كشف وزير العدل، حافظ الأختام، عبد الرشيد طبي،هذا السبت، عزم الوزارة إعادة النظر في القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته وكذا تعزيز المنظومة القانونية الوطنية بميثاقٍ لأخلاقيات وسلوك العون العمومي ل"ضمان الشفافية في تسيير المرفق العام".
في كلمته بمناسبة اجتماع الحكومة مع الولاة، أكد وزير العدل أنه بغرض "توطيد قيم النزاهة والشفافية في تسيير المرفق العام وتعزيز آليات مكافحة الفساد وأخلقة الحياة العامة، سيعاد النظر في قانون الوقاية من الفساد و مكافحته وستعزز منظومتنا القانونية بميثاقٍ لأخلاقيات وسلوك العون العمومي، لترسيخ روح المسؤولية وتعزيز مبادئ الحكم الراشد وضمان فعالية المرفق العام, استجابة لتطلعات المواطن إلى إدارة فعالة، مسؤولة وشفافة".
وأوضح الوزير في هذا الإطار أن "أخلقة الحياة العامة يرتبط بمسألة الوقاية من الفساد وأن تجسيد الاتجاه الجديد لبناء هذا الوطن الذي عانى لمدة سنوات من تفشي هذه الآفة التي تسببت في انهيار منظومة القيم والأخلاق في المجتمع يمر عبر مكافحتها".
واعتبر أيضا أن مفهوم أخلقة الحياة العامة و إن كان يتطلب مجموعة من الإجراءات التي تسمح للمواطن بممارسة حق النظر في كيفية إدارة الشؤون العامة عن طريق الآليات التي وضعها الدستور، إلا أن القضاء الإداري يلعب "دورا أساسيا" في بسط الرقابة على أعمال الإدارة من خلال دعاوى الإلغاء أو دعاوى التعويض، مذكرا بهذا الخصوص بعديد القضايا التي يعرفها القضاء والمرتبطة بالمشاريع التي غابت عنها عناصر الرشادة والشفافية، و التي تلوثت بعديد المخالفات المرتبطة أساسا بالتقييم المبالغ الذي تسبب في هدر المال العام أو المحاباة في منح المشاريع وعدم احترام القواعد العامة المتعلقة بالصفقات العمومية من قواعد الشفافية والمعايير الموضوعية أو سوء استغلال الوظيفة أو تضارب المصالح.
وفي سياق ذي صلة، تطرق وزير العدل إلى مسألة حماية المسير المحلي حيث ثمن بالمناسبة قرار رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، المتعلق بالتعليمة التي وضعت ضوابط تتعلق بحماية المسؤولين المحليين، نتيجة المخاوف من الوقوع تحت طائلة المتابعة الجزائية بسبب أفعال مرتبطة بالتسيير بمناسبة أدائهم لمهامهم.
واعتبر أن هذا القرار "سيساهم في تحرير المبادرة والمساهمة في الإنعاش الاقتصادي،على اعتبار أن بعض الأفعال المجرمة تتعلق أساسا بأعمال الإدارة والتسيير، يغلب عليها الطابع المدني وتستدعي أن يتحمل فيها المسير المسؤولية التأديبية أو المالية بما فيها جبر الأضرار أو تقرير حق إبطال التصرفات أو المستندات الناتجة عن مخالفة الالتزامات المحددة قانونا، دون اللجوء إلى المتابعة الجزائية لما ترتبه من عوائق تثبط من عزيمة المسيرين و إرادتهم، وهو ما تسعى الحكومة إلى تكريسه من خلال رفع التجريم عن أفعال التسيير بتعديل بعض أحكام القانون التجاري و قانون العقوبات".
كما كشف طبي بالمناسبة عن "التحضير لإعداد مشروع قانون ينظم علاقة الإدارة بالمتعامل الاقتصادي اعتبارا لتأثيرها على توفير المناخ الكفيل للرقي بالاقتصاد الوطني.
كما أن إنشاء محاكم إدارية للاستئناف تجسيدا لمبدأ التقاضي على درجتين من شأنه أن يسمح بمراجعة ما تعتقد الإدارة أنه خطأ يشوب الحكم الإداري الصادرة ضدها".
