أصدر مجلس الأمة، مساء هذا الأربعاء، لائحة تأييد لمخطط عمل الحكومة.
في جلسة علنية ترأسها رئيس الغرفة التشريعية العليا، صالح قوجيل، بحضور الوزير الأول، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان، وأعضاء من الطاقم الحكومي، جاء في لائحة التأييد التي تلاها نائب رئيس مجلس الأمة الحاج محمد عبد القادر غرينيك، أنّ مخطط عمل الحكومة "سياسي بامتياز" ويؤسس لمرحلة جديدة يميزها الشروع الفعلي في تنفيذ البرنامج الانتخابي الرئاسي الواعد لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وإحداث القطيعة مع الممارسات الماضية التي اضرت كثيرا بالدولة ونظام الحكم".
وبحسب لائحة أعضاء المجلس، فإنّ هذا المخطط هو بمثابة "الخط التوجيهي السياسي الذي تبني عليه الحكومة أعمالها وبرامجها القطاعية والتي راعت فيه الجانب العملياتي في ترتيب الأولويات في إطار المقاربة الجديدة للحوكمة المنتهجة القائمة على الانجاز على أساس الأهداف والالتزامات في إطار بناء أسس الجزائر الجديدة التي سطرها رئيس الجمهورية.
وبهذا، تكون الجزائر – تضيف اللائحة - قد قطعت شوطًا كبيرًا في ظرف أقل من سنتين وفي ظل ضغوطات جمة وتداعيات عدة للازمة الصحية العالمية على طريق إعادة بناء صرح مؤسساتي شرعي قائم على المفهوم الصحيح للدولة والحكم.
وذكّر أعضاء المجلس في هذه اللائحة بالالتزامات التي وعد بها رئيس الجمهورية والتي باشر في تجسيدها وفق رؤية استراتيجية واضحة، مشيرًا في هذا الخصوص إلى أنّه بتعديل الدستور في استفتاء الفاتح نوفمبر الماضي، تكون الجزائر قد "ودعت به مرحلة سياسية شابها الكثير من مظاهر الفساد والانحراف".
وتعتبر تشريعيات 12 جوان المنصرم، أولى خطوات تجديد المجالس المنتخبة حسب اللائحة التي نوهت بالمناسبة بالتزام الحكومة بمواصلة مسار هذا التجديد للمؤسسات حيث ستشكّل محليات 27 نوفمبر المقبل اللبنة الأخيرة ضمن هذا المسار بالإضافة إلى تنصيب المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء قبل نهاية السنة الجارية.
ترحيب بمراجعة قانوني البلدية والولائية
رحّب أعضاء مجلس الأمة بقرار الوزير الأول القاضي بمراجعة قانوني البلدية والولاية في إطار تطوير وترقية أداء الجماعات المحلية وعصرنتها، مشدّدين في السياق ذاته، على ضرورة مواصلة جهود تنمية مناطق الظل والمناطق الحدودية وايلائها العناية الكاملة.
ودعوا إلى "تكريس الديمقراطية" لأنّ في ذلك قوة الجزائر سيما في هذه الظروف العصيبة وتكالب الحاقدين في الداخل والخارج مما يتطلب مزيدا من الوعي بصعوبة الظرف والالتفاف حول مؤسسات الدولة، كما يتوجب على الجميع مضاعفة الجهود لترسيخ وحماية مكونات الهوية الوطنية خاصة في ظل ما يحاك ضد بلادنا في الخفاء وفي العلن من دسائس ومؤامرات تستهدف المساس بها.
وفي الشق الاقتصادي ثمن أعضاء المجلس المقاربة الجديدة للحوكمة الرامية إلى إعادة هيكلة اقتصاديا الوطني عبر جملة من الإصلاحات ضمن منظور شامل يرتكز سيما على تحرير المبادرة وتشجيع الاستثمار وتنويع مصادر التمويل والدخل.
وأكّد أعضاء المجلس على أهمية عصرنة المنظومة المصرفية والإصلاح الجبائي وتشجيع الصيرفة الإسلامية وتكريس مفهوم الشمول المالي لاحتواء الاقتصاد الموازي والتعاطي بصرامة من أجل استئصال كل أشكال التحالف المريب بين الاقتصاد الموازي والعمل السياسي، ودعوا للعمل على ترقية الصناعات التحويلية وكل القطاعات المساهمة في التنمية المستدامة، مثمّنين انتهاج خيار عصرنة الإدارة ومكافحة البيروقراطية والفساد وتطهير مناخ الاستثمار، وجدّد أعضاء المجلس طلبهم بتسريع الإجراءات لاسترداد الأموال المنهوبة والأرصدة المتأتية من جرائم الفساد.
أما اجتماعيًا، ساند الأعضاء توجّه الحكومة نحو إيجاد وترقية آليات جديدة للدعم الاجتماعي تقوم على استهداف أكبر للمستحقين بغية ترشيد النفقات دون الإخلال بالطابع الاجتماعي للدولة.
