أكد رئيس الدولة،عبد القادر بن صالح هذا الجمعة بعاصمة أذربيجان، باكو، قناعة الجزائر بأهمية الحوار والتسوية السلمية للنزاعات, مبرزا التزامها بالمبادئ الأساسية للأمم المتحدة والقانون
وقال السيد بن صالح في كلمة له خلال افتتاح اشغال القمة ال18 لدول عدم الانحياز، بأن "تسارع الأحداث الذي باتت تشهده عديد الدول الشقيقة والصديقة والاحتكام إلى منطق القوة بدل قوة المنطق، يستوقفنا جميعا للبحث عن أنجع السبل لإعادة الاستقرار لهذه المناطق"، مضيفا ان الجزائر "تبقى مقتنعة بأهمية نهج سبل الحوار والتسوية السلمية للنزاعات وملتزمة بالمبادئ الأساسية للأمم المتحدة والقانون الدولي، خاصة فيما يتعلق بحفظ السلم والأمن الدوليين، حيث لا تدخر جهدا في هذا الإطار".
وقال بن صالح تجدد الجزائر دعوتها للأطراف الليبية لتغليب المصلحة العليا للبلاد والإنخراط في الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي شامل يترجم على أرض الواقع المجهودات الرامية لعودة الأمن والاستقرار لكافة الأراضي الليبية، حفاظا على سيادة ليبيا وإستقلالها ووحدة شعبها وإحترام مؤسساتها، وتندد الجزائر بشدة بتعدد المبادرات التي تقصي الأطراف الليبية وتهمش دول الجوار وتخلق جوا من المزايدات .
وفي الجارة مالي، رغم الصعوبات التي عرقلت التنفيذ الكلي لإتفاق السلام المنبثق مع مسار الجزائر، فإنه يبقى الأداة المثلى لحل الأزمة المالية بشكل دائم، فهذا الإتفاق الذي لم يكن من السهل إعتماده مبني على نظرة شاملة قوية قوامها المصالحة الوطنية و إحترام السلامة الترابية والوحدة الوطنية لدولة مالي ويفتح أفاقا حقيقية للتنمية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، وتعتزم الجزائر مواصلة دورها الفاعل مع الشركاء المعنيين للإسهام بطريقة ملائمة في الخروج من الأزمة في مالي.
وفي هذا الشأن، اشار رئيس الدولة الى أن الامر يتعلق بما يحدث في ليبيا، سوريا واليمن، حيث أكد على التزام الجزائر"بمواصلة العمل مع كل الشركاء من أجل وضع دعائم أكثر صلابة للاستقرار والأمن في منطقة الساحل في ظل احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".
وبشأن القضية الفلسطينية، أكد رئيس الدولة ان هذه القضية "التي هي من صلب اهتمامات حركتنا، دخلت منعرجا حاسما قد يكون كفيلا بنسف جهود السلام المبذولة خلال السنوات الماضية"، مشيرا الى ان "المسؤولية التاريخية والأخلاقية والقانونية تملي علينا اليوم أن نجدد التزامنا الدائم تجاه القضية الفلسطينية والتأكيد على الدعم الثابت والمستمر للشعب الفلسطيني في سعيه إلى نيل حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة".
وتابع قائلا أنه"على غرار موجة الإدانة والتضامن الواسعة مع القضية الفلسطينية التي شهدها العالم إثر نقل بعض الدول سفاراتها لدى المحتل إلى القدس واستمرار أعماله العدائية والإجرامية ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، فإن الجزائر تعبر مجددا من هذا المنبر عن دعمها الثابت للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة".
من جهة أخرى، أشاد رئيس الدولة ب"الموقف الثابت والمبدئي للحركة، المؤيد لحق الشعب الصحراوي الشقيق في تقرير المصير"، مؤكدا ان الجزائر"تدعو إلى مواصلته في الظروف الراهنة التي وإن شهدت عودة طرفي النزاع إلى طاولة الحوار إلا أنها عرفت تعثرا باستقالة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية".
