معركة التسليح والاستعلامات، صفحة أخرى في سجل عظمة الثورة التحريرية

بعدما أيقن الشعب الجزائري أن ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة بدأ بالتفكير في العمل المسلح وتم التحضير إلى إنشاء جبهة التحرير الوطني وجناحها العسكري- جيش التحرير الوطني - واختيار الفاتح من نوفمبر كموعد لاندلاع الثورة التحريرية، وانطلقت الرصاصة الأولى، كما تم توزيع بيان أول نوفمبر على الشعب الجزائري واعتمدت الثورة في بداياتها على الأسلحة القديمة ما استوجب التفكير في مصادر أخرى على غرار نصب الكمائن ليتم إنشاء وزارة خاصة أخذت اسم وزارة التسليح والعلاقات العامة .

 ويروي المجاهد بوداود منصور الذي كان مسؤول التسليح بالغرب الجزائري والذي أوكلت له مهمة التنسيق في الخلايا السرية لجبهة التحرير بالمغرب قائلا:" كنا نصنع الأسلحة، مثل المدفع الرشاش والقنابل اليدوية وأسلحة أخرى، لكي نستطيع تحطيم أسلاك خطي موريس وشال، واستعنا في ذالك بخبرات من داخل وخارج الوطن من مهندسين وغيرهم، ثم بدأنا العمل وكان البرنامج كالتالي ،صناعة 10الاف مدفع رشاش ،50 ألف خزان رصاص، وكان الشباب المكلفون بصناعة الأسلحة منهمكين جدا، منهم من بقى عاما كاملا لم يغادر موقع عمله ،لدرجة أن منهم من فقد أعصابه من شدة الإرهاق ومنهم من توفي، إنها ليست بالشيء الهين على الإطلاق".

وكان لفرع الاستعلامات وفك الشفرة دور بارز في كشف الرسائل المشفرة للعدو الفرنسي ما مكن من إحباط العديد من مخططاته العسكرية ،ويروي المجاهد أمير نور الدين انه كان مختصا في الشفرة، يشفر وينزع الشفرة عن الرسائل، ويقول انه  كان يمارس هذا العمل مع الكولونيل هواري بومدين ويضيف "استطعنا أن ننجز هوائيات للاستقبال وكذا الراديو ثم أجرينا تكوينا لمدة شهر بوجدة، ثم أصبحنا نأخذ جميع البرقيات التي تأتي من الجيش الفرنسي لنقوم بفك شفرتها، وكنا نستغرق في هذه العملية ساعات عديدة ، وفي إحدى المرات جاءني الرائد عمر الذي كان مسؤولا علينا وقلت له إنني سوف افقد بصري من شدة هذا العمل فأجابني لا يهم إن فقدت بصرك المهم أن تنجح الثورة ،فمهمتنا مربوطة بالسر".

ورغم أن معركة سلاح الإشارة كانت غير متكافئة مع المستعمر الفرنسي إلا أنها تمكنت من صناعة الفارق وأثبتت للعالم عظمة الثورة ، ثورة بدأت بإطلاق رصاصة الغضب في الجزائر، رصاصة لم تكن طائشة بضغط زناد التسرع بل لتعطي دروسا في رد الاعتبار.

المصدر:القناة الإذاعية الأولى