ذكرت موفدة الإذاعة الجزائرية إلى باماكو، حنان فرقاني، أن الأطراف المالية وقعت على اتفاق السلم و المصالحة، اليوم الجمعة بعاصمة مالي باماكو.
و قالت موفدة الإذاعة إن الأطراف الثالثة الممثلة في الحكومة المالية و الحركات السياسية والعسكرية لشمال مالي المشاركة في أرضية الجزائر و كذا فريق الوساطة الدولية برئاسة الجزائر، قد وقعوا على اتفاق السلم و المصالة لتسوية الأزمة بشمال مالي. و وقع على الاتفاق حركتان من بين الحركات الخمسة التي تعدها تنسيقية حركات الازواد وهما التنسيقية من اجل شعب الازواد و تنسيقية الحركات و الجبهات القومية للمقاومة.
ويتضمن الاتفاق إنشاء مجلس الشيوخ لتمثيل السلطات المحلية والتقليدية والوجهاء الدينيين ليشكل مع الجمعية الوطنية الحالية برلمان دولة مالي وكذا تأسيس هيئة للتنمية في المناطق الشمالية تتوفر على مجلس استشاري يعنى بأمور التنمية الاجتماعية والاقتصادية المحلية إلى جانب إنشاء قيادة أركان مشتركة لمدة تصل إلى سنة واحدة إلى غاية تجميع وإعادة انتشار قوات الأمن المختلطة بينما يضمن المجتمع الدولي تنفيذ الاتفاق من خلال لجنة المتابعة الثلاثية التي تقودها الجزائر حسبما أكده وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة.
من جانبه أكد الوزير المالي للمصالحة الوطنية و تنمية مناطق الشمال ولد سيدي محمد زهابي في باماكو أن الاتفاق يعد"خطوة كبيرة" في بناء طريق بناء مالي مستقرة ، مشددا على ضرورة مواصلة الحوار من قبل جميع أبناء الشعب المالي لإيجاد حل موحد وإنهاء حالة الصراع التي تشهدها البلاد.
من جانبه قال الممثل الخاص للأمين العام الأمم المتحدة في مالي منجي الحامدي إنه مقتنع بأن الحركات الأزوادية الثلاث والتي تخلفت عن التوقيع ستلتحق بركب المتصالحين ، مشيرا إلى إبقاء هذا الاتفاق " التاريخي " مفتوحا للتوقيع وهو ما ستتكفل به لجنة المتابعة التي ترأسها الجزائر والتي ستشرع في مشاورات لاستكمال مسعى المصالحة في مالي.
الوساطة الدولية بقيادة الجزائر تكسب الرهان
ولئن أصبح السلم في دولة مالي حقيقية اليوم فإن ذلك بفضل الجهود المبذولة من لدن أطراف الأزمة و فريق الوساطة و المجموعة الدولية والتي ما لبثت تدعم مسار الجزائر كأفضل طريق لرأب الصدع الذي ظهرت به الدولة المالية منذ مارس 2012.
وفي كلمته خلال مراسيم التوقيع على الاتفاق أكد رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح أن"الجزائر ستظل تحتل مرتبة الشريك و الصديق الوفي و الدائم لمالي الذي سترافقه بحزم في هذه المرحلة الجديدة ألا و هي مرحلة تنفيذ الاتفاق التي تضع مصلحة سكان شمال مالي على رأس الأولويات من خلال توفير الوسائل الضرورية لتطورهم و رفاههم ضمن حركية جماعية تفتح آفاقا جديدة لشعب مالي الشقيق".
وما فتئت الجزائر طيلة فترة الأزمة ترافع من أجل مصلحة الشعب المالي و تحشد الجهود لتحقيق هدف الوصول إلى أتفاق شامل للسلم و المصالحة وهو ما تجلى بوضوح من خلال قيادتها لفريق الوساطة الدولية المكون أساسا من دول الجوار (موريتانيا النيجر نيجيريا بوركينافاسو و التشاد) بالإضافة إلى الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي والإتحاد الأوروبي و المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا و منظمة التعاون الإسلامي بالإضافة إلى كل من الولايات المتحدة و فرنسا.
وعلاوة على ذلك فإن الأهمية الحقيقية لهذه الوثيقة الموقعة اليوم تكمن في كونها "قاعدة صلبة" تحدد معالم المرحلة المستقبلية و"خطوة تاريخية" في مسار التسوية النهائية الأزمة في هذا البلد.
ويعد هذا الميثاق في شكله النهائي الموقع عليه اليوم ثمرة اللقاءات التي احتضنتها الجزائر منذ يناير 2014 بهدف تهيئة الظروف لإطلاق حوار شامل بين الماليين و كانت ثمرة هذه الجهود التوقيع على "إعلان الجزائر" (9 يونيو 2014) و"أرضية التفاهم المبدئية للحوار" (14 يونيو 2014) كوثيقتين مرجعيتين لمسار التفاوض.
وبناء على ذلك تم عقد أول جولة للحوار المباشر بين الفرقاء الماليين بالجزائر من 17 إلى 24 يوليو توجت بتوقيع الحركات السياسية المسلحة الست المعنية بالأزمة على وثيقتين تتضمنان "ورقة الطريق للمفاوضات في إطار مسار الجزائر" و"إعلان وقف الاقتتال" قصد تهيئة الشروط الضرورية لحل شامل ومتفق عليه لمشاكل مناطق شمال مالي.
ويشكل هذا الاتفاق أساس المرحلة المستقبلية للبلاد كونه يحدد الخطوط العريضة لدولة تسعى إلى استكمال بناء مؤسساتها الدستورية بإشراك جميع مكونات المجتمع مع تسخير مقدراتها لتحقيق تنمية مستدامة تؤمن العيش الكريم لشعبها جيلا بعد جيل.
المصدر : موقع الإذاعة الجزائرية