وفي هذا الصدد، تجدد الجزائر دعوتها للأمين العام للأمم المتحدة "للتعجيل ببعث الديناميكية الجديدة التي أرساها" لحل هذا النزاع.
وبخصوص حركة عدم الانحياز، أكد رئيس الدولة أن هذه الاخيرة "لا تزال فاعلا دوليا محوريا"، مشيدا ب"نجازاتها وبروزها كمدافع عن آمال وتطلعات الشعوب المنضوية تحت لوائها، كونها لم تدخر جهدا يوما لمواجهة التهديدات القائمة وتوحيد الرؤى والجهود وبلورة الحلول في سياق واقع دولي يطمح إلى عالم متعدد الأقطاب".
وتابع رئيس الدولة أنه "يجب على الحركة أن تنتهز الفرصة لترجمة رؤية الدول الأعضاء فيها لإصلاح منظومة الأمم المتحدة وتوسيع عضوية مجلس الأمن الذي يبقى المطلب الأساسي والثابت للقارة الإفريقية التي تسعى لإنهاء الظلم التاريخي المفروض على بلدانها، إضافة إلى تفعيل دور الجمعية العامة بما يكفل تمكينها من ممارسة صلاحياتها كاملة وبلوغ أهدافها السامية في أن تكون منبرا للشعوب وتحقيق السلام ومجابهة التحديات الكبيرة التي تواجه المجتمع الدولي".
وفي هذا السياق، أكد السيد بن صالح أنه"لا يسع الجزائر إلا تأكيد ثقتها في أن حركة دول عدم الانحياز قادرة على لعب دور فعال في السياق الدولي الراهن وتواصل التطلع نحو نظام دولي جديد قائم على أساس الاحترام الدقيق للالتزامات المترتبة على كل طرف بموجب ميثاق الأمم المتحدة واحترام القانون الدولي وتشجيع التعاون الاقتصادي والاجتماعي"، مشددا على ضرورة "توفير متطلبات حسن الجوار وكذا من خلال إضفاء المزيد من المبادرات البناءة لتقليص الفوارق بين الشمال والجنوب في إطار نظام إقتصادي عادل ومتوازن".
جدير بالذكر، إنطلقت صباح هذا الجمعة، بمدينة باكو بأذربيجان، أشغال القمة ال 18 لحركة عدم الانحياز ، بحضور رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح. ويشارك نحو 60 رئيس دولة وحكومة في القمة التي تجري أشغالها تحت شعار "احترام مبادئ باندونغ لضمان إجابة منسقة ومناسبة لتحديات العالم".
وكان رئيس الدولة قد حل أمس الخميس، بعاصمة اذربيجان مرفوقا بوزير الشؤون الخارجية، صبري بوقدوم، قادما من مدينة سوتشي (روسيا)، حيث شارك يومي الثلاثاء والأربعاء، في أشغال قمة روسيا-افريقيا المخصصة للتقييم الشامل للعلاقات الروسية-الافريقية ولدراسة أفاق الشراكة بين روسيا و القارة السمراء.
وينتظر التطرق خلال أشغال القمة، التي ستشهد ايضا مشاركة مندوبين لحوالي 150 بلدا ومنظمات دولية إلى المسائل المتعلقة بالسلم والامن ومكافحة الارهاب والتطرف العنيف والهجرة غير الشرعية وكذا التعاون جنوب-جنوب، خلال اشغال هذه القمة التي ستتوج بسلسلة من التوصيات منها بيان باكو السياسي ولائحة حول فلسطين.
ويأتي لقاء باكو أيضا في سياق متميز بتعدد التحديات السياسية والإقتصادية بالنسبة لحركة عدم الانحياز, منها انتشار النزاعات والتوترات وكذا الصعوبات الاقتصادية المتزايدة التي تواجهها الدول الاعضاء في الحركة.من جهة أخرى ستكون هذه القمة فرصة لتأكيد مواقف الحركة حول القضايا الكبرى الراهنة.
المصدر: الإذاعة الجزائرية / واج