شهيدا في خدمة الجزائر"، مشيرة إلى أنه "تكريم مريح بالطبع، لكني أجد صعوبة في إقناع أطفالي بأن والدهم ذهب و لن يعود ثانية"، والدموع في عينيها.
أما نذير و يونس، نجلي الأستاذ الراحل سي أحمد المهدي، رئيس مصلحة الجراحة العامة في مستشفى بوفاريك، فقد أعربا عن "فخرهما" بوالدهما "الذي مات في خدمة الجزائر".
في هذا الصدد قال ندير "إنني أحتفظ بذكرى أب وطني، خدم الجزائر والصحة لمدة 45 سنة، لقد كان يعرف أنه مصاب بفيروس كورونا، ولكن بالرغم من ذلك استمر في ممارسة مهنته"، مضيفا بالقول، لقد ظل يخبرني بأنه لا يستطيع التخلي عن مرضاه الذين يحتاجون إلى حضوره.
أما سمير، نجل الرئيسة السابقة لجمعية "اقرأ"، عائشة باركي، فقد اعتبر أن والدته ستظل مثالا "للشجاعة والإيثار والمثابرة"، مشيرا إلى أنها "أعلنت حربا لا هوادة فيها" ضد الأمية لمدة فاقت ثلاثة عقود ".
كما أعرب عن "فخره" و "اعتزازه" بتكريم والدته الراحلة، التي "يجب أن يستمر عملها ورسالتها".