أجمع مشاركون مساء اليوم الخميس ببلدية لغروس ببسكرة في ندوة تاريخية حول "مقاومة واحة العامري بولاية بسكرة سنة 1876" أن تلك الانتفاضة الشعبية كانت "رد فعل طبيعي للتوسع القمعي الاستعماري الفرنسي.وأوضح الباحث في تاريخ المقاومات الشعبية ببسكرة ، العرافي إبراهيمي ، في هذه الندوة التاريخية التي احتضنها النادي الثقافي لنفس البلدية أن انتفاضة واحة العامري كانت نتيجة حتمية للسياسة الاستعمارية المنتهجة لفرض سيطرتها على مناطق واحات بسكرة بسن قوانين جائرة وسياسة البطش من خلال الضرائب والاستيلاء على الأراضي ومطاردة السكان الأصليين وتحديد إقامتهم .
وأضاف أنه إلى جانب الرفض الديني للوجود الاستعماري فإن سكان المنطقة أفشلوا محاولات التفرقة بين المكونات الاجتماعية بمناطق الواحات وتصدوا لعملائه الذين أرادوا -كما قال- بث الخلافات بين أعيان القبائل مما جعل الاحتلال الفرنسي يستعمل القوة في التعامل مع سكان منطقة العامري ولاسيما قادة المقاومة محمد بن يحيى و أحمد بن عياش لمحاصرة محاولات توسيع التمرد .
في ذات السياق ذكر أستاذ التاريخ وليد هاملي في مداخلته بعنوان " أسباب ونتائج انتفاضة واحة العامر" أن الاحتلال الفرنسي الذي لم يصل إلى أي منطقة و إلا وحاول ضباطه إرهاب السكان بارتكاب المجازر لإثبات سلطته ، مشيرا ، إلى أن مقاومة العامري الشعبية التي قادها زعماء محليون على نطاق مكاني ضيق أكدت للمستعمر أن الجزائري يدافع عن كرامته في مواجهة كل الغزاة دون حساب توازن القوى العسكرية كما قال.
من جهته أكد محمد علوي الباحث في التاريخ والتراث الشعبي في قراءاته لتاريخ انتفاضة العامري من خلال التوثيق الشعري أن قصائد الشاعر محمد بن قيطون صاحب قصيدة "حيزية" الذي عاصر تلك الانتفاضة وكتب قصائد تحررية أبرز فيها الملحمة التي خاضها المقاومون الذين ضربوا أروع الأمثلة في تحدي القوة الاستعمارية رغم قلة عددهم وعدتهم في مواجهة قوات نظامية مزودة بالمدفعية .
وقد ارتكبت القوة الاستعمارية التي دخلت الواحة أبشع صور الانتقام وذلك بتدمير الواحة وتسليط عقوبات وضرائب إضافية على السكان ومصادرة ممتلكاتهم ومنحها للمعمرين والتهجير القسري للعائلات نحو مناطق أخرى على غرار جيجل وميلة وتيزي وزو و خارج الوطن .
يشار إلى أن هذه الندوة التاريخية تم تنظيمها بالتعاون بين جمعيتي الوفاء الثقافية لبلدية لغروس وجمعية المسار لبلدية فوغالة وتندرج ضمن تخليد الذكرى الــ 143 لانتفاضة العامري .