تشترك العائلات الجزائرية في الاحتفال بصوم الأطفال في مختلف مناطق الوطن إذ يمثل صوم الطفل في التقاليد الجزائرية انتقاله من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج والإدراك، ولذا يسعى الأهل إلى إشعار الأبناء بأهمية الصيام لأول مرة في حياتهم، وتمرينهم وتعويدهم على الصبر عن الطعام والشراب، ليتم ذلك في إطار احتفالي، غير أن هذا الاحتفاء يختلف من منطقة الى أخرى.
ففي منطقة القبائل يرفع الطفل الذي يصوم لأول مرة الى سطح المنزل دلالة على الرفعة والسمو وبلوغ مرحلة النضج كما يطعم وجبة خاصة في الغالب يبدؤها بحبة بيض حسب ما الاستاذ سعيد بوسري الذر يروي أيضا قصة صيامه لأول مرة التي لم تخل من دهشة وفرح وشعور بالنضج والالتحاق بالكبار.
اما ولاية البليدة فلها ايضا طريقتها في الاحتفال باطفالها الصائمين لأول مرة حيث تقوم الطفلة التي تستعد للصوم بجولة في السوق رُفقة والديها، وتشتري خلالها لوازم الصوم وكأنها عروس ستُزَف، وأثناء سهرة الاحتفال تُفرغ الحلويات والمكسرات على رأسها، وتوضَع تحت قدميها وسادة كنوع من الدلال الملكي، وبعد الإفطار تُجلس بين النسوة وهي مرتدية أجمل ثوب، اما الطفل، فغالبا ما يعمد رب العائلة إلى أخذه في الساعات الأخيرة التي تسبق موعد آذان الإفطار خارج البيت ويتباهى بصيامه أمام جيرانه وأصدقائه، بهدف تحسيس الطفل بعظمة العمل الذي يقوم به، وتحبيب فضيلة الصيام في نفسه، ودفعه للحرص عليه مثلما يجب أن يحرص على أداء الصلاة والقيام بمختلف العبادات.
فيما يحتفل الباتنيون ايضا على طريقتهم اذ لهم عاداتهم وتقاليدهم الخاصة في تشجيع الأطفال على الصيام لأول مرة، منها شراء أدوات طعام خاصة بهم من إبريق وأكواب وصحون بأحجام صغيرة، ليتناولوا فيها طعام الإفطار ويفرحوا بها، فتكون عاملا محفزا لهم على الصيام، حيث عادة ما يبدأ الأطفال التدرب على الصيام وهم في السنة الأولى من دراستهم، وتفضّل الكثير من العائلات الباتنية حث أبنائها الصغار على صوم شهر رمضان، ويُفضلون الصوم الأول للولد أو البنت أواسط رمضان، لاسيما إذا تزامن ذلك مع السابع والعشرين من الشهر الفضيل، غير أن هناك الكثير من العائلات لا تشجع هذا التأجيل “المفرط”، بل يفضل الأهل بمدينة باتنة والبلديات المجاورة لها طريقة صيام أخرى تتمثل في صيام الطفل نصف يوم، فهو ليس مطالبا بصيام اليوم كاملا، وعليه فعندما يشعر بالتعب الشديد وخاصة العطش يستطيع أن ينهي صيامه ويشرب أمام الجميع، وذلك بدلا من أن يتظاهر بالصيام بينما هو يأكل ويشرب في الخفاء، لذا ينصح الصغار الذين يصومون لأول مرة التنبيه لأهمية ألا يصوم الطفل الذي يبلغ من العمر مثلا سبع سنوات .
المصدر: الإذاعة الثقافية
- الإذاعة الثقافة