سلط برنامج ضيف الصباح للقناة الإذاعية الأولى هذا الأحد الضوء على أهم الإجراءات التي اتخذتها وزارة الدفاع الوطني والخاصة بقانون الخدمة الوطنية.
ولهذا الغرض استضاف البرنامج اللواء بن بيشة محمد الصالح مدير الخدمة الوطنية الذي قدم في البداية لمحة عن تاريخ الخدمة الوطنية منذ تأسيسها في أفريل 1968 "كأحد الإجراءات الكبرى التي اتخذتها الجزائر المستقلة من خلال تعبئة المواطنين للمشاركة في مهمتي الدفاع الوطني والتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد" وإلى غاية إعادة النظر في مهام الخدمة الوطنية اثر صدور دستور 1989 الذي "أعاد تحديد مهام الجيش الوطني الشعبي في الدفاع عن الوطن .. تماشيا والتحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي عرفتها البلاد" ووصولا إلى استجابة رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني السيد عبد العزيز بوتفليقة مؤخرا لجملة من التطلعات المشروعة للمواطنين والشباب. إذ عمدت القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي إلى إعداد مشروع قانون جديد للخدمة الوطنية.. وصدر مؤخرا القانون المتعلق بالخدمة الوطنية المتضمن تقليص المدة الخدمة من 18 إلى 12 شهرا.
وفي معرض استعراضه الأحكام التي تضمنها هذا القانون تطرق اللواء بن بيشة إلى الواجبات التي ينبغي أن يكون الشباب على دراية تامة بها "حتى لا يكونوا في وضعية غير قانونية تجاه الخدمة الوطنية، ولا يفقدوا حقوقهم وأولها الإحصاء بتسجيل الشاب نفسه في جداول الإحصاء وقد تم تخفيض سن الإحصاء من 18 إلى 17 سنة وتمديده إلى 9 أشهر بدلا من شهرين".مؤكدا أن العملية تتم تلقائيا من طرف البلدية أو ممثلي الدبلوماسية أو القنصلية التي يتبعها حتى وإن لم يقم هو بواجب الإحصاء. ومركزا على ضرورة القيام بالفحص الطبي الذي يحدد تأهيل المواطن لأداء هذا الواجب.. ويترتب عن عدم القيام به فقدان حقه في طلب الإعفاء. مشيرا -بكثير من التفصيل - إلى أنه يمكن لمن تعذر عليه التقدم للفحص لأسباب معينة تبرير ذلك عنى طريق ممثله الشرعي بتقديم تقريرين طبيين يعد أحدهما طبيب يمارس في هياكل الصحة العمومية ويتم معاينة مانع الحضور من طرف مصالح الدرك الوطني المختصة..أما بالنسبة للمستشفين أو المحبوسين فيتم تأجيلهم إلى غاية شفائهم أو تسريحهم.
العصيان جريمة تحاكم أمام المحاكم العسكرية
وعن الحالات التي يمكن أن يعتبر فيها المواطن عاصيا بسبب عدم امتثاله لأمر الاستدعاء فقد أكد اللواء أن العصيان هو جريمة تحاكم أمام المحاكم العسكرية وذلك عندما يتم تبليغ المعني بأمر الاستدعاء مرفوقا بأمر الالتحاق وعدم التحاقه بوحدة تجنيده. ما عدا في حالة القوى القاهرة .وذلك في حالة بلوغه 25 سنة كاملة ولم يكن قد أدى واجب الإحصاء أو الانتقاء ولم يتقدم إلى مركز أو مكتب الخدمة الوطنية لتسوية وضعيته.
وبعد أن أوضح الخطوات التي يمر عبرها الشاب منذ استدعائه وإلى غاية أدائه أولى مراحل الخدمة بوحدة تجنيده وهو التكوين حيث "يتلقى مجند الخدمة الوطنية تكوينا عسكريا قاعديا تختلف مدته ومضمونه حسب الفئات من جهة ، و حسب السلاح جهة أخرى ، كما يستفيد من تلقى المهارات اللازمة التي تختص بها القوات التي يؤدي واجبه الوطني على مستوى وحداتها . وبعد فترة تكوين يسمى عسكري الخدمة الوطنية في إحدى رتب السلم العسكري التي ينص عليها قانون الخدمة الوطنية ، وهذا طبقا للتنظيم ساري المفعول ، ومن ثم يحول إلى العمل على مستوى واحدة من وحدات الجيش الوطني الشعبي".
