يتابع ضابط مؤرخ فرنسي في تحقيق قضائي منذ نهاية 2019 لخرقه طابع السرية بخصوص وثيقة تعود لحرب الجزائر، حسبما نقله موقع "ميديا بارت"، مضيفا أنه تمت مباشرة الاجراء قبل أن تقوم الحكومة الفرنسية بغلق الأرشيف نهائيا.
و يتابع الرائد الفرنسي في تحقيق قضائي بتهمة "افشاء وثيقة مصنفة سرية" و هي جنحة يعاقب عليها القانون الفرنسي بخمس سنوات سجنا.
و اشار ذات المصدر الى ان التحقيق افتتح في نوفمبر 2019 من طرف مجلس قضاء باريس بعد اخطار من وزارة الجيوش لتقوم الجهات المختصة بعدها بتفتيش منزل الضابط و مكان عمله آنذاك المخيم العسكري سان سير (موربيون).
و حسب ميديا بارت فإن الوزارة تحقق مع الضابط بتهمة الاحتفاظ و النشر دون تصريح لمادة أرشيفية مصنفة سرية عن حرب التحرير.
و الى غاية سبتمبر 2019 كان الضابط الفرنسي تابعا للمصلحة التاريخية للدفاع التي تحتفظ بأكثر من 500.000 وثيقة عسكرية حيث رخص له القيام برسالة دكتوراه و التي من شأنها ان تنشر فيما بعد.
و ارسل الضابط بعد ذلك مراسلة الى مسؤوله لمراجعة الأبحاث التي ارفق معها وثيقة عليها ختم "سري".
و تحتوي هذه الوثيقة على تعليمات تقنية بحتة للجنود الفرنسيين للقتال في الانفاق خلال حرب الجزائر بما في ذلك كيفيات ولوج المغارات التي يحتمي بها الثوار أو تقنيات الرؤية في الظلام دون ان يكشف امرهم.
و قد رفض مجلس قضاء باريس الاجابة عن اتصالات موقع "ميديا بارت" بينما اكدت وزارة الجيوش لجوؤها الى القضاء حسب ما تقتضيه المادة 40 من قانون الاجراءات الجزائية" التي تتطلب من كل موظف التبليغ عن جريمة أو جنحة.
ورفضت الوزارة الإدلاء بأي تعليق أخر، واكتفت بالتأكيد على أن "احترام سرية الدفاع الوطني يساهم بشكل مباشر في حماية قواتنا (و) يشكل رهانا هاما من حيث الأمن والحفاظ على المصالح الأساسية للأمة".
ويضيف المصدر نفسه أن هذا يشكل توضيحا عاريا من أي معنى بالنظر إلى طبيعة الوثيقة المعنية التي تتعلق بالمعارك التي جرت تحت الأراضي الجزائرية قبل 70 عامذا.
وقال محامي الضابط الفرنسي، بينوا شابير إن الجيش الفرنسي لم يفرض أي عقوبات تأديبية على موكله، وأنه حتى الآن لم تستمع إليه الشرطة بعد مضي عام ونصف من التحقيق.
ويتعارض المنع من الوصول إلى الأرشيف مع التزامات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون الذي، بعد أن اعترف أمام جوزيت أودان، أرملة أستاذ الرياضيات والناشط المناهض للاستعمار موريس أودين، بممارسة التعذيب من قبل الجيش الفرنسي أثناء معركة الجزائر، قد وعد بفتح أرشيف حرب الجزائر.
ومنذ عام 2008، كان ثمة قانون يكفل حرية الوصول إلى كل الأرشيف الذي يزيد عمره عن خمسين عامذا.
لكن وفي سنة 2011، أصدرت الأمانة العامة الفرنسية للدفاع والأمن القومي تعليمة وزارية تطالب بإخضاع جميع وثائق الدفاع السري المتعلقة بحرب الجزائر لإجراءات رفع السرية.
لكن هذه التعليمة، تحت مسمى IGI 1300، لم تطبق من قبل المصلحة التاريخية للجيوش، حيث يمكن للمؤرخين الرجوع بحرية إلى آلاف الوثائق المصنفة على أنها "سرية".
ومنذ ديسمبر 2019، صار لزاما على الباحثين تقديم طلب لرفع السرية، وهو إجراء تعسفي قررته وزارة القوات المسلحة، والذي يستمر غالبذا لسنوات.