قال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في حوار أجراه مع الأسبوعية الفرنسية لوبوان (Le Point) هذا الأربعاء "إن البلاد كانت على حافة الهاوية عندما تم انتخابه في ديسمبر 2019 ومن حسن الحظ حدثت هبة شعبية وجاء الحراك الأصيل المبارك في الـ22 فيفري 2019 ، ومكن ذلك من إيقاف انهيار الدولة وإلغاء العهدة الخامسة والتي كانت ستمكن العصابة المنتفعة والتي استولت على صلاحيات رئيس الجمهورية من الاستمرار في حكم البلاد".
واعتبر رئيس الجمهورية أن مؤسسات الدولة لم تكن تحظى بالمصداقية والفعالية، حيث طغت مصالح جماعة أصحاب المال والمنافع الشخصية على مصالح الدولة وهو ما تطلب منه العمل بعد انتخابه على إعادة بناء الجمهورية وما يتبعها من مؤسسات ديموقراطية .
ونفى الرئيس تبون أن يكون مرض "كوفيد 19" "قد أثر على أداء مهامه في إدارة شؤون البلاد خلال فترة تواجده بالخارج للعلاج ولكنه اعترف في نفس الوقت بأن المرض عطل برنامج الإصلاحات التي وعد بها، حيث قال " لقد نجحنا في أن نجعل مؤسسات الدولة تستمر في أداء مهامها وهو خير دليل على أننا نجحنا في إعادة الاعتبار لهذه المؤسسات".
"هناك اقبال للشباب الجزائري على التشريعيات"
وبخصوص تشريعيات الـ12 جوان المقبل أكد الرئيس تبون بان "هناك اقبال للشباب الجزائري على التشريعيات" وأنه يعتقد بأنه ليس هناك خيار آخر امام البلاد، مشيرا إلى أن "أولئك الذين يريدون دفع البلاد الى المزيد من المغامرات يضيعون وقتهم".
وأضاف رئيس الجمهوربة قائلا:"هناك إقبال من الشباب والكثير منهم يسجل في القوائم الانتخابية عكس ما كان عليه الحال في السابق" مستطردا بالقول"عندما كنت مريضا كانت الشائعات تتزايد وذهبت الى حد الاعلان عن وفاتي، وقد كان أغلبية الجزائريين يعيشون حالة من القلق سادت حتى عند الذين لم يصوتوا لصالحي، أو حتى الذين يعارضونني، وهذا ما يؤكد بقوة على رغبة الجزائريين في بقاء بلادنا في إطار الشرعية ".
وفي رده على سؤال حول ما اذا كانت الأغلبية تعارض الانتخابات التشريعية، نفى الرئيس هذا الإعتقاد و قال : " ما ألاحظه على مستوى التراب الوطني لا يوحي بأن أغلبية الجزائريين هم ضد الانتخابات" متسائلا :"تقولون مجموعة كبيرة تمثل المعارضة؟ كم عددها ؟" و يرد قائلا إن "كل وسائل القياس التي بحوزتنا تشير الى وجود أقلية تقدم نفسها على أنها الاغلبية بفعل توفرها على ثقل إعلامي وتحديدا من وراء البحار".
وضمن هذا السياق ، تأسف رئيس الجمهورية لموقف بعض السفراء الذين لا يرون إلا هذه الأقلية لأنهم يعيشون معها ويتجاهلون الاغلبية من الناس ويرفعون تقارير مغلوطة لحكوماتهم .
وحول إمكانية فوز الاسلاميين بالأغلبية البرلمانية خلال التشريعيات القادمة، طمأن رئيس الجمهورية بأن" الاسلام السياسي ،الايدولوجيا ، التي سعت للاستيلاء على الحكم في تسعينيات القرن الماضي لن يكون لها أي وجود في الجزائر"..واستدرك رئيس الجمهورية قائلا: " الاسلام السياسي لم يكن عقبة في طريق التنمية في بلدان مثل تونس و تركيا أو مصر ، مثل هذا النموذج من الاسلام السياسي لا يزعجني لأنه لا يعلو فوق قوانين الجمهورية التي ستطبق بحذافيرها ."
حضور الجيش الوطني الشعبي في الحراك ايجابي
وحرص رئيس الجمهورية في حواره لأسبوعية " لوبوان" الفرنسية على الإشادة بقوة بدور الجيش الوطني الشعبي واعتبر حضور هذه المؤسسة طبيعيا وإيجابيا حيث فضلت من البداية حماية سلمية الحراك الشعبي .
