تحتفي الشرطة الجزائرية كل عام بعيدها الوطني في 22 جويلية من كل سنة وهو اليوم الذي تم فيه تسليم المهام بين مسؤول الامن على مستوى جبهة التحرير الوطني عبد القادر حصار وبين اول مدير عام للأمن الوطني مجاد محمد عام 1962 .
وعرفت المديرية العامة للأمن الوطني مسيرة أحداث حافلة بالانجازات ،كما واجهت تحديات كبيرة كنظيراتها من مؤسسات الدولة الجزائرية ابتداء من اولى ايام الاستقلال الى يومنا هذا. وكما في كل المجالات، واكبت الشرطة الجزائرية تحديات كل فترة بحنكة وجلد جعلها تتبوأ مراتب محترمة يشهد لها على الصعيد الدولي .
وبحسب العميد الاول للشرطة شوقي عبد الكريم، مدير متحف الشرطة، فان الشرطة الجزائرية عرفت مراحل خمس؛ اولاها انطلق مع أول ايام الاستقلال الى غاية 1965، حيث تعاقب على المديرية اربعة مدراء.
أما المرحلة الثانية، فقد امتدت من 1965 الى غاية 1977 حيث بدأت بتولي العقيد دراية قيادة المديرية العامة للأمن الوطني و شهدت المرحلة دخول الشرطيات للجهاز الامني، بأولى الدفعات لمفتشات الشرطة من 1973 الى 1975.
أما المرحلة الثالثة فقد استمرت من 1977 الى غاية 1995 ، وهي مرحلة عرفت استمرارية في تطور النشاط الامني غير انها اصطدمت مثل باقي مؤسسات الدولة الجزائرية بالعشرية السوداء التي انهكت كل الجزائريين باحداث ارهابية لا تنسى ، لذلك ارتأت الدولة في تنصيب العقيد الراحل علي تونسي مخرجا في الجانب الشرطي ،واستطاع الراحل قيادة المديرية الى المرحلة الرابعة التي تمتد الى غاية تاريخ وفاته والتي عرفت فيها مديرية الامن الوطني قفزة في مجال العدة والعدد .
أما المرحلة الخامسة فقد انطلقت منذ تولي اللواء عبد الغني هامل عام 2010 على راس المديرية الى غاية اليوم ،و عرفت الفترة طفرة اخرى في مجال الاستراتيجية الشرطية المطبقة والتي بنيت على اسس علمية اكاديمية .
و تمكنت المديرية في هذا الظرف من تحسين الاداء من خلال تحسين الظروف الاجتماعية لمنتسبي الجهاز الامني الوطني ،وكذا فتح قنوات الاتصال الداخلي والخارجي من خلال خلايا الاعلام و الاصغاء المكونة في كل المديريات الولائية ، و رفع مستوى التكوين والرسكلة حيث اصبحت المناهج الشرطية المطبقة في المدارس الجزائرية تضاهي او تفوق بعض ما يقدم في المدارس الشرطية الاخرى في العالم لا سيما وانها تدمج بين الفكر العلمي الاكاديمي وبين التجربة الميدانية جد الهامة التي اكتسبتها الشرطة الجزائرية لا سيما فيما يتعلق بالتعامل مع الحشود والازمات.
اول من استعمل الكلاب البوليسية
ويعود تاريخ الاجهزة الامنية في الجزائر الى مئات العقود الماضية ، حيث تتوفر ادلة مادية تشير الى وجود تنظيمات امنية لحماية قسنطينة قيرتا او سيرتا في العهد النوميدي ،وبعد انهماك السكان الاصليين في الجزائر بمقاومة المحتلين الرومان والبيزنطيين وكذا مختلف الفتوحات الاسلامية ..، ظهر تنظيم امني قوي التشكيل عام 160هجري مع قيام الدولة "الرستمية" اول دولة منشقة عن الخلافة العباسية، حيث اوجدت تنظيمات امنية جد متطورة تختلف نوعا ما عن التنظيمات الامنية التي كانت متواجدة في المشرق العربي. وازدادت احكاما وتطورا في العهد الفاطمي سنة 297 هجري وهي الفترة التي تشيرفيها الكتابات التارخية ان الجزائريين كانوا هم من سعوا الى تأسيس الخلافة الفاطمية و السباقين الى فتح مصر وبناء مدينة القاهرة عاصمة لها وانهم هم اول من استعملوا الكلاب البوليسية .
أما في عصر الحماديين فقد تطور التنظيم الشرطي بشكل مميز دفع الايطاليين لتبني العديد من التنظيمات والمهام الموكلة اليه في جنوب المتوسط .
في العهد العثماني، عرفت الجزائر تطوراً نوعياً لجهاز الشرطة وانقسم إلى فرعين، شرطة خاصة بالاتراك والكراغلة وشرطة خاصة بالمواطنين ، كما ضم جهاز الشرطة هيئة تسمى بالشواش وتتبع مباشرة لسلطة الداي وتعمل على توقيف أي باي يتعدى على القانون .
وابان الثورة الجزائرية تقرر في مؤتمر الصومام تأسيس اللجان الشعبية وهو تنظيم اعطى بعض المهام الشرطية والاستعلاماتية الى بعض المجاهدين والمجاهدات كتتبع الخونة وتحركات الاستعمار و حل المشاكل بين الجزائريين لكي يتفادوا الذهاب للسلطة الاستعمارية للاحتكام .
في 1958 ومع تاسيس الحكومة المؤقتة، تم الشروع في ارسال دفعات من اطارات الجزائر للتكوين في كلية الشرطة بالقاهرة ،حيث ارسلت جبهة التحرير الوطني اربعين اطارا من ابناء الجزائر على اربع دفعات بين 1958 و1962، وقد ساهم الكثير من هؤلاء المكونين برتبة ملازم في تأسيس جهاز الشرطة بعد الاستقلال .
سيرت مرحلة وقف اطلاق النار من 19 مارس الى 5 جويلية 1962 من طرف عبد الرحمان فارس الى جانب عبد القادر حصار مسؤول الامن والذي كلف من طرف جبهة التحرير الوطني ان يوظف للمهام الشرطية والأمنية مسبلين وهم بعض العناصر المدنية في جبهة التحرير الوطنية غير المعروفين لدى مصالح الاستخبارات الفرنسية ، وقد تم اول ظهور لهذا التنظيم المحكم في الفاتح من جويلية 1962 في مادة مصورة توضح احد السيارات يركبها اربعة رجال كتب عليها شرطة ج.ت.و ، وهو ما ابرز التنظيم المحكم لعبد القادر حصار للمسبيلن الذي عين بعد الاستقلال رئيسا للديوان والذي عين بدوره مجاد محمد اول مدير عام للامن الوطني يوم 5 جويلية 1962 .
وبذلك ظهرت المديرية العامة للأمن الوطني وتم تسليم المهام بين الرجلين يوم 22 جويلية 1962 في الطابق السفلي لقصر الحكومة حاليا الذي كان مقرا للمديرية العامة للأمن الوطني الى غاية 1965
المصدر : اقنيني زهور / موقع الاذاعة الجزائرية /اذاعة تيبازة