يحاول الباحث إسماعيل مهنانة أستاذ الفلسفة المعاصرة بجامعة قسنطينة في كتابه الجديد "كتابات على جدار الأزمة"تسليط الضوء على جذور ما يسميه الازمة البنوية التي صاحبت تأسيس الدولة الوطنية الحديثة
ويتناول الكتاب بالتفصيل جذور الازمة الثقافية والسياسية في الدولة الوطنية الحديثة مؤكدا "أن التفكير النقدي في مقولات الدولة الوطنية عامّة، لم يأخذ حقّه الوافي من البحث والتمحيص لأسباب ثقافية وإيديولوجية كثيرة، وأهمّ هذه الأسباب أن الوعي بحساسية المرحلة التي نعيشها في منعطف قرن آتٍ ونهاية قرن كاملٍ لم يخضع للمراجعة النقدية اللازمة".
ويحاول كتاب الدكتور مهنانة استنهاض ما يسميه الفكر الحرّ والسؤول داعيا الى ضرورة إعادة تفكير مقولات الدّولة الوطنية التي قامت عشية الاستقلال وتفكيك أساطيرها بالأدوات المعرفية التي توفّرها العلوم الإنسانية لا بالتموقع الايديولوجي الجاهز وفق ما يقول في مقدمة الكتاب.
ويضيف مهنانة في تصريح لموقع الاذاعة الجزائرية أن مفهوم الثّورة خضع لاستغلال سياسي كبير، مجددا الدعوة الى اعادة التساؤل حول كل أساطير الدولة الوطنية ومقوّماتها التاريخية والثقافية دون وجل أو تردد.
كما يحاول الكتاب ربط ما يصفه بأزمة الدول الوطنية الحالية، التي يعتبرها أزمة نظام ودولة ومجتمع أيضا، بالجذور التاريخية لقيام السياسي وتشكّله وعمله ، مقدما تشخيصا للنظام السياسي والثقافي الذي قام غداة الاستقلال، وجرد المعضلات البنيوية التي ورثها عن فترة الاستعمار موجها دعوة لإعادة النظر في كل الأسس والمقولات والأساطير التي قام عليها .مضيفا أنه "إذا كان النظام الكولنيالي قد قام على مركزية أوربية بشعة همّشت واستعبدت أغلبية سكانية محلية لصالح أقلية أوربية مُهيمنة بمقولاتها الثقافية وجيش وإدارة قوية، فإن نظام الاستقلال أيضا كان نظام هيمنة، هيمنة ثقافية ولغوية (قومية عروبية على حساب ثقافات ولغات أخرى) وهيمنة ذكورية (لا يزال وضع المرأة دونيا في كل المجالات) وهيمنة إيديولوجية ودينية أحادية تقصي كل الأقليات.
المصدر: موقع الاذاعة الجزائرية/ن باكرية