أكد وزير العدل، حافظ الأختام الطيب لوح اليوم الأربعاء بأن المشرع الجزائري حدد مفهوما "واضحا" للإرهاب، مشددا على أنه "لا يمكن إطلاقا بناء تضامن دولي في مجال مكافحة هذه الظاهرة على أساس حسابات اقتصادية أو جيو-سياسية هشة".
و خلال رده على انشغالات نواب المجلس الشعبي الوطني المتعلقة بمشروع القانون المتمم للأمر رقم 66-156 المتضمن قانون العقوبات، دعا السيد لوح الى الابتعاد عما وصفه ب"المزايدات" عند الحديث عن مفهوم الإرهاب، حيث أكد بأن "المشرع الجزائري وضع تعريفا واضحا بهذا الخصوص".
و أضاف قائلا في هذا السياق: "الاختلاف الدولي حول مفهوم الإرهاب موجود فعلا، غير أن الجزائر واضحة كل الوضوح بالنسبة لكل ما يتعلق بمحاربته و تعريف الجرائم المتصلة به".
و في رده على التخوفات التي أبداها بعض النواب حول إمكانية وقوع خلط بين تعريف المنظمات الإرهابية و حركات المقاومة، أبدى السيد لوح استغرابه من ذلك حيث أكد بأن موقف الجزائر بهذا الخصوص "تاريخي و ليس بجديد"، ليضيف بالقول "من يسمع هذا يظن بأن الجزائر بصدد أخذ منحى آخر تجاه هذه المسألة رغم أن موقفنا و تصورنا واضح منذ البداية عندما يتعلق الأمر بالمقاومة و المنظمات التحررية".
و حول انشغال آخر كان قد طرح حول التداعيات التي قد يفرزها مشروع قانون العقوبات المعدل و المتمثلة في الحد من الحريات الفردية و العامة و على رأسها حركة التنقل و السفر إلى بلدان أخرى، طمأن السيد لوح بأن النص المذكور "لن يكون له أي تأثير" على هذا المجال.
و استند الوزير في تأكيده هذا على أن المنع من السفر "لا يمكن أن يكون إلا بأمر قضائي"، ليتوجه إلى النواب قائلا "لقد كان ذلك يقع في فترة ما، خارج إطار القضاء و بصورة عشوائية حيث لم تكن هناك مراقبة عند إصدار هذا النوع من القرارات المانعة، غير أنه لا أحد تكلم عن هذا الأمر آنذاك".
و من جانب آخر، تطرق الوزير و بإسهاب إلى مسألة استقلالية قطاع العدالة التي "تدعمت بمقتضى التعديل الأخير للدستور"، مشددا على وجود مبادئ دستورية تتعلق بعدم التدخل في مسار القضاء من منطلق الفصل بين السلطات الذي اعتبره أساسيا في بناء دولة القانون.
و جاء حديث السيد لوح بهذا الخصوص في خضم رده على انشغالات رفعها عدد من النواب الذين طالبوه بالتدخل في الكشف عن قضايا الفساد التي يتهم بها الوزير الأسبق للطاقة شكيب خليل.
وزير العدل يعلن عن إنشاء قاعدة وطنية لحفظ البصمات الوراثية
من جهة أخرى، أفاد وزير العدل، بأنه سيتم إنشاء مصلحة مركزية للبصمات الوراثية مهمتها إنشاء و حفظ القاعدة الوطنية للبصمات الوراثية المتحصل عليها من تحليل العينات البيولوجية.
و خلال تقديمه لمشروع القانون المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في الإجراءات القضائية والتعرف على الأشخاص أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، أوضح السيد لوح بأنه سيتم بمقتضى هذا النص إنشاء مصلحة مركزية للبصمات الوراثية تكون تحت إشراف قاض، مع العلم أنه يوجد في الوقت الحالي مصلحتين مختلفتين، الأولى تابعة لمصالح الدرك الوطني و الثانية للأمن الوطني.
و ستتضمن المصلحة المركزية المذكورة --حسب ما تنص عليه الأحكام المقترحة ضمن مشروع القانون-- قاعدة وطنية للبصمات الوراثية الخاصة بالمشتبه فيهم المتابعين جزائيا و الأشخاص المشتبه في ارتكابهم اعتداءات على الأطفال و الأشخاص المتوفين مجهولي الهوية و المفقودين و غيرهم.
و في تقريرها التمهيدي، ثمنت لجنة الشؤون القانونية و الإدارية و الحريات الأحكام الواردة في مشروع هذا القانون، حيث ذكرت بأن الجزائر تعد من البلدان التي توجهت نحو إلى استعمال هذه التقنية العلمية منذ سنوات عدة.
كما أشارت إلى أن مشروع هذا النص يرمي إلى "تحديد القواعد التي تضمن عدم التعسف في اللجوء إلى البصمة الوراثية دون ضرورة موضوعية تبرر ذلك، مع مراعاة خصوصية مجتمعنا و حقوق و حريات الأفراد".
و جاء مشروع القانون المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في الإجراءات القضائية والتعرف على الأشخاص "لسد الفراع القانوني الموجود في هذا المجال" حيث كان السيد لوح قد أوضح بأن هذا الوضع "استدعى وضع نص قانوني يؤطر هذه العمليات".
ويهدف مشروع النص إلى تحديد قواعد استعمال هذه التقنية استنادا إلى عدة مبادئ أهمها "حماية الحياة الخاصة للأشخاص وتحقيق الموازنة بينها وبين ضرورة حفظ الأمن وحماية المجتمع من الإجرام بمختلف أشكاله".
وفي هذا الإطار، سيسمح مشروع القانون ب"استعمال البصمة الوراثية للأشخاص في الإثبات أمام القضاء، غير أنه يعطي لهذا الأخير وحده سلطة الأمر بأخذ عينات بيولوجية من الأشخاص وتحليلها وذلك تلقائيا أو بناء على طلب الشرطة القضائية في إطار التحريات التي يقومون بها".
و من المقرر أن يواصل نواب الغرفة السفلى مناقشتهم لمشروع هذا القانون خلال الفترة المسائية من نهار اليوم.