واستطرد قائلا : "الجيش مؤسسة عصرية وذات احترافية ولولا ذلك لصارت وضعية البلاد أسوء مما آلت اليه الأمور في كل من سوريا وليبيا" مذكرا بالدعوات التي صدرت عن بعض الديمقراطيين للجيش بالتدخل عند انطلاق مسيرة الحراك الشعبي ولكنها رفضت واختارت حماية سلمية الحراك.
وضمن هذا السياق قال الرئيس تبون " لو كانت مؤسسة الجيش تريد السلطة لفعلت ذلك خصوصا وأن ذلك كان مطلبا شعبيا من أجل وضع حد لمهزلة العهدة الخامسة، وانقاذ مؤسسات الدولة من الانهيار، ولكنها رفضت الحكم ولن تفعل ذلك لأنها تؤمن و تلتزم بالشرعية ".
وحرص الرئيس خلال هذه المقابلة على التذكير بأن : "مؤسسة الجيش انسحبت نهائيا من الساحة السياسية منذ أواخر الُثمانينيات وقد انتهت هذه الفترة التي كان فيها ضباط من الجيش يحوزون على العضوية في اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني" قائلا :" الجيش لم يعد يمارس السياسة".
اصلاح سياسة الدعم: الشروع في تفكير وطني بعد الانتخابات التشريعية والمحلية
كما أكد رئيس الجمهورية على الشروع في تفكير وطني حول اصلاح سياسة دعم الدولة، يضم بشكل خاص النقابات والمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمنتخبين، وهذا بعد اجراء الانتخابات التشريعية والمحلية مؤكدا ان الجزائر ستبقى دوما "دولة ذات طابع اجتماعي".
وأوضح الرئيس تبون بقوله "المشروع جار اعداده، وأنا بصدد انتظار انتخاب المجالس، من برلمان ومجالس محلية، لأجل الشروع في تفكير وطني، لاسيما مع النقابات والمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمنتخبين".
وجدد في ذات الصدد التزام الدولة بالحفاظ على المكتسبات الاجتماعية التي كرسها بيان أول نوفمبر 1954.
كما شدد على أن "الجزائر ستكون دولة اجتماعية على الدوام، ذلك لأنه مطلب أولئك الذين ضحوا من أجل هذا البلد، وقد دعا بيان أول نوفمبر 1954 إلى انشاء دولة ديمقراطية واجتماعية. تلكم هي أمنية شهدائنا".
وأضاف يقول إن الدولة الاجتماعية ستبقى "مبدأ صالحا للطبقات المتوسطة والمستضعفة، لكن الأشد ثراء لن يكونوا معنيين بعد الآن بالدعم"، موضحا أنه في السنوات الأولى للاستقلال، "كان المليونيرات يعدون على أصابع اليد الواحدة، أما اليوم فإن الجزائر تحصي منهم مئات المليارديرات".
الجزائريون ينتظرون "اعترافا كاملا بكل الجرائم التي اقترفتها" فرنسا الاستعمارية
وأكد رئيس الجمهورية، أن الجزائريين ينتظرون "اعترافا كاملا بكل الجرائم التي اقترفتها" فرنسا الاستعمارية، مؤكدا أن الاعتراف بجرائمها يعد شكلا من أشكال الاعتذار.
وقال الرئيس تبون: "'الجزائريون ينتظرون اعترافا كاملا بكل الجرائم التي اقترفتها فرنسا الاستعمارية"، مؤكدا أنه في تاريخ الاستعمار كانت هنالك "ثلاث مراحل مؤلمة" بالنسبة للجزائر.
وأشار الى "بداية الاستعمار مع ابادة دامت أربعين سنة لقبائل على بكرة أبيها وقرى كاملة أبيدت ومحارق اقترفت.ثم أتت بعدها مرحلة النهب حيث تمت مصادرة اراضي الجزائريين لتوزع على الأوروبيين".
كما ذكر بـ"فظائع 8 ماي 1945 حيث سقط 45.000 شهيدا ثم حرب التحرير عندما حمل الجزائريون السلاح لتحرير البلاد".
وأوضح الرئيس تبون أن "كل هذا لا يعني جيل الرئيس ماكرون ولا جيل المثقفين الفرنسيين الذين لا لوم عليهم"، مشيرا أن "الاعتراف بهذه الأفعال مهم للغاية،" وتساءل "لماذا التمسك بالاعتراف بما تعرض له الأرمن واليهود و يتم تجاهل ما وقع في الجزائر؟".
