"زوايا الأحداث" تبحث المعلن والخفي في صعود اليمين المتطرف في أوربا

 حاولت حصة "زوايا الأحداث" للقناة الإذاعية الأولى الاقتراب من البحث في خلفيات صعود اليمين المتطرف في عدد من الدول الأوربية، والتداعيات التي ستفرزها هذه الظاهرة على مستقبل الإتحاد الأوربي وعلاقته مع المنطقة العربية وأوضاع الجالية واللاجئين.

في البداية أشار  النائب البرلماني عن جبهة التحرير الوطني عبدالقادر حدوش إلى أن صعود اليمين المتطرف في فرنسا وأوربا بصفة عامة بات أمرا واقعا بعد أن تسببت فيه أسباب داخلية و خارجية، مبرزا ثلاثة مراحل رئيسية في نشأة وصعود هذا التيار تبدأ الأولى، حسبه، من 1939 إلى بداية الثمانينات، ثم الثانية من فترة الثمانينات إلى سنوات الألفية الثانية، في حين لا تزال المرحلة الثانية مستمرة من تلك الفترة حتى الوقت الحاضر ، وكل مرحلة طبعت فيها هذه الأحزاب ببصمتها على حد تعبيره.

و عاد المتحدث إلى  ظروف نشأة حزب الجبهة الوطنية في فرنسا، بقيادة جون ماري لوبان، حتى حصوله  عام 1984 على 11 بالمائة من أصوات الناخبين في الانتخابات الأوربية محققا مفاجأة كبرى و مقدما نفسه، في الوقت ذاته، كقوة بديلة نجحت مع مرور الوقت في أن تقدم نفسها كبديل إلى أن بات اليوم مرشحا بقيادة ماري لوبان القوة الأولى بالإنتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة (2017) مستغلا في ذلك انقسام الطبقة السياسية خصوصا اليسار.

وأوضح أن فشل اليسار واليمين في حل مشاكل المواطنين، كان أحد أسباب صعود اليمين المتطرف بقوة في أوربا، حيث أصبح هذا التيار حاليا القوة الأولى ومرشح لبلوغ الدور الثاني للرئاسيات في فرنسا مثلا.. " وعندما يحصد هذا اليمين نحو 25 أو 30 بالمائة من الأصوات في بلد كفرنسا، العضو الدائم بمجلس الأمن الدولي، قد يسم بسمعة وشرف وهيبة هذا البلد الغربي كدولة راقية" على حد قوله.

بدوره أبرز مدير  المركز العربي للدراسات السياسية في جنيف رياض صيداوي عاملا أساسيا في صعود "الأحزاب القومية" –كما يسميها- في أوربا معتبرا أن " الأزمة الهيكلية الاقتصادية البنيوية التي عاشتها الرأسمالية  المركزية في نيويورك وباريس ولندن تقارب أزمة 1929 التي أدت إلى صعود النازية والفاشية".

واضاف:" لا يمكننا نحن مواطنو المغرب العربي أن نستوعب مثلا أن فرنسا مفلسة، لكن  حقائق الاقتصاد ومعايير السوق الإقتصادية تكشف أن فرنسا فعلا بلد مفلس. لذلك وجد اليمين القومي الفرصة سانحة، سواء في فرنسا أو أمريكا أو انجلترا، للانتعاش لأن هذه الأحزاب ضد العولمة، وهنا في أوربا، في سويسرا أو فرنسا أو في بريطانيا أو ألمانيا، يتساءلون أين اختفت صناعة النسيج وصناعة الأحذية وأجهزة الحاسوب؟ صحيح أنها مسجلة بهذه الدول لكن الواقع أنها تصنع في الصين. فالطبقة البروليتارية أو العاملة التي صوتت لترامب في أمريكا وتريد الذهاب لليمن القومي لأنها تريد الحمائية الإقتصادية".

لكن الأستاذ الجامعي المحلل السياسي مخلوف ساحل اعتبر أن "المد الوطني ليس جديدا في أوربا  لكنه قديم وإن اتخذ تسميات مختلفة".

وأشار إلى أن "هذه الأحزاب تصنف في الدراسات السياسية وعلم الاجتماع السياسي في أوربا على أنها تنتسب لما يسمى باليمين المتطرف الذي يتموقع بعيدا عن اليمين التقليدي واليسار أو اليسار المتطرف. اليمن المتطرف هو الذي يتشعب لعدة تيارات كالفاشية الجديدة والنازية الجديدة ومتطرفين جمهوريين وغيرهم".

واضاف :" رغم الهزيمة التاريخية التي مني بها هذا التيار أثناء الحرب العالمية الثانية، إلا أن اليمين المتطرف نجح في إعادة تموقعه سياسيا ، فحزب الجبهة الوطنية في فرنسا تعود نشأته إلى 1972، وفي سنة 1984 أحدث مفاجأة من خلال الاستحواذ على عدد كبير من أصوات الناخبين بالانتخابات الأوربية، ثم استطاع الوصول إلى الدور الثاني من الرئاسيات النمساوية وغيرها".

وعدّد رئيس تحرير مجلة "أفريقيا- آسيا" ماجد نعمة أسبابا مختلفة يعتقد أنها تقف وراء صعود اليمين المتطرف في القارة العجوز، بدءا، كما قال، من الأزمة الإقتصادية ووصولا إلى الضياع القومي والفكري.

وقال:" عندما تكون هناك أزمة اقتصادية واجتماعية فإن الرأي العام يبحث عن كبش فداء، لذلك يجد اليمين المتطرف الفرصة للبروز و تقديم نفسه بديلا عن اليسار واليمين والوسط، وهي ليست جديدة بل تعود جذورها إلى الحرب العالمية الثانية مع صعود النازية والفاشية بسبب الانهيار الاقتصادي و الضياع القومي و الفكري".
واضاف:"  ما نلحظه اليوم في أوربا استنساخ لما عاشته أوربا في الأربعينيات أو قبلها، حيث ترى بعض الأحزاب في أوربا أنها ضيعت إستقلالها ولم تعد تقرر مصيرها بنفسها، وبدأت في طرح نفسها كبديل خصوصا في ظل أزمة اللاجئين التي تسببت فيها، أصلا، بلدانهم ضد دول أخرى".

العالم