صدر مؤخرا كتاب جديد حول الثورة التحريرية تحت عنوان "من الجهاد إلى إعادة بناء الدولة الجزائرية" للكاتب والمجاهد عبد الواحد بوجابر رصد فيه أهم أحداث الثورة التحريرية التي عايشها شخصيا والسنوات الأولى للاستقلال.
ويعتبر هذا الكتاب -الصادر عن منشورات المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954- بمثابة سرد تسلسلي لهذه الأحداث التاريخية مدعم بشهادات شخصية لبوجابر وأبرز محطات نضاله من تبسة إلى باتنة مرورا بالجزائر العاصمة والبليدة وبومرداس ووصولا إلى بوسعادة والمسيلة.
وعاد الكاتب -في 228 صفحة- إلى أهم المحطات التي ميزت فترة ما قبل الاستقلال وما بعده كالصراع الذي كان بين الحكومة المؤقتة والقيادة العامة للأركان وفوز هذه الأخيرة بالسلطة خصوصا بعد انضمام كبار الشخصيات الثورية لها كأحمد بن بلة.
وأبرز بوجابر في سياق سرده الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي خلفتها فرنسا في الجزائر كالأمية والفقر المدقع والأمراض والبطالة والفوضى العمرانية وانعدام الصناعات وانهيار القطاع الفلاحي وخسارة رأس المال البشري نتيجة مذابحها بحق الجزائريين وتهجيرهم.
ويؤكد الكاتب من جهة أخرى أن الثورة "ما كانت لتقوم لولا التجربة السياسية" التي قادها قادة الأحزاب الجزائرية ضد فرنسا الاستعمارية كمصالي حاج الذي كان له الدور الأبرز خصوصا وأن نضاله قد تزامن والحرب العالمية الثانية وما أعقبها من مجازر 8 ماي 1945 وهي الأحداث التي كان لها تأثير كبير على الروح الاستقلالية للجزائريين.
ورغم أن بوجابر يؤكد وجود "أخطاء" صاحبت نشاط هذه الأحزاب إلا أنه يشدد على أن الأمر "طبيعي" بالنظر للظروف التي كانت تعيشها آنذاك تلك الحركات مشددا في نفس الوقت على أن هذا "التراوح بين الخطأ والصواب" كان سببا في "تمرس القيادات الشابة بالجهاد" ومعجلا بظهور "القيادة التاريخية" التي أطلقت ثورة الفاتح نوفمبر.
ويرى الكاتب من جهة أخرى أن كفاح جبهة التحرير الوطني قد تميز عن بقية الحركات التحررية في العالم باعتماده على الدين الإسلامي كمقوم أساسي وكذا "حرية الرأي وتعدد النظريات والقيادة الجماعية التي كانت بدورها أمرا مقدسا بالنسبة لها.
ومن الأحداث التي تطرق إليها أيضا وصول أحمد بن بلة إلى الحكم وكذا انضمام الجزائر لميثاق منظمة الوحدة الافريقية في مايو 1963.
وانتقد الكاتب "فكرة الحزب الواحد" التي فرضها أحمد بن بلة الذي "منع نشاط أي تنظيم ذي غاية سياسية".
كما تناول أيضا أهم محطات الحياة السياسية للسنوات الأولى بعد الاستقلال.
وتميز الإصدار بالعديد من الصور التوضيحية تعكس مختلف المحطات التاريخية كمجازر 8 ماي 1945 وأهم أحداث الثورة وكذا صداها الدولي بالإضافة لبورتريهات لعدد من كبار الشخصيات التي كانت لها الريادة الثورية والتي حكمت الجزائر بعد ألاستقلال.
كما حمل العديد من الملاحق على غرار كلمة أحمد الشقيري الترحيبية باستقلال الجزائر بالجمعية العامة للأمم المتحدة في اكتوبر 1962 والنص "الكامل" لاتفاقيات إيفيان.
ويعتبر هذا الكتاب الإصدار الثاني لعبد الواحد بوجابر وهو ضابط سامي متقاعد وأمين وطني مكلف بالمتابعة والتنشيط والتحسيس بالمنظمة الوطنية للمجاهدين وهذا بعد إصداره الأول المتعلق بـ الجانب العسكري للثورة الجزائرية المنطقة الخامسة الولاية الأولى التاريخية.