رئيس الجمهورية يدعو الطلبة الى تحمل "المهمة النبيلة "الملقاة على عاتقهم

أشاد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بالرعيل الاول من طلبة الجامعات و الثانويات الذين لبّوا النداء و التحقوا بصفوف الثورة في حركة عارمة داعيا طلبة اليوم الى استلام المشعل و تحمل المسؤولية.
جاء هذا في اطار المراسم الوطنية الرسمية التي تحتضنها ولاية المدية إحياء للذكرى ال 59 ليوم الطالب هذا الثلاثاء  بحضور وزير المجاهدين الطيب زيتوني. 

وفي رسالة بهذه المناسبة قرأها نيابة عنه مستشاره محمد بن عمر زرهوني أوضح رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة "إننا نحيي في هذا اليوم الأغر ذكرى تلك الحركة العارمة التي قام بها في يوم 19 مايو من عام 1956 طلبة الجامعات والثانويات للإلتحاق بصفوف الثورة التحريرية المباركة".

وأكد الرئيس بوتفليقة ان الغاية من إلاحتفال بهذا اليوم الخالد هي استحضار "بروح الوفاء والعرفان وفي جو مفعم بالخشوع والاعتبار صفحات سنية مشرقة من تاريخ ثورتنا المظفرة". و قال "إنها والله لصفحات نعتز بها غاية الإعتزاز  لأنها تنطوي على أمجاد وبطولات صنعها شباب ثائر من الطلبة البواسل".

وأضاف "من نافلة القول أن نذكر اليوم بأن المهمة النبيلة الملقاة على عاتق طالباتنا وطلابنا تتمثل في استلام المشعل المقدس الذي أوقد جدوته أولئك الشهداء". 

وقد حضر حفل الإفتتاح الذي نظم بالقطب الجامعي للمدية الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين السعيد عبادو وممثلو منظمات طلابية .
وكان الوفد الوزاري قد توجه قبل بدء مراسم الإحتفال بهذه الذكرى  التي تحمل شعار "عهد مع الوطن بالعلم والعمل" الى مقبرة الشهداء بالمدية للترحم على أرواحهم . 
ويتضمن برنامج الإحتفال بهذه المناسبة  تنظيم معرض حول الولاية التاريخية الرابعة  وكذا معرض علمي من تنظيم معهد العلوم والتكنولوجيا  الى جانب تسمية المكتبة المركزية للمدية بإسم  المجاهد الراحل بوعلام أوصديق. 
كما سيتم عرض الشريط وثائقي " الظل و القنديل " للمخرجة ريم لعرج الذي يعيد للذاكرة كفاح الطلبة الجزائريين خلال الثورة التحريرية و تضحياتهم الجسام من أجل الاستقلال.

  نص رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة يوم الطالب

"بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله و صحبه إلى يوم الدين. 

بناتي الطالبات  أبنائي الطلبة 

إننا نحيي  في هذا اليوم الأغر  ذكرى تلك الحركة العارمة التي قام بها  في يوم 19 مايو من عام 1956   طلبة الجامعات و الثانويات للالتحاق بصفوف الثورة التحريرية المباركة.

و الغاية من احتفالنا بهذا اليوم الخالد هي أن نستحضر  بروح الوفاء و العرفان  و في جو مفعم بالخشوع و الاعتبار  صفحات سنية مشرقة من تاريخ ثورتنا المظفرة. و إنها  و الله  لصفحات نعتز بها غاية الإعتزاز لأنها تنطوي على أمجاد و بطولات صنعها شباب ثائر من الطلبة البواسل  و نعني بهم أولئك الذين ناداهم واجب تحرير الوطن  فلبوه دون أدنى تردد  و جوانحهم ملآنة بالعزم الذي لا تلين له قناة  وبالإرادة الصلبة التي لا تعرف معنى الاستكانة. و بالفعل  فقد كان وراء أولئك الفتيان من أبناء هذه الجزائر الأبية إيمان راسخ  ووعي عميق بأن الشهادة العلمية لا تعلو على الشهادة في سبيل الله. و لذلك تطلعت هممهم جميعا إلى خوض غمار الحرب التحريرية من أجل انعتاق شعبهم الذي أثقلت كاهله سطوة المحتل الأجنبي البغيض على مدى مائة و اثنين و ثلاثين عاما.