وأكد في هذا الصدد :"ما نريده هو تضميد جراح الذاكرة ومعترف بها. لنخرج من خرافة أن الجزائر أرض مباحة جلب الاستعمار لها الحضارة"، مشددا على أنه "ليست فرنسا فولتير وفرنسا التنوير التي نحكم عليها بل فرنسا الاستعمارية".
وأضاف: "لن ننسى أبدا العديد من الفرنسيين الذين التحقوا بمعركة الجزائريين واليوم ننحني أمام أرواحهم".
واعتبر الرئيس تبون أن تسوية المسائل الخلافية ستتيح "صداقة مستدامة بين الأمتين" مذكرا في هذا الصدد "أن الرئيس الجزائري هواري بومدين "كان قد قال لجيسكار (الرئيس الفرنسي السابق) أننا نريد قلب الصفحة لكن دون تمزيقها ولتحقيق ذلك يجب القيام بأفعال".
وفي سؤال متعلق "بالتعويضات" التي يجب أن تقدمها فرنسا لا سيما فيما يخص التجارب النووية التي قامت بها في الجنوب الجزائري ومخلفاتها، أكد السيد تبون "نحترم موتانا كثيرا إلى درجة أن التعويض المالي سيكون بمثابة اهانة. فنحن لسنا شعبا متسولا، نحن شعب فخور يُبجّل شهداءه".
وطالب في هذا الصدد فرنسا "بتنظيف المواقع النووية"، مؤكدا أن هذه العملية "قطعت شوطا كبيرا لأن التلوث الاشعاعي ما زال يخلف ضحايا لغاية اليوم".
وذكر الرئيس تبون بقوله "فلتقم فرنسا بعلاج ضحايا التجارب النووية. فالعالم احتشد من أجل كارثة تشيرنوبيل في حين إن التجارب النووية في الجزائر تثير ردود أفعال قليلة بالرغم من أنها حدثت علنا وبالقرب من التجمعات السكنية".
وفي تطرقه لتقرير بنيامين ستورا حول الاستعمار، أوضح رئيس الجمهورية أن "ستورا مؤرخ لم يتماد أبدا" وكان "دائما قريبا من الحقيقة"، مضيفا أنه "حرر تقريرا وجهه لرئيسه، لكنه لم يُرسل لنا".
وفي مقارنة بين مبادرات الرؤساء الفرنسيين القدماء وما فعله ايمانويل ماكرون اليوم، أقر السيد تبون أن "الرئيس ماكرون كان الأبعد في هذا الموضوع".
سأحرص على مكافحة البيروقراطية بكل ما أملكه من قوة
من جهة أخرى أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد " أنه يعتزم مكافحة البيروقراطية بكل ما يملكه من قوة.و صرح قائلا "الوضع (مناخ الأعمال مذكرة التحرير) ليس بالكارثي إلى هذه الدرجة و إن كانت هناك بالفعل مشاكل و صعوبات بل و أيضا حالات انسداد بسبب البيروقراطية التي سأحرص على مكافحتها بكل ما أملك من قوة".
في ذات السياق، أردف رئيس الجمهورية يقول "لقد بلغت رجال الأعمال و المؤسسات الناشئة بذلك: البيروقراطية هي عدونا المشترك. ما عدا ذلك فان الناس مستمرين في العمل و الاستثمار و البلاد لا تعرف حالة توقف".
إلا أن الرئيس تبون اعترف من جهة أخرى "لدينا اقتصاد متخلف و غير مُحكم التنظيم موجه نحو الاستيراد دون أي تبادل مشترك بين القطاعات"، اقتصاد "تتعالى ضده الأصوات للتنديد بحالات الانسداد المسجلة على مستوى الإدارة و بالمسؤولين المتخوفين من تحمل قرارات و جباية تدعم السوق الموازية و بنوك حذرة...".
وعن سؤال حول النشاطات التي تباشرها الجزائر قصد تحسين مناخ الأعمال، أوضح الرئيس تبون بشأن ممارسة الأعمال و مقاييسها الخاصة باستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بأن "بعض الدول تقبل بها، كونها لا تملك وسائل أخرى لاستحداث الشغل، الأمر الذي يجعلها تتحول إلى شبه محميات لدول أخرى حيث يمكن على سبيل المثال منع مزاولة النشاط النقابي".لكن تطبيق ذلك بالجزائر يعد "دربا من دروب المستحيل" لأن "هناك طلب دولة و حماية اجتماعية قوية بما يكفي، لكن الأمر غير مغري كثيرا".
