ردود فعل متأسفة ومحذرة من تداعيات الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي واجتماع أوروبي-إيراني الاثنين المقبل

توالت ردود فعل الدول الكبرى متأسفة ومحذرة من  تداعيات الانسحاب الأمريكي الرسمي من الاتفاق النووي المبرم مع إيران, فيما تم  الأربعاء الإعلان عن اجتماع  الاثنين المقبل بين وزراء خارجية أوروبيين  مع ممثلي عن طهران , للبحث في كيفية الحفاظ  على القرار الخاص بالاتفاق النووي  مع إيران.

وفي ردهم على إدارة الرئيس ترامب التي أبت إلا أن تتخذ مسارا خلافا لمواقف  حلفائه الغربيين كبريطانيا وفرنسا وألمانيا  الداعمين للالتزام بالاتفاق, أعرب   القادة الثلاث لهذه الدول , في بيان مشترك,  عن "أسفهم" و "انشغالهم" على  قرار انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من مخطط العمل الشامل المشترك",  مؤكدين عن التزامهم "المستمر" بالاتفاق الذي يكتسي -كما قالوا- "أهمية خاصة  لأمننا المشترك" وذكروا بأنه "حظي بإجماع  مجلس الأمن الدولي".

واعتبر القادة الثلاث, أن هذه اللائحة تظل الإطار الدولي "الملزم قانونا"  لتسوية الخلافات المرتبطة بالبرنامج النووي الايراني, داعين جميع الأطراف إلى  "مواصلة العمل على تجسيده و العمل ضمن روح من المسؤولية".

كما ذكروا  في البيان, أن إيران حسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية "تواصل  الامتثال للبنود المنصوص عليها في مخطط العمل الشامل المشترك المتماشية مع  التزاماتها في إطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية", مشيرين إلى أن "إيران  مطالبة بمواصلة احترام التزاماتها حسب بنود الاتفاق من خلال الامتثال كليا  لمتطلبات عمليات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

وقال وزير الخارجية الفرنسية , جان ايف لودريان, سنجتمع الاثنين المقبل  مع نظرائنا البريطانيين والألمان وممثلين عن طهران ل"وضع تصور عام لهذا الوضع"   بعد الانسحاب الأمريكي  من الاتفاق النووي المبرم مع إيران , مضيفا أنه يجب  أن "يلتزم الإيرانيون بالقرار وفي المقابل سيستفيدون أكثر من الفرص   الاقتصادية". 

وفي هذا السياق, أبدت  الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن التزامها  بتعهداتها في دعم الاتفاق باعتباره "انجاز" المجتمع الدولي, ومن ثم تنسيق  العمل مع جميع الأطراف المتبقية ضمن الاتفاق, للإبقاء على صيغته الحالية, حيث   أعربت كل من الامم المتحدة وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة  وألمانيا, عن  انشغالها , إزاء القرار الأمريكي, الأحادي الجانب,الذي تخلى  بموجب , مساء الثلاثاء ,عن الاتفاق المبرم عام 2015 .

روحاني: الاتفاق النووي أصبح  بين إيران و5 دول أخرى فقط

وفي هذا السياق, أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني,  أن الاتفاق النووي أصبح  بين إيران و5 دول أخرى فقط , مستثنيا بذلك الولايات المتحدة الأمريكية منه,حيث قال, في كلمة بثها التلفزيون الإيراني, أن "إيران ستنظر من الآن فصاعدا  كيف ستتعامل الدول الخمس الأخرى مع الاتفاق النووي", مؤكدا أنه في حال أدركت  إيران أنها لم تحصل على مصالحها في إطار هذا الاتفاق ستتخذ قرارات جديدة في  هذا الخصوص.

