في إطار البرنامج العام للمهرجان الثقافي الدولي للموسيقى الأندلسية والموسيقى العتيقة في دورته التاسعة وفي سهرته الثالثة عاش أمس الاثنين جمهور قاعة إبن زيدون ، الذي حضر بقوة لمتابعة الحفل الفني الساهر لفرقة شيوخ سلاطين الطرب لسوريا، سهرة سحرية مهربة من زمن ألف ليلة و ليلة ،فكانت بحق سهرة أنتصر فيها التراث و الطرب الأصيل واللحن الحلبي الشجي الجميل مع النغم الجميل في محاولة لتأصيل هوية الموسيقى العربية ونجحت الفرقة في مخاطبة الوجدان وهي تتألف من تخت شرقي يضم نخبة من العازفين بآلات عريقة كما حضر الحفل حشد هائل من المهتمين بالتراث الموسيقي العربي الأصيل .
وقد تمكنت فرقة " شيوخ سلاطين الطرب " من سوريا، التاريخ والعراقة الحلبية، أن تسلطن الحضور الغفير من العائلات بأدائها المبهر لنخبة من أهم روائع ريبرتوار القدود الحلبية والموشحات العربية العريقة المفعمة بالحب والعشق الصوفي فكانت بمثابة جولة في حدائق البهجة والسحر المعلقة على أرض الأنبياء وبلغة غاية في الأناقة والعفة تعكس مستوى الأغنية العربية التراثية التي لا تزال رغم إغراءات الموسيقى الإلكترونية والطبوع الجديدة التي فرضت بالقوة على الذائقة العربية ، حيث عكس تفاعل الجمهور الجزائري واندماجه الكلي حد الجذب مع ما قدمته الفرقة من تراتيل تراثية منتقاة تحاكي الوجدان وتوقظ الذاكرة الكامنة مدى إرتباط الجزائريين بهذا اللون الغنائي التراثي العريق الراقي بذائقته وما يحمله من طاقة واعية للموسيقى العربية العارفة والصافية رغم التلوث الذي يريد البعض تكريسه وتأكد يقينا بأن الموشحات والقدود والطربيات هي فن لن يموت أبدا والدليل انه ما زال صامدا وله جمهوره ومحبوه ومريدوه .
وكان الموعد مع مروحة عريضة من الأنماط الموسيقية والغناء أدتها الفرقة مجتمعة ، كما كان المجال واسعاً للغناء الفردي وضمن المقطوعات قصائد "داعي الهوى" و "من لصّب" و"مالعيني أبصرت" ، " قل للمليحة ذات الخمار الأسود " " يا أم العيون " ، "ردي بالوصال "، " يا بهجة الروح " ، " إبعث لي جواب " ، " يا خي " ، فوق النخل " قدك المياس " ، وغيرها من أيقونات الطرب العربي الأصيل من قصائد وطقطوقات التي لاقت استحسانا من الحضور.
فرغم جراح اللحظة في سوريا وحلب تغلبت الفرقة على متاعب الحضور للجزائر من تقاسم لحظات ساحرة مع الجمهور الجزائري الفرقة التي تعنى بإحياء التراث الموسيقي والغنائي سواء منه ذو الطابع المحلي السوري أو العربي، قدمته بانوراما من الموشحات والقدود الحلبية المشحونة بالتراث والمعبقة بإيقاع العود بكل أنفة والناي الحزين وآلة القانون هي ميراث لنخبة من كبار المطربين العرب التي ما تزال أغانيهم حاضرة تدغدغ وجع وأشواق وآهات الإنسان العربي وسعادته وبهجته التي تنسجها بخيوط العود السحرية و ما يخرجه الناي من أشجان على إيقاع القصائد التي تعج بالتراث والجمال ويعكس هذا التوجه لدى الفرقة نزوعها إلى إحياء التراث العربي موسيقى ولغة ومضمونا، لعمالقة الأغنية التراثية على غرار أيقونة الغناء العربي الأستاذ صباح فخري.
المصدر:موقع الإذاعة الجزائرية