وأضاف اللواء يقول أنه و"عند انقضاء المدة القانونية للخدمة الوطنية ، تنهى الخدمة الوطنية بصفة نهائية بعد خضوع المعني لفحص طبي ، ويتم التأكد من خلاله من عدم إصابته بأي مرض أو إصابة ، وتسلم له بطاقة الخدمة الوطنية التي تثبت أداءه للواجب الوطني ، وكذا شهادة حسن السيرة إذا لم يتعرض لعقوبات تأديبية ، ومن ثم يدمج في الاحتياط".
"أما وفي حالة ثبوت تعرضه لمرض أو عجز ، يحال ملفه الطبي لإجراء خبرة طبية ،وفقا للتنظيم المعمول به، وهذا لتحديد نسبة العجز إن وجدت ، ولمتابعة علاجه على مستوى هياكل الصحة العسكرية".
وبسؤاله عما يعنيه إدماج عسكريي الخدمة الوطنية في الاحتياط بعد أدائهم التزامهم القانوني . وما إذا كان ذلك يعني أنهم يبقون ملزمين بواجبات أخرى بعد المدة القانونية للخدمة الوطنية ؟
أوضح بن بيشة أنه وطبقا للامر رقم : 76 /110 المؤرخ في : 9 ديسمبر 1976 ، المتضمن الواجبات العسكرية للمواطنين الجزائريين ، يبقى المواطن ملزما بواجبات عسكرية بعد وقت الخدمة الوطنية لمدة خمسة وعشرين (25) سنة ، مقسمة كما يلى :
1 - استيداع لمدة 5 سنوات
2 -الاحتياط الأول لمدة 10 سنوات
3 - والاحتياط الثاني لمدة 10 سنوات ، حيث بالإمكان إعادة استدعائهم لتدعيم الجيش العامل وقت الحرب وفي حالة الاعتداءأو الكوارث ، بقصد تنفيذ مهام الدفاع الوطني .
القانون الجديد يضمن حقوقا للشباب المعنيين
وبانتقال الحوار من واجبات المواطن إلى حقوقه في هذا القانون وجديد ما يضمنه للمجند قال اللواء "إن هذا القانون خصص فصلا كاملا ، مكونا من اثنتي عشرة (12) مادة تتعلق بحقوق المواطن قبل تجنيده ، وأثناء تواجده بالصفوف، وبعد إنهاء خدمته بصفة نهائية ، حيث تتعلق بتعويضه في حال إصابته جراء تنقله إلى مركز أو مكتب الخدمة الوطنية لأداء الفحص الطبي للانتقاء، أو إلى وحدة تجنيده تلبية لأمر الاستدعاء ، أو خلال عودته إلى المسكن العائلي بعد نهاية الخدمة الوطنية ، وهذا ضمن الشروط المحددةبموجب قانون المعاشات العسكرية. أيضا حق الاستفادة من منحة شهرية تسمح له بتلبية مختلف حاجياته خلال فترة أداء الخدمة الوطنية، حيث نشير في هذا الصدد إلى أن مبلغ المنحة قد تمت مراجعته مؤخرا بزيادة معتبرة ، وهو قابل للمراجعة كلما اقتضت الضرورة ذلك".
كما يضمن هذا القانون للمواطن الذي أدى واجب الخدمة الوطنية ، والذي يرغب في مواصلة الخدمة في صفوف الجيش الوطني الشعبي- كمتعاقد أو عامل ـ الاستفادة من الأولوية في الترشيح ، مع مراعاة استيفائه للشروط المحددة بموجب التشريع والتنظيم الساري .ويستفيد كذلكعسكري الخدمة الوطنية من الحقوق التييكفلها له القانون الأساسي العام للمستخدمين العسكريين".
لابد من تبرير الوضعية تجاه الخدمة الوطنية قبل ولوج عالم العمل
وعن التفاصيل التي تعني الشباب خاصة منهم أولئك الذين هم في رحلة البحث عن منصب شغل، والمعنيون بأحكام المادة 7 من هذا القانون .أوضح مدير الخدمة الوطنية أن هذه المادة تلزم كل مواطن يرغب في التوظيف إلى أي قطاع كان، أن يبرر وضعيته تجاه الخدمة الوطنية. و"تجدر الإشارة هنا إلى أنه لا يقصد بتبرير الوضعية القانونية، أن يكونالمواطن متحررا من التزاماتالخدمة الوطنية فقط ، فمجرد أن يقوم المواطن بتسجيل نفسه في قوائم الإحصاء ، واستلامه لشهادة إحصاء ، يجعله في وضعية قانونية، وهذا إلى غاية أداء واجب الانتقاء الطبي".