وأكد روحاني أن الولايات المتحدة الأمريكية  "لم ولن تلتزم بما تعهدت به على  الإطلاق" مشيرا إلى أن الاتفاق النووي هو اتفاق دولي صادق عليه مجلس الأمن  الدولي وليس اتفاقا ثنائيا. كما أوضح أن إيران ستبدأ محادثات مع روسيا والصين  والدول الأوروبية المعنية بالاتفاق النووي , مقللا في الوقت نفسه, من أثر  تداعيات العقوبات الأمريكية المتوقعة ضد إيران, قائلا "سيكون هناك هدوء  واستقرار في الأسواق وتأمين للعملات الصعبة التي يحتاجها الشعب الإيراني".

البرلمان الإيراني يدين الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي

أدان المجلس الإيراني (البرلمان) هذا الأربعاء  انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الدولي المبرم في عام 2015, حسبما  ذكر التلفزيون الرسمي.

وقال رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب  "نظم عرضا دبلوماسيا" لأكثر من عام بشأن الانسحاب من خطة العمل المشتركة  الشاملة.

وقال لاريجاني "يبدو أن ترامب لا يملك القدرة العقلية للتعامل مع القضايا  ولغة القوة أكثر فعالية لهذا الشخص ومن ثم فإنه قد يواجه عواقب لصفاته  المتعجرفة".

وحذر لاريجاني من أنه إذا لم تحقق إيران أهدافها في إطار الاتفاق, فستتابع  مصالحها الخاصة بغض النظر عن الالتزامات بموجب الاتفاق" مضيفا أن منظمة الطاقة  الذرية الإيرانية بحاجة للاستعداد على نحو كامل لاستئناف كافة الأنشطة النووية  واتخاذ إجراءات مضادة.

وقام عدد من النواب الإيرانيين اليوم, في خطوة رمزية, بإشعال النار في وثيقة  خطة العمل المشتركة الشاملة بالبرلمان احتجاجا على قرار الرئيس الأمريكي  بالانسحاب من الاتفاق.

الامم المتحدة تدعو الدول الاخرى الموقعة الى الالتزام بالاتفاق

من جهته, أعرب أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه العميق  إزاء إعلان الادارة الامريكية من الاتفاق واستئنافها فرض العقوبات على طهران,  وقال في بيان له امس "لقد أكدت باستمرار أن خطة العمل المشتركة الشاملة, تمثل  إنجازا كبيرا في مجال عدم الانتشار النووي والدبلوماسية وأسهمت في تحقيق السلم  والأمن الإقليميين والدوليين " . 

وشدد غوتيريس على ضرورة معالجة جميع المخاوف المتعلقة بتنفيذ الخطة من خلال  آلياتها قائلا :"يجب التعامل مع القضايا التي لا تتعلق مباشرة بخطة العمل  المشتركة الشاملة دون المساس بالحفاظ على الاتفاقية وإنجازاتها", داعيا بقية  الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي إلى الالتزام الكامل بها وجميع الدول  الأعضاء الأخرى إلى دعم الاتفاقية".

خيبة أمل روسية وقلق تركي من أن يثير قرار ترامب صراعات جديدة

وفي سياق متصل, اعربت روسيا عن "اسفها العميق" لقرار البيت الابيض ,  مؤكدة عزمها "مواصلة التعاون الثنائي والحوار السياسي مع طهران" حيث عبرت   وزارة الخارجية الروسية في بيان لها الليلة الماضية عن "الأسف العميق" من قرار  الرئيس الأمريكي "التخلي بصورة أحادية الجانب عن تطبيق التزامات بلاده  بالاتفاق النووي الإيراني وإعادة فرض العقوبات الأمريكية ضد إيران" مبرزة ان  الخطوة الامريكية تمثل "تهديدا للأمن الدولي" بعد أن أكدت ان روسيا ستواصل  "الجهود للحفاظ على الصفقة ". 

