يرى سياسيون وأكاديميون، بأن تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "المستفزة"، بمثابة سقطة سياسية تعبر عن الواقع المأساوي الذي تعيشه فرنسا على جميع الأصعدة الداخلية والخارجية.
وقال ضيوف برنامج "قضايا وتحاليل" للقناة الأولى اليوم الأحد، بأن فرنسا الرسمية التي كرمت "الحركى" مؤخرا ولم يلق ذلك أي صدى أرادت أن تلفت الانتباه بهذه الخرجة المخزية لتغطية ما تعانيه من تقهقر على المستوى السياسي والاقتصادي؛ يقابل ذلك تحرك سياسي واستراتيجي جزائري مهم على المستوى الإقليمي والدولي أثار حفيظة عدو الأمس فلجأ إلى سياسة النبش في القبور والاعتداء على ذاكرة الأمة الجزائرية وهو موقف ينم عن هشاشة وضعف صاحبه على جميع الأصعدة.
وفي هذا الصدد قال ممثل حركة مجتمع السلم، عبد الرحمن سعيدي بأن تصريحات الرئيس الفرنسي جاءت في ظل مشهد فرنسي بائس على المستويين الداخلي والخارجي، بالإضافة إلى انهيار للرأي العام الداعم للرسمية الفرنسية، كما أن فرنسا في علاقاتها الدولية تمر بأصعب مراحلها والضربة التي تلقتها في صفقة الغواصات ليست ببعيدة ناهيك عن التراجع الرهيب لفرنسا في الأدوار السياسية الدولية، كما لا يمكن بتر هذا التصريح –يضيف ممثل حمس- عن الموعد الانتخابي القادم وتراجع مكانة هذا الرئيس في الأوساط الفرنسية بعدما قدم وعودا كبيرة في بداية عهدته لكنه فشل فشلا ذريعا والدليل رد فعل الجماهير الفرنسية المهين له في الكثير من المناسبات وهذا ما يدل كذلك على استياء وكره المجتمع الفرنسي له.
وقال عبد الرحمن سعيدي بأن خرجات فرنسا العدائية تجاه الجزائر كثيرة تكاد لا تخلو من التهجم على الذاكرة بالإضافة إلى محاولاتها المتكررة التدخل في الشأن الداخلي للجزائر في مرات عديدة وعبر أطراف وطرق مختلفة مثلما حدث في الحراك السلمي، الذي طمعت فرنسا أن يكون فيه تغيير وتغير في البلد يكون لها فيه نصيب ونصاب. كما أن تحامل فرنسا في هذا الوقت بالذات على الجزائر له اسبابه ومسبباته –يقول سعيدي- فهي منزعجة بسبب تراجع امتيازاتها الاقتصادية، كما أن فرنسا لا تزالت تعاني من عقدة استعمارية قديمة مفادها أن الجزائر جزء من فرنسا.
أما فاتح بوطبيق، ممثل جبهة المستقبل، يرى بأنه إلى جانب العقدة التاريخية لفرنسا تجاه الجزائر، ايضا ما شهدته الجزائر من تغير في السنوات الأخيرة لم يرض فرنسا خاصة الصحوة الاجتماعية والتوجه الاقتصادي والسياسي الجزائري الجديد.
وقال بوطبيق بأن ما قاله ماكرون هو تصريح ضمني على أن ماقام به الاستعمار الفرنسي في الجزائر هو جريمة ضد الانسانية وجانب اسود في تاريخ فرنسا، وهو تهرب في كل مرة من الاعتراف بالجريمة، كما أن ماقاله الرئيس الفرنسي من تصريح مستفز يخدم أجندة سياسية لحملة انتخابية قادمة تشوبها تجاذبات سياسية داخلية، كما يعكس أيضا هروب من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها فرنسا بسبب تراجع امتيازاتها دوليا واقليميا.
بينما يرى الخبير والأكاديمي، سعيد مكي بأن التيار العسكري هو المهيمن على الحياة السياسية الفرنسية بغض النظر عن الأسماء التي تداولت على الاليزيه تبقى فرنسا الاستعمارية التاريخية هي من تقرر، كما أن مواقف ماكرون متذبذبة في الفترة الأخيرة، هذا إذا علمنا بأن حظوظه تقل عن منافسيه في الانتخابات المقبلة، وبالتالي –يضيف مكي- فإن خرجات ماكرون الأخيرة والمواقف الفرنسية عموما تأتي بسبب مجموعة من العوامل التي زحزحت وهم القوة الفرنسية، أولها الضربات التي تلقتها فرنسا في الجزائر وخصوصا أزمة الحرائق الأخيرة التي خرجت منها الجزائر منتصرة وموحدة، كما أن فرنسا فشلت وخرجت مدحورة من دول الساحل وما التكتلات الجديدة مثل "اكواس" التي ترفع شعارات لتعزيز التعاون والتبادل البيني خارج الهيمنة الفرنسية دليل على انتهائها في افريقيا، كما أن الحلف الجديد الذي يضم استراليا وبريطانيا والولايات المتحدة دون فرنسا اضعف معنويات ماكرون كثيرا.
من جهتها أدانت جبهة التحرير الوطني على لسان ممثلتها سميرة كركوش، تصريحات الرئيس الفرنسي "المستفزة" وقالت كركوش بأن قرارات الدولة الجزائرية سيادية ينخرط فيها كل الجزائريين، وما على ماركون الا احترام هذه القرارات مؤكدة بأن "هذا الأخير يجهل ولا يملك ثقافة واسعة حول تاريخ الجزائر"، مذكرة في هذا الشأن بما قاله الرئيس الراحل هواري بومدين " إذا رأيتم فرنسا غير راضية، فاعلموا أننا في الطريق الصحيح".
المصدر : موقع الاذاعة الجزائرية