يعتبر قصر الباي احمد بقسنطنة أحد أهم القصور التي شيدت خلال الفترة العثمانية بالجزائر ، فقد بني عام 1835 على مساحة فاقت 5600 متر مربع في محاولة لترجمة افتتان الباي احمد بفن العمارة الاسلامية أثناء زيارته للبقاع المقدسة.
سمي القصر على اسم صاحبه الباي احمد الذي يعد اهم بايات قسنطينة ،عين بايا على بايلك للشرق من طرف الداي حسين في 1826 وعرفت المنطقة بتوليه المنصب استقرارا بعدما تمكن من توحيد القبائل القوية في شرق البلاد ، واشتهر بحنكة سياسية وحربية حيث قاد بنفسه معركة قسنطينة الاولى ضد الاستعمار الفرنسي في اكتوبر 183 ، واحيل على الاقامة الجبرية 11 سنة بعد سقوط مدينته .
بعد احتلال 1837، استخدم هذا القصر في الفترة الاستعمارية كمقر للإدارة العامة الفرنسية حيث أقام به الإمبراطور نابليون الثالث في 1865 خلال مروره بقسنطينة ، وشهد القصر تدميرا كاملا لبعض اجزائه بغية طمس البصمة العربية الاسلامية
في سنة 2010 افتتح قصر الباي أمام الجمهور فاسحا المجال لتنظيم معرضين رائعين يتضمنان العصر الذهبي للعلوم العربية وحول الحضارة الفاطمية. وقد ارتقى القصر إلى صف متحف وطني عمومي للفنون والتعابير الثقافية ،و فيما يلي بعض الصور التي توضح عراقة الموروث .
يحاط القصر بـ5 أقواس تقابلها حدائق مفتوحة على مصراعيها لاحتضان الطبيعة، فيما يتوسط حوض كبير وسط هذا القصر الذي يعتبر تحفة معمارية حقيقية .
جدران القصر تضم مجموعة كبيرة من الخزف المزخرف مع رسومات فنية كثيرة تمتد على مساحة 1600 متر مربع تروي تاريخ الباي وتاريخ عاصمة الشرق الجزائري .
كلف أحمد باي بن محمد الشريف مجموعة من أمهر المهندسين ببناء قصر له يكون مقر حكمه لبايلك الشرق، بدأ العمل بالمشروع عام 1825 ولم تنته الأشغال به إلا عام 1835 أي بعد مرور 10 سنوات .
شهد القصر في السنوات الاخيرة عمليات ترميم كبيرة بعد ان تعرض على مدى عشريات متتالية لمحاولات تغيير الا ان الهوية الحقيقية للقصر ظلت صامدة امام كل اعمال التخريب .
يحتوي القصرعلى121 غرفة و500 باب ونافذة مصنوعة من خشب الأرز المنقوش بمهارة، والمطلي بالألوان الفاتحة الحمراء والخضراء والصفراء. يتسم القصر بـ 30 رواقا مهمتها الاولى تسهيل مرور التيار الهوائي في مختلف أرجاء هذه التحفة.
حديقة القصر احمد الباي من بين اهم الاجزاء المكونة للقصر الذي لا يزال يبهر كل زائريه .
وسط هذا القصر صدحت الموسيقى بأعذب الألحان، ورشت الأركان والزوايا بالعطور، وفرشت المقصورات بالزرابي، هناك تعانقت الأرواح بهمس الرباب والعيدان، كلهم مروا من هنا؛ أعيان، أمراء، فتيان، جواري، بايات...والبقاء لله وحده.
يؤدي الطابق العلوي من القصر إلى فناء كبير يحوي أروقة ذات أقواس، وشقق شبيهة بتلك التي يحويها الطابق السفلي، الا انه يتميز عن السفلي باحتوائه لغرف ابنة الباي احمد فاطمة التي كانت رحبة ومميزة جدا ، وكذا حمام بهندسة مغربية .
انموذج عن قصر الباي احمد الذي سيبقى شاهدا على مرور زمن جميل على قسنطينة .
المصدر : موقع الاذاعة الجزائرية / تصوير علال حاسي