عرض وزير الصناعة و المناجم عبد السلام بوشوارب هذا الاثنين مشروع القانون المتعلق بترقية الاستثمار أمام المجلس الشعبي الوطني خلال جلسة علنية جرت برئاسة رئيس المجلس محمد العربي ولد خليفة.
و في مداخلته أمام أعضاء المجلس أشار بوشوارب إلى أن هذا القانون "يدخل في إطار جيل جديد من الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف إلى تغيير نمط النمو في إطار سياسة تنويع الاقتصاد المنتهجة من طرف الحكومة".
كما يضبط هذا المشروع إطار الاستثمارات الأجنبية المباشرة "بطريقة تسمح بتكييفه مع المكانة التي يحتلها رأس المال الأجنبي في الاقتصاد الوطني" من خلال تزويدها "بإطار ضبط فعال قادر على القضاء على السلبيات التي تأتي من النشاطات الأقل نفعا للوطن لا سيما الاستيراد و الشراء بغرض إعادة البيع" يضيف الوزير.
و يتطلب تحقيق هذه الأهداف إعادة دراسة و معالجة القواعد التي تشكل ضبط الاستثمارات الأجنبية المباشرة في ثلاثة اتجاهات حيث يتعلق الأمر بنقل بعض القواعد خارج القانون المتعلق بترقية الاستثمار و التخلي عن بعض القواعد الأخرى لعدم قابلية التطبيق و عدم الجدوى و كذا تكييف إطار الاستثمار الأجنبي مع تطور وضعية مختلف القواعد الأخرى التي أثرت على فعالية منظومات تشجيع الاستثمار.
ففيما يخص الاتجاه الأول أشار بوشوارب إلى أن نقل بعض القواعد و الأحكام إلى قانون المالية يهدف إلى "إعادة ترتيب هذه الأحكام و توضيحها و رفع الضبابية و التناقضات و الآثار غير المرغوب فيها التي كانت تطبعها".
و خص الوزير بالذكر كلا من قاعدة اللجوء الإجباري للتمويل الداخلي و قاعدة 51/49 بالمائة التي سجلت بها -حسبه- "ثغرات مالية أجنبية للقيام بعمليات الشراء بغرض إعادة البيع فقط" بالإضافة إلى القواعد التي تحكم الشراكة مع المؤسسات العمومية و التي أصبحت تقتصر اليوم على عمليات فتح رأس المال الخاص بهذه الشركات.
و بالنسبة إلى التخلي عن بعض القواعد لعدم قابلية التطبيق و عدم الجدوى لفت بوشوارب إلى أن الإبقاء على هذه القواعد "غير المجدية" ينتج أثرا سلبيا على جاذبية الاستثمار مثلما هو الحال بالنسبة لقاعدة فائض ميزانية العملة الصعبة و إلزامية الإعلام حول حركات السندات و المساهمين في الشركات الخاضعة للقانون الجزائري و التي تتضمن مساهمة أجنبية.
أما فيما يتعلق بتكييف إطار الاستثمار الأجنبي مع تطور وضعية مختلف القواعد الأخرى فقد أشار بوشوارب إلى حق الشفعة و الذي يهدف القانون الجديد إلى جعله يتماشى مع ما هو معمول به عالميا من خلال إدراج جزء منه في إطار قانون الإجراءات الجبائية.
و لدى تطرقه لترشيد منظومة التحفيزات الخاصة بالاستثمار نوه الوزير إلى أن هذا الإجراء يرمي الى استهداف الاستثمارات التي تدخل في صميم السياسة الاقتصادية المتبعة من طرف الدولة و التي تترجم بتبسيط حقيقي و تسريع اكبر الإجراءات الحصول و تطبيق هذه المزايا.
و يأتي ذلك من خلال مراجعة هندسة نظام التحفيزات بعد تزويد القطاع الصناعي بتحفيزات خاصة به و التوفيق بين المنظومات التحفيزية الحالية التي كانت تعمل منفردة و كذا حذف تدابير التحفيز ذات الطابع الظرفي.
من جهة أخرى شدد بوشوارب على أن الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار باقية وستتحول في إطار القانون الجديد الى "قطب لدعم و استشارة و توجيه ومرافقة للمستثمر".
و بالتالي فان هذه الوكالة "ستتخلص نهائيا من عبء تسيير المزايا التي ستؤول إلى مركز تسيير المزايا الذي يديره إطار من مصلحة الضرائب".
و في إطار لا مركزية القرارات فقد تم استحداث أربعة مراكز متخصصة تضم كل الهيئات و الإدارات التي لها علاقة بإنشاء المشاريع و هي مركز تسيير المزايا و مركز القيام بالإجراءات و مركز الدعم لإنشاء و تطوير المؤسسات و المقاولاتية إضافة إلى مركز الترقية الإقليمية.
و بعد عرض الوزير تم تقديم التقرير التمهيدي عن مشروع القانون المتعلق بترقية الاستثمار و الذي أعدته لجنة الشؤون الاقتصادية و التنمية و الصناعة و التجارة و التخطيط بالمجلس الشعبي الوطني.
و جاء في التقرير أن المبادرة بمشروع هذا القانون تمثل "دليلا على وجود إرادة سياسية قوية لبعث الاستثمار في البلاد" مثمنا الجهود الرامية إلى إعادة التوازن الجهوي خاصة في مناطق الهضاب العليا و الجنوب.
من جهة أخرى اقترحت اللجنة عدة تعديلات على شكل و مضمون القانون و تتعلق أساسا بإعادة صياغة معظم المواد و توضيح أصناف المزايا المقررة في مشروع القانون و إضفاء الطابع الإلزامي على قرار المجلس الوطني للاستثمار بالنسبة للاستثمارات الكبرى و إضفاء الديمومة على مناصب الشغل كشرط للاستفادة من رفع مدة بعض المزايا.
و بلغ مجموع التعديلات المقترحة من قبل اللجنة نحو 40 تعديلا وفقا للتقرير التمهيدي حول مشروعه القانون الخاص بترقية الاستثمار.
و مباشرة بعد عرض التقرير شرع نواب الغرفة السفلى للبرلمان في مناقشة مشروع القانون بحضور وزير الصناعة.