لقد رأى ذلك الشباب المتوثب الغيور أن لا مندوحة له من مغادرة مقاعد الدراسة و الانطلاق صوب معاقل الثورة  حيثما كانت  في المدن و الأرياف والجبال و الصحاري و في أرض المغترب  لتعزيز صفوف إخوانهم  و إمداد الثورة بأسباب القوة  و طول النفس  بفضل ما اكتسبوه  بعد جهد جهيد من علم و معرفة  و بما انطوت عليه نفوسهم الأبية الثائرة من نخوة و توثب إلى منازلة المحتل ومقارعته أنى حل .

و ما أسرع ما تحول أولئك الطلبة الأشاوس إلى مجاهدين بين إخوانهم الثوار  و كانوا السند و الإسناد لقضية التحرر الوطني في سائر أبعادها.

أجل  لقد تحولوا  في ظرف وجيز  و في وقت واحد  لا إلى بيارق و أسلحة للذود عن حمى الوطن في الميدان فحسب  بل و إلى مدافعين عنه أيضا في المحافل الدولية عن طريق الدبلوماسية البليغة طرحا و حجة  والسياسة السديدة الأريبة التي قوامها الحكمة و الصبر و الثبات على الموقف.

بناتي الطالبات  أبنائي الطلبة 

من نافلة القول  أن نذكر  اليوم  بأن المهمة النبيلة الملقاة على عاتق طالباتنا و طلابنا تتمثل في استلام المشعل المقدس الذي أوقد جذوته أولئك الشهداء  و ذلك بالوفاء الدائم للقيم الوطنية و بالإيمان بأنه لا ازدهار و لا نجاح إلا بالجد  و الكد  والمثابرة في سائر المجالات التربوية  والتحصيل العلمي المستمر  و البحث  و الاستقصاء في مختلف فروع الثقافة العلمية والمعرفة.

إن استلهام صفحات التاريخ  في مثل هذا اليوم  لأمر من الأهمية بمكان  ثم إنه لواجب وطني  يمليه الوفاء لتضحيات الطلبة الشهداء تخليدا لذكراهم  وترحما على أرواحهم الطاهرة. و لعل أنبل الغايات في هذا الشأن أيضا هي تلك التي تتمثل في جعل شباب جامعاتنا يقتدي بأسلافه من الطلبة الشهداء و يجعل منهم نبع إلهام لا ينضب  و عبرة دائمة تحدوه في مضمار التضحية و نكران الذات من أجل مغالبة مختلف التحديات التي تواجهنا جميعا.

و من الأكيد أن لا شيء من ذلك يمكن أن يتحقق  في أرض الواقع  إلا بأداء فروض المواطنة الصالحة المستقيمة  و التحلي بروح الإخلاص في العمل و اتقانه  و تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفردية الضيقة و الانخراط بجدية و فاعلية في مسار التنمية الشاملة  تلك الفروض التي ما فتئت الإصلاحات الجارية تقتضيها يوما بعد يوم. ذلك لأن الغاية المنشودة إنما هي الارتقاء ببلادنا إلى أعلى مراتب النماء و التقدم في جميع القطاعات و المجالات.

بناتي الطالبات  أبنائي الطلبة 

إننا نحتفل بهذه الصفحة المجيدة من تاريخ وطننا المفدى  و نتمعن فيها  في كل آن  و نقلب فيها النظر في رحاب جامعاتنا و بين جنبات مدرجاتها ومكتباتها  و نشعر بالزهو و الانتشاء حيالها  في كل ذكرى  و نحن نحيا في كنف العزة و الكرامة. و لا يتأتى لنا ذلك ما لم تكن الجامعة هي المؤتمن الحصين للذاكرة الوطنية و لأمجاد الأمة بأسرها.

إن هذه الذكرى  بكل ما تحمله من رموز سامية  لهي المناسبة المواتية للتدليل على أن المعرفة أضحت  أكثر من أي وقت مضى  عاملا أساسيا وجوهريا لا مناص منه للمضي قدما في سبيل إنجاز التقدم والتطور الاقتصادي و النماء المعرفي الدائم الذي يفيض بالخير على الإنسان الجزائري في المقام الأول  ثم على أبناء البشرية جمعاء. و عليه  يمكن القول إن العهد الذي كنا نربط فيه التنمية

بالموارد الطبيعية قد ولى  إذ أن الأمر أصبح يقتضي  اليوم  أن نتمسك بإيماننا بالإنسان و بما له من قيمة ومقدرة  ونعني به الإيمان بأهمية و بدور الموارد البشرية وطاقاتها الإبداعية و الإنتاجية التي تعد الوسيلة الحقيقية لكل تقدم أكيد.