وبخصوص القاعدة 49-51% التي تحكم الاستثمار الأجنبي التي أُلغيت بالنسبة لجزء هام من القطاعات و التي أبقي عليها استثنائيا بالنسبة للقطاعات الاستراتيجية، أكد الرئيس تبون أن هذه القاعدة، "لا تزعج أحدا"، عندما يتعلق الأمر بالاستثمار في مجال المحروقات.
و"يضاف إلى ذلك، كما قال، أن الأمر يتعلق ببلد ميسور يتمتع بالملاءة المالية و يملك 45 مليون مستهلك".
كل الاجراءات الضرورية اتخذت لطمأنة أرباب العمل الجزائريين
وعن سؤال حول الظروف التي ينشط فيها أرباب العمل الجزائريين، أجاب السيد تبون "لقد بذلنا ما بوسعنا بل و أكثر لطمأنتهم. لقد جمعنا مرتين أرباب العمل الجزائريين و اتخذنا اجراءات في إطار قوانين المالية".
وأضاف الرئيس تبون "الآن إذا كانت لديهم (أرباب العمل) أمور يلومون أنفسهم عليها فالذنب ليس ذنبي و العدالة اتخذت الوقت اللازم لمحاسبة المسؤولين عن نهب المال العام، لا نعبث في توجيه التهم لاحد".
لدى تطرقه إلى صناعة السيارات، تأسف مرة أخرى للنموذج المُطبق سابقا في الجزائر حيث تم استيراد مجموعات (في مجال السيارات و الصناعة الكهرومنزلية) لتركيبها بالجزائر "كلفت الدولة 5ر3 مليار دولار لاستحداث بالكاد 400 منصب شغل".
وأوضح الرئيس تبون قائلا "لقد تمكنا من تزويد السوق بسيارات أبهظ ثمنا من تلك المستوردة"، مضيفا "وهو أمر منافي لقواعد الاقتصاد".
في ذات السياق جدد نداءه للمستثمرين الجادين الراغبين في الاستثمار في الصناعة الميكانيكية مع احترام دفتر الشروط و ضمان نسب الادماج المطلوبة.
وأضاف السيد تبون أن "الراغبين في خوض مجال الصناعة الميكانيكية في ظل احترام دفتر الشروط مرحب بهم"، مؤكدا "بالنسبة للصناعات الخفيفة كالصناعة الكهرومنزلية نسبة الادماج يجب أن تبلغ في البداية 70% على الأقل".
وخلص إلى القول "ما نصبو اليه هو بناء اقتصاد تلبى فيه احتياجات بلادنا من خلال انتاجنا الوطني".
ملف مصنع "بيجو" في مرحلة النضج والشراكة بين صيدال وسانوفي قيد التجسيد
وأشار رئيس الجمهورية، في الحوار الذي أجراه مع لوبوان إلى أن ملف فتح مصنع بيجو بالجزائر هو في مرحلة النضج، في حين إن الشراكة بين صيدال وسانوفي باستور يوجد قيد التجسيد.
وصرح السيد تبون بقوله "ملف بيجو ما يزال في مرحلة النضج. فالميزة الفارقة بخصوص بيجو هي أنه لم يقبل بدفع الرشوة. ولهذا السبب، نكن لهذا الشريك الكثير من الاحترام".
وأضاف أن مصنع بيجو يعتزم انتاج 76 ألف سيارة في السنة فقط، في حين إن الجزائر تستهلك ما لا يقل عن 350 ألف سيارة في السنة. وذكر أن الجزائر تعتزم رفع نسبة الادماج المتعلقة بهذه الصناعة إلى 30-35 في المائة.
وفي تطرقه للشراكة بين مجمع صيدال والمجمع الفرنسي سانوفي باستور، أكد رئيس الجمهورية أن "80 في المائة من نشاط سانوفي في افريقيا يتم في الجزائر"، مضيفا أنه لا توجد "نزاعات مع هذا الشريك".
وحسب السيد تبون، فإن الشراكة بين صيدال وسانوفي باستور "توجد قيد التجسيد".
وأقر بالصعوبات التي تواجه تجسيد الشراكة مع مؤسسات فرنسية أخرى مثل (Suez) و (RATP).
وأوضح في هذا الشأن بقوله "كان بمقدورنا الذهاب بعيدا لكن جماعات ضغط فرنسية، أشد قوة، تجرم تقريبا العمل مع الجزائر.وهي حقيقة وليست عقدة اضطهاد".