وفي مجال السياسة الخارجية، أشاد الأعضاء بتنشيط المنظومة الدبلوماسية الجزائرية من خلال تبني مقاربات تعيد ترتيب الأولويات وتوائم بين الموروث الجزائري في العلاقات الثنائية والدولية التي فرضتها الوقائع المتسارعة في الجوار والإقليم والقارة والعالم، كما ثمّن الأعضاء مسعى الحكومة في ترقية دور الجالية الوطنية المقيمة بالخارج ومرافقة الأداء الدبلوماسي بدبلوماسية اقتصادية من خلال تنظيم الممثليات وتدعيمها بكفاءات وخبرات في المجال الاقتصادي والترويج للمنتوج الوطني.
وبخصوص العلاقة مع الحكومة، أبدى أعضاء مجلس الأمة استعدادهم للتعاطي ايجابيًا مع التزام الحكومة بتدعيم علاقات التعاون والتكامل بين السلطة التشريعية والتنفيذية، داعين للإسراع في الافراج عن مشروع القانون العضوي المحدد لتنظيم البرلمان بغرفتيه والعلاقات الوظيفية بينه وبين الحكومة.
وانتهى أعضاء مجلس الامة إلى أنّ تجسيد مخطط عمل الحكومة المصادق عليه، يستوجب تجند كل الجزائريين وتعبئة جميع الموارد والإمكانيات لتحقيق الأهداف المسطرة لإقلاع اقتصادي تلج الجزائر بواسطته بر الازدهار والرفاه.
رؤساء المجموعات البرلمانية يؤكدون على ضرورة مواصلة الإصلاحات
في ختام مناقشات أعضاء مجلس الأمة لمخطط عمل الحكومة، أكّد رؤساء المجموعات البرلمانية على مستوى الغرفة التشريعية العليا، على ضرورة مواصلة الإصلاحات من أجل إرساء دولة القانون وإعادة بناء الاقتصاد الوطني وتكريس مبدأ الطابع الاجتماعي للدولة.
وأكد رئيس المجموعة البرلمانية للثلث الرئاسي، ساعد عروس، أنّ مخطط عمل الحكومة يمثّل "ثمرة لنوايا" رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ومنهجه الإصلاحي الذي التزم به أمام الشعب، وأضاف عروس أنّ محاور المخطط تضمن التنمية وتحقّق الأهداف المنشودة، مثمّنًا كل القرارات والإجراءات التي جاءت في مضمون المخطط لاسيما في القطاع الفلاحي باعتباره "عصب الاقتصاد" و"مؤشر سيادة" لأي بلد.
ودعا عروس إلى تكاثف جهود الجميع لتجسيد الإصلاحات التي تسعى الحكومة إلى القيام بها مشيدا بمختلف التدابير التي أقرها رئيس الجمهورية، وبالأخص تلك المتعلقة برفع التجريم عن فعل التسيير، مكافحة البيروقراطية وتحرير المبادرات، واختتم ممثل الثلث الرئاسي تدخله بضرورة تفعيل كافة الإجراءات القانونية المتاحة لاسترجاع الأموال المنهوبة باللجوء إلى التشريعات المحلية والدولية التي صادقت عليها الجزائر والمتعلقة و بالوقاية ومكافحة الفساد.
أما المتحدث باسم الكتلة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني، بوحفص حوباد، فركّز في مداخلته على ضرورة منح العناية اللازمة لمناطق الظل والمناطق الحدودية والتكفل بساكنة هذه المناطق مع أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى التخفيف من عبء البيروقراطية التي لا طالما كانت عائقًا أمام التنمية.
واعتبر حوباد أنّ تجسيد هذا المخطط "الطموح" لن يتم دون إضفاء الشفافية على النشاط العمومي وترسيخ دولة القانون إضافة إلى العمل على إيجاد مصادر جديدة للتمويل.
من جهته، ركّز رئيس المجموعة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي، على جرباع، على ضرورة فتح ورشات خاصة من أجل مراجعة العديد من القوانين قصد تكييفها لإرساء نظام قضائي "قوي وفعال"، وأشاد المتحدث بتركيز هذا المخطط على التنمية المحلية التي دعا اليها رئيس الجمهورية في برنامجه الرئاسي، مؤكّدًا أنّ ذلك لن يتحقق دون اعتماد إصلاح "شامل" للمالية والجباية.
ودعا إلى تحيين منظومة الخدمة العمومية وتوسيع الوعاء الضريبي ورقمنة الإدارة الجبائية وإدماج النشاطات الاقتصادية الموازية إلى جانب محاربة التهرب والغش الجبائيين، ولفت جرباع إلى بعض النقائص التي تعاني منها الجماعات المحلية لاسيما ما يتعلق بالأدوات القانونية والمالية الضرورية لتسييرها مشددا على ضرورة التسريع في مراجعة قانون البلدية والولاية لتمكين المسؤولين المحليين من أداء دورهم على أكمل وجه.
ولبعث الاقتصاد الوطني، شدّد جرباع على ضرورة تصحيح الاختلالات التي تعاني منها بيئة الاستثمار واسترجاع ثقة المتعاملين الاقتصاديين، مطالبًا الحكومة بالإفراج عن قانون الاستثمار الجديد الذي من شأنه بناء صناعة تنافسية وفلاحة متنوعة وقطاع خدماتي فعال بغية الخروج من التبعية المفرطة لمداخيل للمحروقات مع المحافظة على الطابع الاجتماعي للدولة.