 ومن الواضح أن تطور الأمم و الشعوب بات  في الوقت الحالي  مرهونا  حسا و معنى  بما تنتجه وما تنشره وما تستخدمه من علم ومعرفة قبل كل شيء. 

 و عليه  فإن السبيل إلى وضع قدم راسخة في مجتمعات المعرفة  يضع الجامعة  تلقائيا  في صلب هذا التحول  و يخول لها أن تكون الفضاء الملائم للقيام بالدور الهام المنوط بها في هذا الشأن.

لقد أولت الدولة الجزائرية  منذ الاستقلال  اهتماما بالغا للتربية والتعليم العالي  وكذلك للاستثمار في مجالات العلوم الدقيقة. وأبرز دليل على ذلك هو تزايد عدد الطلبة  و عدد الأساتذة و الباحثين  و توسع شبكة المؤسسات التعليمية و البحثية عبر أرجاء الوطن كله.

أجل  يحق للشعب الجزائري أن يفتخر بكونه يرسل يوميا ربع تعداده لتلقي العلم و المعرفة في المدارس و الثانويات و الجامعات و كذا مراكز التكوين. ويحق للدولة الجزائرية أن تفتخر بكون حوالي ربع نفقات التسيير السنوية الإجمالية يرصد لتكوين أبنائها و بناتها في جميع الأطوار.

و نحن نخلد اليوم ذكرى تضحيات الطلبة الجزائريين من أجل إجلاء حنادس الليل الإستعماري  يحق للجزائر المستقلة أن تعتز بالنقلة التي شهدها تعليمها العالي حيث انتقل من بضع مئات  غداة الاستقلال  إلى قرابة مليون ونصف مليون طالب و طالبة.

في خضم هذا التطور حققت الفتاة الجزائرية قفزة هائلة و مكاسب نوعية  تشكل مصدر اعتزاز للأمة بأسرها. و ما ارتفاع نسبة الطالبات في الجامعات الجزائرية  التي فاقت  خلال الأعوام الفارطة  60 %   إلا دليل على هذا التطور.

و لا شك أن نهضة هذا العنصر الجوهري و رقيه المستمر  عن طريق التربية و التعليم والبحث و التأهيل العلمي و المهني  سيفسح له المجال أكثر فأكثر  للمشاركة الإيجابية الملموسة في جميع مناحي الحياة الاجتماعية.

ومن الطبيعي أن تزايد عدد الطلاب يؤدي إلى ظهور بعض الصعوبات من حيث الاستقبال و الهياكل و التجهيزات و التأطير و كوين المكونين. و ليس حتى لجاحد أن ينكر حجم الاستثمارات الضخمة التي خصصت من أجل احتواء الحشود الحاشدة من الطالبات و الطلبة في جميع الجامعات الجزائرية.

و لا بد من التنويه بأن هذا التدفق الطلابي الهائل على الجامعات يمثل عاملا هاما لتوفير الفرص السانحة لبلادنا لكي تقيم اقتصادها على أساس المعرفة الحقة و تجد الكفاءات المؤهلة التي تضطلع بمتطلبات التنمية الشاملة  و تحرص على نشر القيم الثقافية السامية المبنية على التسامح واحترام الغير.

لنقلها صراحة  و أمام الملإ جميعا: إن الجامعيين الجزائريين لقادرون على نشر ثقافة التسامح و الاحترام المتبادل على أرفع المستويات. و في مستطاعهم أن يترجموا  في مضمار الواقع  فضائل الحوار والتفاهم ويذيعوها في الوسط الطلابي و في نطاق المجتمع الجزائري كله. 

و من هذا الباب  يحق للشعب الجزائري أن يرى أبناءه في الجامعات يساهمون في شرح ما يجري من تطورات في عالم اليوم و ما ينجر عنها من تحديات سياسية و أمنية و اقتصادية على بلادنا.