وكذلك الأمر بالنسبة للذي يزاول دراسة، حيث يعتبر في وضعية قانونية، إذا كان يحوز بطاقة أو شهادة تأجيل طيلة مدة التأجيل . والأمر نفسه بالنسبة للمواطن الذي أودع ملف طلب الإعفاء، وأستلم وصل إيداع ، طيلة صلاحية هذا الوصل . و"عموما يكون المواطن في وضعية قانونية إذا كان ملتزما بمختلف الواجبات المنصوص عليها في هذا القانون ، كالإحصاء والانتقاء الطبي- كما ذكرنا آنفا - وهنا تكمن أهمية الاتصال بالمراكز ومكاتب الخدمة الوطنية التي تحرص على توجيه المواطن والتكفل به ، حيث نذكر بان قيادة الجيش الوطني الشعبي قد عمدت الى تعميم فتح مكاتب الخدمة الوطنية عبر كامل التراب الوطني ، بغرض التقرب من المواطنين والتكفل بطلباتهم في أقرب الآجال وفي أحسن الظروف".
وفي معرض رده عما قد يعتري كثيرين من تخوف بعد حصولهم على مناصب شغل، قبل تأدية واجب الخدمة الوطنية، وما إذا كان هذا القانون يضمن هذه المناصب بعد أداء الخدمة الوطنية ، طمأن اللواء بن بيشة "الشباب العاملين الذين لا يزاولون، ملزمين بواجب الخدمة الوطنية، أن هذا القانون يحفظ لهم الحق في إعادة الإدماج في مناصب عملهم الأصلية، أو في مناصب معادلة وجوبا ، في ظرف الستة (6) أشهر الموالية لتاريخ إنهاء خدمتهم. إضافة إلى ذلك ، يستفيدون من كل الحقوق المكتسبة وقت تجنيدهم في الخدمة الوطنية . و تعتبر أيضا المد ة التي قضوها في أداءالخدمة الوطنية،كمدة خدمة فعلية عند حساب الأقدمية المشترطة للترقية والتقاعد. و"بالتالي فلا مجال للتخوف تماما لان هذا القانون يحفظ جميع الحقوق للمواطن العامل الذي يلبي هذا الواجب الوطني".
و عن ما إذا كان هذا القانون قد أخذ في الاعتبار الشباب الذين أدوا الخدمة الوطنية ولم يتحصلوا على منصب عمل.من حيث تقديم تسهيلات لهم للولوج إلي عالم الشغل بعد أدائهم لواجبهم الوطني أجاب اللواء أن هذا القانون الجديد أخذ هذا الانشغال بعين الاعتبار بحيث يستفيد المواطن إثر أداء واجب الخدمة الوطنية من بطاقة الخدمة الوطنية واحتساب هذه الفترة كفترة خبرة مهنية.
القانون لا يتعارض وتعليمة الوزير الأول
وبالنسبة للمادة (7) والتي قد يكون هناك من فهمها خطأ ، على أنها لو تطبق سيفقد كل شخص تحصل على منصب عمل عمله، وأن بعضا من وسائل الإعلام اعتبرت أن هذا القانون ألغى تعليمة الوزير الأول السيد عبد المالك سلال الذي وعد الشباب بان البحث عن فرصة عمل لا يتوجب طلب بطاقة الخدمة الوطنية ؟
أعاد اللواء التذكير "مرة أخرى أن بطاقة الإعفاء من الخدمة الوطنية ليست مطروحة في هذا القانون. فالقانون يتحدث عن المواطن الذي يجب أن يكون في وضعية قانونية. ولا تعني هذه الوضعية الإعفاء. فالذي يزاول الدراسة ويمتلك شهادة الإعفاء (un sursis ) فهو معترف به ، ومن تقدم بملف خاص بالجانب الاجتماعي وصالح المدة ، أو من تحصل على الإرجاء ، فهم كلهم في وضعية قانونية... فقد اتخذنا جميع التدابير لكي لا تقف الخدمة الوطنية عائقا أمام المواطن عندما يتوجه إلى عالم الشغل والعمل ، شريطة أن يؤدي واجبه عندما يستدعى للخدمة الوطنية بعد ما يبدأ حايته العملية المهنية.