ضرورة تكريس الشراكة على أساس الندية
أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أن العلاقات "لا تبنى بمنطق الأسياد، بل على أساس الندية".
وفي هذا الصدد يقول "لديكم مصالح نعترف بها، وأنتم تدافعون عنها، ونحن لنا مصالح يجب أن ندافع عنها أيضا. كما يجب الخروج من خرافة أن المستثمرين الفرنسيين كان لهم حظ عاثر في الجزائر".
وذكر ببعض الأمثلة في شاكلة المجمعات الفرنسية رونو (Renault) ولوغراند (Legrand) وشنايدر (Schneider) الذين ازدهروا في الجزائر، كما ان لافارج (Lafarge) وكنوف (Knauf) قاموا حتى بالتصدير انطلاقا من الجزائر.
بينما اكتسب بنك بي ان بي باريبا (BNP) وشركة اس جي (SG) وناتكسيس (Natexis) والقرض الفلاحي (Crédit Agricole) والشركة الفرنسية للطيران (Air France) حصصا في السوق، مضيفا أن ما يزيد عن 450 مؤسسة صغيرة ومتوسطة فرنسية تنشط بالجزائر.
وبخصوص الشراكة بين البلدين، قال السيد تبون "لا أعتقد أن الحصيلة سلبية".
الصحراء الغربية: ضرورة عودة المغرب إلى حل يتوافق مع القانون الدولي
وبخصوص ملف الصحراء الغربية، أكد رئيس الجمهورية على ضرورة عودة المغرب بسرعة إلى حل مقبول يتماشى مع القانون الدولي، فيما يتعلق بالنزاع في الصحراء الغربية.
وأشار الرئيس في معرض حديثه، إلى أنه قد سبق له وأن عبر قبل ثمانية أشهر لعدد من السفراء عن مخاوفه من "عودة جبهة البوليساريو لحمل السلاح مرة أخرى، ومن أن صداما خطيرا قد يغير الوضع".
وأوضح في ذات الصدد، أن "شباب الصحراء الغربية لا يشبه شيوخها، فقد ولدوا في مخيمات تندوف وهم الآن في الأربعين من العمر، يرفضون هذا الوضع ويريدون استعادة أراضيهم".
وبخصوص فتح عدد من الدول قنصليات لها في الأراضي الصحراوية المحتلة، أكد السيد تبون، أن "البعض يعتقد أنه بفتح قنصليات، يغلق ملف الصحراء الغربية، لكنهم مخطئون في ذلك".
وفي رد على سؤال بخصوص اعتراف الرئيس الأمريكي السابق بـ "السيادة" المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية، والموقف المنتظر من الرئيس الحالي- جو بايدن بهذا الخصوص، تساءل رئيس الجمهورية قائلا: "كيف يمكن أن نفكر في تقديم أرض بأكملها وبكافة سكانها لملك؟ أين احترام الشعوب؟" قبل أن يؤكد أن "هذا الاعتراف لا يعني أي شيء، فجميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالصحراء الغربية مقدمة من الولايات المتحدة،لا يمكننا العودة لفظيا عن كل ما فعلته واشنطن لإرضاء ملك".
وتساءل الرئيس في ذات السياق، "لماذا يرفض المغرب استفتاء تقرير المصير؟"، ليجيب: " انهم يغيرون الواقع الاثني (تغيير التشكيلة الديموغرافية) وهذا له تداعيات بحيث انه يجعل الصحراويين داخل الصحراء الغربية أقلية مقارنة بالمغاربة الذين استقروا هناك، وفي حالة التصويت لتقرير المصير، فإن المغاربة الذين يعيشون في الأراضي الصحراوية سيصوتون من أجل الاستقلال لأنهم لن يرغبوا في أن يكونوا مجددا رعايا للملك".
وأضاف في هذا الصدد قائلا: "من المفارقة أن تكون لديك أغلبية مغربية وأن ترفض التصويت على تقرير المصير".
وفيما يتعلق بالعلاقات الجزائرية-المغربية في سياق النزاع في الصحراء الغربية- أكد الرئيس تبون أن "الدور المشرف في هذه العلاقات يعود للجزائر، والقطيعة مع المغرب - وأنا أتحدث عن النظام الملكي، وليس عن الشعب المغربي الذي نحترمه - يعود لفترة طويلة حتى أصبح أمرا مألوفا".
