جدد رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح هذا الأربعاء بمراكش دعوة الجزائر لاعتماد مقاربة تسمح للجميع بالمشاركة في اتخاذ القرارات ذات الصلة بتطبيق اتفاق باريس حول المناخ، مبرزا الأهمية التي توليها لحماية البيئة و التي تجلت من خلال تكريس هذه المسألة في تعديلها الدستوري.
و في مداخلة له، في الاجتماع رفيع المستوى للدورة 22 لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية ممثلا لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أكد بن صالح على أن "الجزائر التي تؤكد على الطابع العالمي والشامل لهذا الاتفاق تجدد نداءها بضرورة اعتماد مقاربة تسمح لكل الأطراف سواء وقعت على الاتفاق أم لا بالمشاركة في اتخاذ القرارات ذات الصلة بوضعه حيز التطبيق".
و ذكر بأن الجزائر التي تعاني -على غرار الكثير من الدول الأخرى- من آثار الاحتباس الحراري كانت قد انخرطت منذ البداية في مسار مكافحة الظاهرة إلى غاية اعتماد الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية التي "تمثل مبادؤها الراسخة المرجع الأساسي لجميع أنشطتنا الراهنة والمستقبلية".
و تابع بن صالح مبرزا "الأهمية البالغة" التي توليها الجزائر لمسألة البيئة و التي تتجلى في تكريسها إياها في التعديل الدستوري الذي تم شهر فبراير المنصرم من خلال إدراج أحكام ملزمة لحماية البيئة.
و في الإطار ذاته أشار إلى أن مساهمة الجزائر ''بشكل نشيط'' في إعداد نص اتفاق باريس وفي المفاوضات التي دارت حوله عندما تقاسمت، باسم الدول النامية، رئاسة فريق العمل لأرضية دربان الذي تولى تسيير المفاوضات إلى غاية المصادقة على نص الاتفاق و إلى التوقيع على الاتفاق في نيويورك في شهر أبريل الماضي ثم المصادقة عليه طبقا لدستورها.
كما لفت أيضا إلى أنها كانت من بين أولى الدول التي قدمت في سبتمبر 2015 مساهمتها المحددة على المستوى الوطني والرامية إلى تقليص ما بين 7 و22 بالمائة من انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري مع آفاق سنة 2030.
و في هذا المسعى، كانت قد وضعت برنامج طموح لتطوير الطاقات المتجددة و النجاعة الطاقوية يرمي إلى إنتاج 27 بالمائة من إنتاج الطاقة الكهربائية من المصادر المتجددة وما يقارب 22.000 ميغاوات من المصادر النظيفة في آفاق 2030، يقول عبد القادربن صالح الذي شدد على كون هذه الخطوة "مساهمة طموحة بالنظر للوضع المالي الذي تواجهه البلاد جراء التراجع الحاد في الإيرادات من صادرات النفط والغاز".
و عاد ممثل رئيس الجمهورية إلى الحديث عن اتفاق باريس "الطموح" الذي تمت الصادقة عليه منذ أقل من سنة و ذلك "بعد جهد جهيد والتزام مسؤول وعزيمة قوية"، حيث قال "كنا جميعا على قناعة تامة بأن المصادقة على الاتفاق سوف لن يكون هدفا في حد ذاته وها نحن اليوم نحتفل بدخوله حيز التنفيذ وكلنا أمل في أن نرى الوفاء بتعهدات الأمس يتم بنفس العزيمة وبنفس الروح من المسؤولية حتى نتمكن من مواجهة الآثار السلبية للتغيرات المناخية التي باتت تهدد كوكبنا وكذا البشرية على حد سواء".
و تابع رئيس مجلس الأمة قائلا في ذات السياق: "إذا كنا قد أكدنا في باريس على أنه لا مجال للإخفاق فإن مثل هذه الروح هي التي ينبغي أن تسود اليوم أشغالنا حتى نكون في مستوى التحديات التي تواجه كوكبنا".
كما أكد أيضا على ضرورة توضيح و تحديد الأحكام والتدابير التي يشوبها بعض الغموض و العمل بجهد على تنفيذ الاتفاق بطريقة "فعالة وعادلة" و ذلك "في ظل احترام المبادئ المكرسة في الاتفاقية الإطارية قصد مواجهة المخاطر المستقبلية على المديين القريب والمتوسط والتكفل بالطموحات المشروعة لشعوبنا في مستقبل أفضل في إطار بيئي خال من التهديدات المناخية''.
و يقتضي الأمر أيضا --يضيف بن صالح--" إيلاء أهمية خاصة لضرورة التكيف مع آثار هذه الظاهرة ولتعبئة الموارد لتجسيده على الواقع وكذا للمسألة الجوهرية المتعلقة بمشاركة كل الأطراف في هذا المسار وهذا ضمن إطار عمل جماعي وفعال وبمساهمة كل الشركاء حكوميين كانوا أم غير حكوميين''.
و بهذا الخصوص، سجل بن صالح "استعداد الجزائر على مواصلة العمل مع جميع الأطراف لتعزيز هذه المكتسبات" فضلا عن "عزمها على المشاركة في كل الجهود والأعمال قصد حماية أكثر لكوكب الأرض".