وقال اللواء "أن هناك ملفا يقدمه الذي يزاول عملا حرا و يأخذ بعين الاعتبار وبنفس مستوى المواطن الذي يعمل على بالمؤسسات الخاصة أو العامة ، وهذا القانون يطبق على كل الجزائريين بدون استثناء بمن فيهم المغتربون ، وهم مطالبون بنفس الالتزامات ولهم نفس الحقوق ونفس الامتيازات، بحيث يجب أن يتقربوا من القنصليات أو السفارات أو الأماكن التي يقيمون بها لأداء الواجبات الأولية مثل الإحصاء والفحص الطبي وليؤخذوا بعين الاعتبار وكل ما يحيط بهذا الجانب".
وعن مدى أهمية هذا الإجراء الخاص بتقليص مدة الخدمة الوطنية خاصة وأن الدولة والمؤسسة العسكرية دخلت منذ فترة في مرحلة تطوير واحترافية الجيش اعتبر اللواء أن هذا التقليص انطلق على أساس فترة التكوين التي سيؤدي فيها العمل على مستوى الوحدات ميدانيا، "وبالطبع إذا كان هناك تقليص للمدة فقد يترتب عليه تقليص للنفقات ، ولكن ومن جانب أخر فإن هناك تكوينا حديثا يتطلب إمكانيات ووسائل تقنية و هو الشيء الذي نركز عليه في البداية، حيث يكون التكوين مثاليا وحديثا ويكون العمل في الميدان حسب المتطلبات" .
وأضاف أن "هناك دراسة لإعادة النظر في فترة التكوين - المقدرة حاليا بـ 45 يوما - وستحدد هذه الفترة حسب الصنف وتأخذ بجميع الجوانب التي تعطي المتكون كل الضروريات لكي يتمكن عند إدماجه في الوحدات من أن يمارس عمله بصفة عادية" ... وقد أعطى القانون الأولوية للفرد الذي أدى الخدمة الوطنية، إذا ما أراد الالتحاق بصفوف الخدمة الوطنية كعامل أو متعاقد. و له الأولوية على الفرد الذي لم يؤد واجبه الخدمة الوطنية ، ولكن حسب الشروط المعمول بها قانونيا".
وعن الاستدعاء الأول بالنسبة للشخص الذي يسكن في منطقة بعيدة أو معزولة ونائية أشار المتحدث إلى أن "هذه المسألة تم الفصل فيها نهائيا... ففي حالة ما إذا تخلف الاستدعاء أو كان للمعني ظرف لا يسمح له بالالتحاق يقدم لنا العذر القانوني من أجل تأجيله مرة أخرى، ... فنحن دائما نحاول ربط الوظيفة بالحاجة خاصة أمام توفير الإمكانيات المادية والمالية ماعدا بعد المسافة".
المؤسسة العسكرية تسهر على التواصل مع المواطنين
وقال اللواء بن بيشة محمد الصالح عن فتح المؤسسة العسكرية أبوابها للمواطنين وتواصلها مع المواطن من خلال وسائل الإعلام وكذلك من خلال الأبواب المفتوحة وكذا موقعها عبر شبكة الانترنت أن "هذا الأمر يعد من الشروط الأولية التي نحث عليها لكي يكون هناك حسن الاستقبال والأخذ بعين الاعتبار في حدود ظرف قصير ومقبول ، هذا الشيء معمول به على جميع المراكز والمكاتب ... لكن على المواطن أن يمتثل عندما توجه له الدعوة وأن يتصل في الوقت المحدد أو المبرمج وقد أعطيت تعليمات لجميع المراكز والمكاتب بأن يأخذوا بعين الاعتبار مكانا لإستقبال المواطنين لحل مشاكلهم" .
وعن الرقمنة على مستوى مكاتب الخدمة الوطنية في الولايات يضيف اللواء أن كل المكاتب مربوطة بشبكة رقمية بكل المراكز، "وبالتالي فكل معلومة خاصة بالمواطن يستطيع أخذها من المكتب الذي ينتمي إليه ، لكن قد تقع في بعض الأحيان بعض أخطاء التي نعالجها بعجالة ، بينما يكمن الإشكال الكبير في الإحصاء، فعندما يتجاهل المواطن إحصاء نفسه وتقوم البلدية بالإحصاء التلقائي قد تقع في هذه الحالات بعض الأخطاء".
أجرى الحوار للقناة الأولى : رضوان حـــــرياتي