وأرجع الوزير التفكير في هذه الاجراءات إلى كون أن العدالة تعرف "حجما متزايدا" للمنازعات المتعلقة بفسخ عقود الامتياز على الأملاك العمومية الممنوحة في إطار الاستثمار لعدم استكمال تنفيذها في الآجال، والملاحظ أنه وإن كانت هناك حالات تقاعس من قبل المتعامل الاقتصادي، إلا أن القضاء شهد منازعات لا يكون التأخير في إنجاز المشاريع راجعا للمتعامل نفسه، وإنما إلى البيروقراطية المؤدية إلى عدم تمكين المتعامل من الرخص الإدارية اللازمة في الآجال.
كما تشهد الجهات القضائية الإدارية منازعات تتعلق بفسخ الصفقات العمومية لأسباب مرتبطة بعدم نضج المشاريع بسبب "إسناد الدراسة لبعض مكاتب الدراسات غير المؤهلة"، هذا إضافة إلى أن القضاء الإداري يشهد قضايا نوعية أخرى منها ما يتعلق ب"إشكالات مرتبطة بالترقيمات العقارية لاسيما الأخطاء الناجمة عن عدم إنجاز تحقيقات عقارية معمقة، وكذا أخطاء في الرفع المسحي".
وأوضح الوزير في هذا الإطار، إلى أنه لوحظ "تقاعس الإدارة في متابعة قضاياها على مستوى القضاء الإداري أو تقاعسها في اتخاذ القرار الإداري المناسب الذي يدخل في إطار صلاحياتها والإيعاز إلى المواطن باللجوء إلى القضاء لاستيفاء حقوقه"، مضيفا أن "سرد بعض الإشكالات المطروحة أمام القضاء الإداري يهدف إلى التحسيس بآثار هذه الممارسات على مستوى الإدارات العمومية، والتي بتشخيصها يمكن إيجاد الحلول الكفيلة بتجنيب المواطن والإدارة عبء التقاضي وتكاليفه، وذلك ترشيدا لسياسة الإنفاق العمومي كما من شأنه أيضا أن يكون عاملا لتشجيع مناخ الاستثمار وعدم كبح روح المبادرة".
كما أكد وزير العدل أن حماية الحقوق العامة والفردية هو من "واجب الجماعات المحلية" التي يقع على عاتقها تهيئة جميع الظروف اللازمة، إضافة إلى توفير الضمانات القانونية لتمكين المواطنين من التمتع بحقوقهم.
وأوضح الوزير ، أنه وإن كان واجب حماية الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور, يقع على عاتق الدولة، غير أن "هذا الواجب يبدأ من الجماعات المحلية التي تقع عليها مسؤولية اتخاذ ما يلزم من خطوات لتهيئة جميع الظروف اللازمة في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها من الميادين, فضلا عن إتاحة الضمانات القانونية المطلوبة لتمكين جميع الأشخاص الخاضعين لولايتها، من التمتعِ فعلا بجميع هذه الحقوق والحريات".
وأضاف بالمناسبة أن المؤسسات الدستورية الجاري تكييفها مع الدستور الجديد وتنصيبها في إطار تعزيز الرقابة على غرار المحكمة الدستورية، مجلس المحاسبة، السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات والسلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، بالإضافة إلى الهيئات الاستشارية كالمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، هي "أدوات رقابية واستشارية تهدف إلى تمكين المواطن الجزائري من الممارسة الفعلية لحقوقه المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
وأشار في هذا السياق إلى أن تجسيد محاور برنامج رئيس الجمهورية الرامية إلى تجسيد دولة الحق والقانون "يقتضي تعميم قيم الحوار بين جميع الفاعلين على مختلف مستويات الدولة، لاسيما مختلف القطاعات الوزارية وذلك للوفاء بالالتزامات المعبر عنها أمام الشعب".
كما ذكر الوزير ب"العناية التي حظيت به العدالة بمناسبة التعديل الدستوري الأخير" الذي حرص -كما قال- على "تجسيد مبدأ استقلالية القضاء باعتباره الضامن للحقوق والحريات"، مشيرا إلى أن "الجهود تتوالى لتكييف المنظومة التشريعية مع مقتضيات الدستور الجديد الذي جاء ليضفي المزيد من التمكين والتمتين للسلطة القضائية من خلال ما أمده للمجلس الأعلى للقضاء من اختصاصات وصلاحيات واسعة يكون فيها هو الضامن لاستقلالية القضاء والقائم على تكريس هذه الاستقلالية بصورة فعلية وملموسة".