بالفعل  لئن شكل بالأمس شباب الثانويات والجامعات بعلمه و خبراته مددا عتيدا أضاف إضافة هامة إلى فاعلية الكفاح المسلح من أجل انتزاع الحرية والاستقلال  يجب على طلبتنا اليوم أن يكونوا  لدى أهاليهم و مع شباب جيلهم في المدن و الأرياف  طليعة مجتمعنا في مسعى تجنيد طاقاته حفاظا على الوطن و خدمة  لبنائه وازدهاره  و ذلك كله بعيدا عن أي تفرقة إيديولوجية أو حزبية أو من أي نوع آخر كانت.

لقد تم استغراق قدر كبير من الوقت و الجهد لإصلاح التعليم العالي وتمثلت الغاية منه في الارتقاء بمستوى نوعية التعليم و ضمان جودته وإضفاء قيمة أرفع و أفضل على الشهادات الجامعية الوطنية  و تحسين مستوى حضور الجامعة الجزائرية في مصاف جامعات العالم.

ولا بد من الإشارة أيضا إلى أن تشغيل الخريجين الجامعيين هو أحد المحاور الرئيسية لهذه الإستراتيجية. إن تنوع عروض التكوين و مساقاته وإصلاح محتويات البرامج  و إدراج شعب علمية مبتكرة  و الشراكة مع القطاعات الاقتصادية و الاجتماعية  وترسيخ ثقافة المبادرة المقاولتية  لهي من العناصر المحركة لهذا الإصلاح. ينبغي الإعتراف بأن هذا الإصلاح  بالذات يحقق رقيا مستمرا  من عام إلى آخر  رغم ما يعتريه  أحيانا  من نقائص و اختلالات يتعين العمل على تفاديها دون هوادة.        

إن الجامعة كيان حي و نشيط  و من ثم يحتاج  دوما  إلى أن يتأصل و يتكيف و يتطور حسب الآفاق والطموحات التي يرتضيها لنفسه. و أنتم تدركون إدراكا جيدا أن المجتمع كله يرصد حركة الجامعة و سيرها عن كثب  و لذلك  بات لزاما على الجامعة الجزائرية أن تعزز حرصها على النوعية والجودة لأنهما الرهان الحقيقي الذي يضمن نجاح مسار الإصلاح.

بناتي الطالبات  أبنائي الطلبة  

إن الجزائر  بعد أن حققت فضيلتي الاستقرار والأمن  تسعى لتحقيق تنمية نموذجية تتوافر فيها الاحتياجات الأساسية للمواطن الجزائري من منصب عمل  و مسكن و رعاية صحية  و تعليم  وعدالة  و ترقية للحقوق و الحريات الفردية والجماعية مع

دعم مختلف الجوانب المعنوية التي تتلخص في إبداء الرأي بكل حرية و في الشعور بالكرامة و الاعتزاز بممارسة المواطنة.

إن رهان اليوم  إنما يتمثل في إرساء منظومة اقتصادية وفق أسس معرفية ومنهجية سليمة واضحة المعالم. و هذه المنظومة ينبغي أن تقوم على رؤية استشرافية تضمن لها الاستقرار والاستمرار و التواصل.

و يحق لنا أن نجزم بأن دور الجامعة والجامعيين يندرج في صلب هذا الرهان بفضل ما يمتلكونه من قدرات معرفية و مهارات كفيلة بأن تنتقل بالمجتمع  و باقتصاده  إلى مرحلة جديدة من التطور و التقدم. 

و لا يفوتني بهذه المناسبة أن أحيي أسرة التعليم الجامعي و مؤطري فضاء المعرفة هذا و كذا جميع عماله و عاملاته على ما يبذلونه من سهر وتفان خدمة لمستقبل الجزائر بتكوين أبنائها و بناتها.        

بناتي الطالبات  أبنائي الطلبة 

إن إحياء هذه المناسبة  و خاصة و نحن في المدية هذه الولاية المجاهدة المشهود لها بجليل ما قدمته من نفس و نفيس  و في هذه السنة التي كرسناها كلية لتخليد ثورة نوفمبر المظفرة  ينبغي أن يكون بمثابة حافز لكم على الوفاء التلقائي بدين الأمة عليكم. فلتسجلوا جلائل أعمال جيلكم هذا في ثبت أمجاد الأمة على غرار جيل 19 مايو 1956  جيل الخالدين الأبرار".

المصدر:(واج)

        

الجزائر