أكدت مجلة الجيش في عددها الأخير أن عوامل القوة الرادعة أصبحت في متناول الجيش الوطني الشعبي و هوما تحقق ضمن "رؤية متبصرة تبتغي تطوير منظومة الدفاع الوطنية و الرفع المتزايد للقدرة القتالية", إلى جانب تعزيز الصناعات العسكرية التي "فرضت نفسها كخيار استراتيجي" يرمي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي.
و جاء في افتتاحية مجلة الجيش أنه و "ضمن مقاربة شاملة و بعيدة النظر و وفق استراتيجية ذات طابع عملياتي محض و توجه ينم عن انشغال دائم بتطوير قوام المعركة لقواتنا المسلحة, اهتمت القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي بإعداد مختلف تشكيلات قواتنا المسلحة وتحضيرها وضمان جاهزيتها القصوى".
و يمر هذا الهدف عبر تركيز الجهود على محاور أساسية أهمها "التحضير القتالي والتكوين والصناعة العسكرية", و هو ما يعكسه الحرص الذي ما فتئ يبديه الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني, رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي خلال زياراته لمختلف النواحي العسكرية, بخصوص التأكيد على "ضرورة التقيد الصارم بتنفيذ برامج التحضير القتالي باعتباره حجر الأساس الذي يقوم عليه التطور المنشود و الجاهزية المطلوبة", بما ينسجم مع الإعداد الجيد لمتطلبات إكساب عوامل القوة الرادعة و هو ما "أصبح في متناول الجيش الوطني الشعبي, الحريص على أداء مهامه الدستورية النبيلة المنوطة به على أكمل وجه وهو ما يتساوق أيضا مع طموحات شعبنا المشروعة في بلوغ جيشه أعلى درجات القوة", تضيف المجلة, لسان حال الجيش الوطني الشعبي.
فبفضل هذه الرؤية "المتبصرة" التي ترمي إلى تطوير منظومة الدفاع الوطنية و الرفع المتزايد للقدرة القتالية لمختلف تشكيلات الجيش الوطني الشعبي, عرفت هذه الأخيرة "قفزة نوعية", حيث كان الرهان ينصب أساسا على "توفر عنصر بشري مؤهل تأهيلا عاليا" و "جعله بمثابة استثمار مربح كفيل بإنجاح مسعى تحديث و عصرنة و تطوير الجيش الوطني الشعبي و الارتقاء بجاهزيته'' و هذا لكونه شرطا ضروريا لبلوغ أرقى درجات التحضير القتالي.
و على هذا الأساس, "عكفت القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي على إعداد مقاتل متكامل عسكريا و علميا للقيام بدوره ضمن القوات المسلحة وقت السلم و الحرب", و ذلك ضمن خريطة طريق تبدأ بـ"العناية القصوى بالجانب التكويني من القاعدة إلى أعلى هرم المنظومة التكوينية", مثلما كان قد أوضحه الفريق قايد صالح, و هو الأمر الذي أثمر, على سبيل المثال لا الحصر, إعادة بعث مدارس أشبال الأمة ببعديها التاريخي و المستقبلي, بمبادرة من رئيس الجمهورية و التي تمثل "خزانا بشريا نوعيا".
و قد سمحت المعادلة التي تضمنت التكامل في التكوين بين الجانبين التعليمي و التأهيلي من جهة و الجانب العملي و الميداني المنوط ببرنامج التحضير القتالي من جهة أخرى, بتقدم الجيش الوطني الشعبي "خطوات جبارة" في مجال الإلمام و التحكم في العلوم العسكرية بمختلف تخصصاتها و كذا في شتى المعارف العلمية و التكنولوجية, يضيف المصدر ذاته.
فإلى جانب ما تفرضه مواكبة المستجدات في مجال تطوير و تحديث القدرات القتالية, "فرضت الصناعات العسكرية نفسها كخيار استراتيجي نابع من توجه وطني يرمي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي واستحداث مناصب شغل لفائدة الشباب و المساهمة من ثم, في تطوير النسيج الصناعي الوطني".
و استشهدت الافتتاحية في هذا السياق بما كان قد جاء على لسان الفريق قايد صالح خلال زيارته مؤخرا للقاعدة المركزية للإمداد حيث كان قد صرح بأن مبدأ الاكتفاء الذاتي في الصناعات العسكرية, كان و سيبقى "الدافع الحقيقي و الفعلي نحو المزيد من الجهد و المزيد من السعي المثابر من أجل تحقيق هذه الغاية التي تتطلب اعتبار الزيادة المتواصلة لنسب الاندماج بمثابة الحتمية التي تؤمن و تضمن تكامل المسارات التكنولوجية و تجعل منها نموذجا مثاليا في مجال تطوير آليات الصناعات العسكرية و تحديثها".
كما لفتت إلى أن هذه الانجازات و غيرها لم يكن لها أن تتحقق لولا التضحيات الجسام لقوافل الشهداء و من بينهم ضحايا حادث تحطم الطائرة العسكرية ببوفاريك يوم 11 أبريل المنصرم, حينما كانوا بصدد الالتحاق بوحداتهم للاضطلاع بمهامهم النبيلة.