وبهذا الشأن, أوضحت الخارجية الروسية, إن "خطة العمل المشتركة الشاملة, تمثل  اتفاقا دوليا بالغ الأهمية لاسيما وأنه تمت المصادقة عليه بقرار مجلس الأمن  رقم 2231 الصادر عام 2015  , وإنه ليس ملكا للولايات المتحدة فقط ولكنه إنجاز  للمجتمع الدولي كله , الذي أكد مرارا على اهتمامه بالحفاظ عليه وتطبيقه الصارم  والمستدام في مصلحة تعزيز السلم والأمن دوليا وإقليميا,  وكذلك تعزيز نظام منع  انتشار الأسلحة النووية", لافتة إلى التزام إيران بصورة صارمة بكل التعهدات  التي تحملتها  الأمر الذي تؤكده دوريا الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

من جانبه، قال متحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن قرار الولايات المتحدة الانسحاب من جانب واحد من الاتفاق النووي سيزعزع الاستقرار ويثير صراعات جديدة.

وبخصوص موقف الاتحاد الاوروبي, فقد أكدت وزير خارجية الاتحاد الاوروبي,  فدريكا موغريني , مساء أمس, في تصريح مقتضب في ممثلية المفوضية الاوروبية  بروما, ان الاتحاد "مصر على الحفاظ " على الاتفاق النووي مع ايران, قائلة ان  اتفاق فيينا "يستجيب لهدفه و هو ضمان بان ايران لن تطور اسلحة نووية و الاتحاد  الاوروبي مصمم على الحفاظ عليه",  و أضافت انها قلقة شخصيا بشان "الاعلان عن  عقوبات امريكية جديدة " ضد طهران من طرف ترامب .

بدوره ,  وصف الرئيس الأمريكي السابق, باراك أوباما  الذي جرى في عهده  إبرام الاتفاق النووي الإيراني, قرار ترامب ب "المضلل جدا"  معتبرا أنه "خطأ  فادح" من شأنه أن ينال من مصداقية الولايات المتحدة في العالم. حيث  قال في  بيان له  "أعتقد أن قرار تعريض الاتفاق النووي للخطر دون أي انتهاك من جانب  إيران هو خطأ جسيم", مضيفا "في الوقت الذي نقلق فيه جميعا بشأن نجاح  الدبلوماسية مع كوريا الشمالية  فإن الانسحاب من خطة العمل المشتركة يهدد  بفقدان الصفقة مع إيران والتي تماثل ما نتطلع إليه مع كوريا الشمالية".

ترحيب اسرائيلي

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الرئيس الأمريكي اتخذ قرارا شجاعا وصحيحا بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران والذي كان "وصفة لكارثة".

وقال نتنياهو في كلمة تلفزيونية استمرت دقيقتين وألقاها بالعبرية والإنجليزية إن الاتفاق الإيراني كان "وصفة لكارثة، وكارثة لمنطقتنا وكارثة للسلام في العالم"

هذا ورحبت السعودية بقرار الرئيس الأمريكي الانسحاب من الاتفاق النووي الدولي مع إيران وإعادة فرض عقوبات اقتصادية على طهران.

كما قالت دولة الإمارات إنها تؤيد قرار الولايات المتحدة وعبرت عن دعمها لاستراتيجية الرئيس دونالد ترامب في التعامل مع طهران.

من جهتها، أعلنت مملكة البحرين "تأييدها" قرار ترامب "الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران واستئناف العقوبات المشددة على النظام الإيراني".

ويأتي قرار ترامب تنفيذا لوعد قطعه  في وقت سابق  بالانسحاب من الاتفاق,   في حال عدم التوصل إلى صيغة جديدة له وفرض قيود إضافية على إيران  رغم  المطالب الملحة والضغوط الكبيرة من الدول الموقعة على الاتفاق النووي على  واشنطن  طيلة الأشهر الماضية  وفي مقدمتها حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية   بريطانيا وفرنسا وألمانيا , للالتزام به .

للتذكير فان الاتفاق  الموقع في جويلية 2015 بفيينا بين ايران و مجموعة الـ 5+1  (الصين و الولايات المتحدة و فرنسا و المملكة المتحدة و روسيا و المانيا) يلزم  ايران بعدم البحث عن امتلاك السلاح النووي بقبول التخلص من برنامجها النووي و  الغاء كل بعد نووي عنه , و بالمقابل تتحصل ايران عن رفع تدريجي و مؤقت  للعقوبات الدولية التي فرضت عليها بسبب هذا البرنامج.

العالم