شدد وزير العدل، حافظ الأختام الطيب لوح، هذا الاثنين، على أن آلية الدفع بعدم دستورية القوانين تندرج في إطار الإصلاحات الرامية إلى "سد كل الثغرات التي قد تكون سببا في تسرب عوامل الضعف والوهن للجزائر".
وفي كلمة له في افتتاح أشغال الندوة الوطنية حول "الدفع بعدم دستورية القوانين "، أكد السيد لوح أن هذه الأخيرة تندرج ضمن الإصلاحات التي أقرها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في قطاع العدالة والتي تهدف إلى "سد كل الثلمات و الثغرات التي قد تكون سببا في تسرب عوامل الضعف والوهن لوطننا"، وهو اعتبره "احترازا يلتقي عنده كل الجزائريين مهما كانت مشاربهم و اختلف آرائهم".
كما ذكر أيضا بأن هذه الإصلاحات المستمرة منذ سنوات، الغاية منها "ترقية الأطر الناظمة للمسار الديمقراطي" و "تحصين البلاد من كل ما يمكن أن يفتح الباب من جديد أمام العودة إلى الأوضاع الأليمة التي عاشتها الجزائر خلال عشرية كاملة و التي كادت آنذاك أن تعصف بالدولة الوطنية برمتها"، يقول لوح.
وفي حديثه عن أهمية هذه الندوة، أشار لوح إلى أن استخدام هذه الطريقة من طرق الدفع المباشر بعدم الدستورية سيحول المواطن إلى مساهم في تعزيز دولة القانون، بحيث سيصبح "العين التي تحرص حقوقه المضمونة في الدستور" و بالتالي ترسيخها و صونها و احترامها.
كما أعرب في عن قناعته بأن إدراج هذا النمط القانوني الجديد والمكرس فعليا في دستور 2016، سيفضي إلى إحداث "تغيرات معتبرة" في سير العدالة والمنازعات القضائية، مما يعد "خطوة أخرى متقدمة على طريق تعزيز دولة الحق والقانون ".
وتوقف في هذا السياق عند الدور المنوط بالقضاة في إنجاح هذه الآلية و تحديد مدى نجاعتها مستقبلا، بحيث سيقع على عاتقهم التدقيق في فحص الأوجه المثارة من طرف المتقاضين قبل الفصل في ملاءمة رفعها إلى المجلس الدستوري من عدمها.
ونفس الأمر بالنسبة للمحامين الذين ستتيح لهم هذه الوسيلة أداة جديدة للدفاع عن الحريات العامة لها قوتها، بحيث "يتعين تقدير آثارها التي قد تؤدي إلى إلغاء نص تشريعي ساري المفعول".
وعلى صعيد ذي صلة، حرص لوح على التذكير بأن المجلس الدستوري يظل في هذه العملية مؤسسة منفصلة و مستقلة عن المحكمة العليا و مجلس الدولة ، على خلاف أنظمة قضائية أخرى.
آلية الدفع بعدم الدستورية ستمكن خلال سنوات من جعل القوانين مطابقة تماما للدستور
من جهته أكد رئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي، أن آلية الدفع بعدم دستورية القوانين التي ستدخل حيز التنفيذ مارس المقبل "ستسمح لا محالة، في وقت لاحق، بتصفية الإطار القانوني حتى يصبح مطابقا تماما للدستور".
وأوضح ا مدلسي أن هذه الآلية المستحدثة في اطار التعديل الدستوري لسنة 2016 تعد إجراء سيسمح للمجلس الدستوري و للمرة الأولى في تاريخ المنظومة القانونية الوطنية بالمراقبة البعدية لدستورية القوانين.
وستمكن هذه الآلية الجديدة التي سيشرع في تطبيقها في السابع من مارس المقبل بإدراج تعديلات على النصوص القانونية التي سيثبت تعارضها مع القانون الأسمى للبلاد وبالتالي مراجعتها حتى تصبح مطابقة له بشكل كلي.
وقد تناولت المادة 188 من الدستور المعدل هذا الإجراء ذي الطابع الاستثنائي الذي يأتي ليؤكد أن القاعدة هي أن احترام القوانين للدستور و مطابقتها له، يقول السيد مدلسي الذي أضاف بأنه قد تم تسجيل ثغرات في هذا الجانب حتى لدى أعرق الدول و أوفرها تجربة في المجال القانوني.
واستشهد في هذا السياق بالمجلس الدستوري الفرنسي الذي "يحصي سنويا ما لا يقل عن مائتي إخطار حول عدم دستورية القوانين، يقبل منها نحو ستين إخطارا".
و في الجزائر، ستمكن هذه الآلية من اكتشاف هذه الاستثناءات، إن وجدت، بفضل المواطن المتقاضي الذي سيلعب دورا فاعلا في هذه العملية، يتابع السيد مدلسي.
للإشارة، ستعرف هذه الندوة الوطنية التي ستستمر أشغالها على مدار يومين، استعراض تجارب بلدان عديدة في تطبيق هذا الإجراء القانوني، على غرار فرنسا واسبانيا و الغابون والسينغال على أن تختتم بإصدار توصيات ستشكل أرضية لتطبيق هذه الآلية.
المصدر : الإذاعة الجزائرية/وأج