كانت مدينة الجزائر في العهد العثماني التركي تتمثل في القصبة، وكانت مقر السلطان ، وتم بناؤها على الجبل المطل على البحر الابيض المتوسط لتكون قاعدة عسكرية مهمتها الدفاع عن القطر الجزائري كله ، وقد كانت القصبة عبارة عن حصن يغلق ليلا وله عدة أبواب في جهاتها الأربع أهمها باب الوادي من الغرب وباب الجديد في الجهة العليا وباب الجزيرة (دزيرة) من جهة البحر وباب عزون من جهة الشرق.
وتحوي القصبة عدة قصور أهمها قصر الداي- أو كما يعرف بدار السلطان- وقصر الرياس وقصر خداوج العمياء ودار عزيزة، و كذلك تحتوي القصبة على مساجد عديدة هي الجامع الكبير والجامع الجديد وجامع كتشاوة وجامع علي بتشين وجامع السفير وجامع السلطان وجامع سيدي رمضان بالإضافة إلى مساجد صغيرة كمسجد سيدي محمد الشريف وسيدي عبد الله وسيدي بن علي بالإضافة إلى ضريحها الشهير سيدي عبد الرحمن الثعالبي الذي لا يزال يمثل مزارا كبيرا في حي القصبة بالإضافة إلى جامع كبير تم هدمه في بداية الاستعمار الفرنسي كان يتوسط ما يعرف اليوم بساحة الشهداء.
كما تتميز قصبة الجزائر العاصمة بتشكيلة مميزة من المنازل التي اطلق عليها اسم الدويرات بالنظر الى صغر حجمها مقارنة مع المنازل الاخرى التي اشتهرت في القصبة واصبحت قصورا و متاحف ..
وتضم قصبة الجزائر العاصمة على 615 دويرة منجزة بنفس الطراز ، و فيما يلي بعض الصور التي ترسم معالم الدويرات في قصبة الجزائر المحروسة
صنفت قصبة الجزائر ضمن التراث الثقافي العالمي عام 1992 ، فقد بني هذا الحي قبل اختراع وسائل النقل الحديثة و شوارعه عبارة عن أزقة ضيقة و أنفاق تحت العمارات وسلالم ، وتقطن بدويرات القصبة عائلات توارثت المنازل ابا عن جد كما تم بيع البعض منها الى اشخاص ارادوا الاستمتاع بالخصوصية والجمال والعراقة في حياتهم اليومية .
وتحوي دويرات القصبة على ساحة مربعة الشكل مكشوفة بدون سقف في وسطها يعرف بصحن الدار وبئر ونافورة ماء، بنيت من حولها كل شقق البيت في معمار إسلامي متميز.
وتتميز دور القصبة بنوافذ صغيرة مزينة بقضبان حديدية جميلة، وتتميز دور القصبة أيضا بالتقارب الشديد بين بعضها البعض بحيث يسهل جدا القفز من دار إلى دار بل يستطيع الإنسان اجتياز القصبة كلها عبر سطوح المنازل.
قام العديد من قاطني الدويرات بعمليات ترميم واعادة تأهيل لمرافقها الا ان المهندسين المعماريين يؤكدون على ضرورة الحفاظ على الطابع الاثري للمنازل وارجاع مهمة الترميم الى المختصين في التراث.
وبحسب رئيس جمعية القصبة بلقاسم باباسي في فيفري المنصرم فان قصبة الجزائر العاصمة ستستفيد قريبا من مشروع ترميم حوالي 200 دويرة .
تتسم دويرات القصبة بالجزائر العاصمة بصغر غرفها وبهندسة معمارية جد متشابهة تحافظ على الخصوصية الاجتماعية للعائلات بنفس التفاصيل الهندسية التي تتميز بها قصور الرياس والدايات في القصبة .
ويرى الزائر لبعض الدويرات التي تفتح الابواب للسياح المحليين والاجانب ان الطابع الاندلسي والعثماني في العمران موجود بقوة في كل اركان الغرف ، بالرغم من عدم وجود بهرجة كبيرة كتلك التي تلاحظ في القصور الكبيرة .
تحاول العائلات القاطنة بدويرات القصبة ان تحافظ على تفاصيل الغرف الضيقة لهاته المنازل من اجل ابراز جمالية المكان التي تتوارثه الاجيال من خلال الابقاء على اكثر قدر من تفاصيل العمارة التي وجدوا المنازل عليها .
بعد زلزال اوت 2015 قامت السلطات الولائية للجزائر العاصمة باخلاء 51 منزلا من اجل اعادة الترميم كما تم تصنيف 103 دويرة اخرى بالقصبة العليا في خانة الخطر ، وهو ما يستدعي تسريع العمل على اعادة اسكان قاطني الدويرات واجلائهم منها والشروع في دراسة مشروع الترميم .
وبنيت القصبة على طراز تركي عثماني يشبه المتاهة في تداخل أزقتها بحيث لا يتسطيع الغريب الخروج منها لوحده، لوجود أزقة كثيرة مقطوعة تنتهي بأبواب المنازل، وتحوي القصبة على عدة أزقة أهمها "زنيقة العرايس" و"زنيقة مراد نزيم بك " وفيها عدة عيون مشهورة كالعين المالحة في باب جديد وبئر جباح في قلب القصبة وزوج عيون في أسفلها،و قد تم هدم جزء منها بعد الاحتلال الفرنسي عام 1830.
و تحوي قصبة الجزائر العاصمة 1800 بناية بين مسجد وجامع و دويرات وكذا بنايات استعمارية ، تستدعي نسبة كبيرة منها الترميم واعادة التاهيل من اجل الحفاظ على الارث الهندسي العريق، وبحسب الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية فقد تم ترميم قرابة 271 دويرة حديثا، في انتظار اعادة اسكان العائلات القاطنة في الدويرات المتبقية من اجل الشروع في عمليات الترميم و استعادة وجه الدويرات الحقيقي .
المصدر : موقع الاذاعة الجزائرية / تصوير علال حاشي