وأوضح أن "الصحراء الغربية كانت دائما موضع خلاف بين الجزائر والمغرب، ولكنها ليست سببا للحرب، وعلى المغرب الاحتكام للعقل: وأم عدوه، مثلما هو الحال بالنسبة للجزائر، هو التخلف، والجزائر الأن في صدد التشييد، سواء بوجود المغرب أو بدونه".
ولفت في هذا الخصوص إلى أن "المغرب كان دائما هو المعتدي" قبل أن يؤكد قائلا "لن نهاجم جيراننا أبدا، سوف نرد إذا تعرضنا لهجوم، لكني أشك في أن يحاول المغرب ذلك، في ظل ما هو عليه ميزان القوى".
وحول مسألة الحدود المغلقة مع المغرب، أكد رئيس الجمهورية أنه "لا يمكن فتح الحدود مع طرف آخر يهاجمك بشكل يومي".
الجامعة العربية بحاجة إلى إصلاح كامل
وردا على سؤال حول مسألة تطبيع عدد من الدول لعلاقاتها مع الكيان الصهيوني، أكد رئيس الجمهورية، أن "كل دولة حرة في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، لكن الجزائر لن تفعل ذلك حتى تكون هناك دولة فلسطينية".
وأشار في هذا الصدد، إلى أن "هناك خطة سلام التزمت بها كل الدول العربية، ألا وهي: الأراضي مقابل السلام".
وتأسف السيد تبون لكون أنه "لم يعد هناك أي تماسك (عربي)"، مشددا في ذات السياق، على أن "الجامعة العربية بحاجة إلى إصلاح كامل، وهو ما نطالب به (الجزائر) منذ ثلاثين عاما".
وفيما يتعلق بالوضع في دولة مالي الجارة، أكد رئيس الجمهورية أن "الجزائر لن تسمح أبدا بأن يصبح شمال مالي ملاذا للإرهابيين ولن تسمح بتقسيم البلاد.
لحل المشكلة في شمال مالي، يجب إعادة بسط (سلطات) الدولة هناك".
وردا على سؤال بخصوص احتمال مشاركة الجيش الجزائري خارج حدود البلاد، لا سيما في مالي، قال رئيس الجمهورية بأن "الدستور الجزائري يسمح الآن بهذا النوع من التدخل، غير أن الحل لا يكمن هنا"، وأضاف قائلا: "من خلال اتفاق الجزائر. نحن هنا لمساعدة باماكو، وهو ما نقوم به بالفعل عبر تدريب الجنود الماليين".
كما لفت إلى أن "البعض في المنطقة يعارض التقدم المحرز من قبل الجزائر، لا سيما في ملف مالي، وبالنسبة لنا، هناك رغبة في تخريب اتفاق الجزائر (اتفاق للسلم والمصالحة في مالي الموقع عام 2015)".
وفيما يتعلق بملف مكافحة الإرهاب، أوضح السيد تبون قائلا: "في إفريقيا وفي العالم العربي نحن قادة في مكافحة الإرهاب. وقد استفادت جميع الدول الغربية من هذه الخبرة، بما في ذلك الولايات المتحدة. لقد جنبنا فرنسا وبلجيكا وغيرهما، المآسي. نحن نفضل الحفاظ على سرية هذا التعاون، لأنه يتعلق بحماية أرواح بشرية في أوروبا وفي كل مكان".
أما عما ما إذا كانت قوة مجموعة دول الساحل الخمس (جي5) ترقى إلى مستوى مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، أكد رئيس الجمهورية أن "قوة مجموعة دول الساحل الخمس يمكن أن تكون أكثر فعالية، في حال توفر لها المزيد من الموارد (...)"، قبل أن يضيف قائلا: "أعتقد أيضا أن قوة مجموعة دول الساحل الخمس (جي5) وقوة (برخان) - الفرنسية" هي حلول جزئية".
وأشار إلى، أن منطقة "الساحل تتكون من دول يقع على عاتق الجزائر الالتزام بالمساعدة في إعادة بنائها. إنه ليس مجرد برنامج لمكافحة الإرهاب".
وعلى صعيد آخر، أوضح السيد تبون، أن "الخلاف بين تركيا وبعض الدول العربية، يرتبط بشكل أساسي بقضية الإخوان المسلمين"، قبل أن يؤكد أن "الجزائر تتمتع بعلاقات ممتازة مع الأتراك، الذين استثمروا قرابة 5 مليارات دولار في الجزائر دون أي مطالب سياسية في المقابل. وأولئك الذين أزعجتهم هذه العلاقة ما عليهم إلا أن يأتوا ويستثمروا عندنا".