اعتبر الخبير في النفط، بيار تارزيان، اليوم الأحد بالجزائر أن على منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أن تتحالف مع الدول الأخرى المصدرة لدعم أسعار الخام مشيرا إلى المبادرة الجزائرية القائمة على التحاور و التشاور لاستعادة توازن السوق الدولية.
و أكد تارزيان خلال ندوة نظمتها شركة سوناطراك حول أسباب وآثار الأزمة النفطية الحالية، أن "على منظمة أوبك التفكير في توسيع تحالفاتها (مع المنتجين الآخرين) لدفع أسعار النفط إلى الصعود و هو ما يتم فعله حاليا مشيرا إلى أن بعض الدول الأعضاء على غرار الجزائر تقوم بتوسيع دائرة التحالفات لهذا الغرض.
وحسب الخبير، فإن أوبك التي فقدت موازين القوى ليس بوسعها أن تخلق استقرارا في السوق الدولية دون دعم المنتجين الآخرين موضحا في هذا الخصوص أن وفرة العرض نتيجة التقدم التكنولوجي جعل المنظمة غير قادرة على التأثير على الأسواق مثلما كان عليه الحال سابقا.
وقال في هذا الخصوص"نحن الآن لسنا في وضعية ندرة نسبية أين يمكن المحافظة على موقع القوة (...) لقد تغيرت الوضعية لسنا في مرحلة ما بعد النفط و لكن في مرحلة ما بعد نفط أوبك".
واستدل المتحدث بالاحتياطات العالمية للنفط القابلة للاسترجاع التي ارتفعت من 1.000 مليار برميل إلى 1.500 مليار برميل بفضل التكنولوجيات و التقنيات الحديثة للاستخراج ما يدل أن أعلى مستويات الإنتاج لم يتم الوصول إليها بعد.
ومن جهة أخرى، أشار السيد تارزيان الذي يشغل أيضا منصب الرئيس المدير العام لشركة "بتروستراتيجي" المختصة في الاستشارة الطاقوية أنه من الصعب توحيد مواقف الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط نظرا لاختلاف أهدافهم و توجهاتهم.
فإذا كان بعض أعضاء المنظمة - يضيف ذات المتحدث- يقلقون من انخفاض إيراداتهم بسبب تدهور أسعار النفط تنشغل السعودية بحماية حصصها في السوق المهددة بدخول النفط الصخري حيز الإنتاج.
وأكد المستشار أن "المعادلة تختلف بالنسبة للمملكة العربية السعودية التي تحوز على قرابة 800 مليار دولار كاحتياطات صرف تسمح لها بتحمل انهيار كهذا".
وفي تطرقه لانخفاض أسعار النفط منذ شهر يونيو الفارط، أوضح السيد تارزيان أنه من الصعب توقع تطور هذه الأسعار على المدى القصير نظرا لتعدد الفاعلين و العوامل المؤثرة على أسواق النفط الدولية.
واعتبر الخبير أن السعودية كانت مصدر انهيار الأسعار و الأزمة النفطية الحالية عندما بادرت في سبتمبر 2014 بخفض سعر خامها الموجه للأسواق الآسيوية تحت ذريعة حماية هامش ربح مصافي النفط في هذه المنطقة.
ولم تكشف السعودية أول بلد مصدر للنفط في العالم فورا عن الأهداف المرجوة من خلال خفض أسعارها لكنها كشفت فيما بعد إستراتيجيتها التي تهدف إلى حماية حصصها في السوق من خلال القضاء على النفط الغازي في الأسواق الدولية.
وزاد المحللون العاملون في كبرى البنوك الأمريكية - يضيف ذات المصدر- و الذي يمارسون ضغطا كبيرا على الأسواق الدولية من حدة هذا الانخفاض.
كما شكلت اعتبارات سياسية تتعلق بإضعاف وضعية روسيا في أوكرانيا دعما آخرا للإستراتيجية السعودية يضيف السيد تارزيان الذي يرى أن روسيا و رغم أنها تمول نصف ميزانيتها من صادرات النفط قادرة على مواجهة هذه الأزمة.
وقال السيد تارزيان " يعتقد الكثيرون أن روسيا لن تتحمل هذه الصدمة و ستبحث عن حل وسط بخصوص أوكرانيا لكن أصحاب هذا الرأي لا يعرفون العقلية الروسية فروسيا ليست من الدول التي يمكن إخضاعها".
و في ذات الإطار يرى السيد تارزيان أن الإمكانيات التي تملكها السعودية في حربها ضد النفط الصخري الأمريكي لن يكون له الأثر المرجو على المدى الطويل على هذا النوع من الصناعة النفطية.
وأوضح في هذا الصدد أن تكلفة إنتاج النفط الصخري تتراوح في نطاق واسع بين 22 و 111 دولار ما يجعل عدة مشاريع لإنتاج هذا النوع من النفط قائمة دائما حتى و ان نزلت الأسعار الى ما دون 60 دولار للبرميل.
وبالإضافة إلى ذلك تحوز غالبية الشركات النفطية التي تنتج النفط غير التقليدي على تغطية للسوق في آجال محددة لأنها مرتبطة بعقود تسليم تمتد إلى غاية 2016 بأسعار تتراوح بين 80 و 85 دولار للبرميل.
وقال السيد تارزيان في الأخير " أشك في إمكانية نجاح إستراتيجية المملكة العربية السعودية بالنظر إلى كل هذه المعطيات".