رضخ المغرب، هذا الأربعاء، تحت ضغط الولايات المتحدة، لمقترح تعيين الايطالي-السويدي ستيفان دي ميستورا، مبعوثًا جديدًا للأمم المتحدة الى الصحراء الغربية، بعد أن ظلت الرباط تماطل وترفض هذا الاقتراح منذ أشهر، على نحو جمّد مسار السلام وعرّضه لخطر الانسداد.
وذكرت مصادر دبلوماسية بنيويورك لوكالة الأنباء الجزائرية، أنّه بعد اعطاء المغرب موافقته، سيعرض الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش هذا الترشيح على أعضاء مجلس الامن من اجل للموافقة، قبل الاعلان عنه بشكل رسمي خلال الأيام المقبلة، وسط مخاوف من ابتزاز مخزني متجدد، واحتمال ربط نظام محمد السادس الموافقة بـ "الإبقاء على الاعتراف الامريكي بسيادتها المزعومة على الصحراء الغربية المحتلة، أو بتواجدها غير المشروع في المنطقة العازلة بالكركرات، في أقصى الجنوب الغربي من هذا الاقليم غير المستقل الذي تشرف عليه الأمم المتحدة".
وكانت جبهة البوليساريو وافقت في 29 أفريل الأخير على تعيين دي ميستورا خلفا للألماني هورست كوهلر الذي استقال من هذا المنصب في سنة 2019، إلاّ أنّ الرفض المغربي عطّل عملية تعيينه لأكثر من اربعة اشهر.
وسبق للأمم المتحدة أن عينت قبل هورست كوهلر، ثلاثة وسطاء، لمحاولة تسوية هذا النزاع، المستمر منذ 46 سنة، لكن بدون جدوى، ويتعلق الأمر بالمبعوثين الأمريكيين جيمس بيكر وكريستوفر روس والهولندي بيتر فان فالسوم، ويتعلق الامر بحسب الأمين العام الأممي بـ "منصب معقد لطالما كان صعبًا ايجاد الشخص المناسب لتوليه".
وترى جبهة البوليساريو أنّ تعيين مبعوث شخصي جديد ليس "غاية في حد ذاتها"، مؤكدة أنّ دور هذا المبعوث يتمثل في "تسهيل خطة سلام قوية ومحدودة في الزمان تفضي الى ممارسة الشعب الصحراوي بحرية وديمقراطية لحقّه الثابت في تقرير المصير والاستقلال".
وسيتعيّن على دي ميستورا (74 سنة) إعادة بعث مسار السلام في الصحراء الغربية المتوقف منذ 2019، ويملك دي ميستورا خبرة أربعة عقود في الامم المتحدة سيما في مناطق النزاعات، أو على مستوى الوكالات الانسانية، كما قدّم خدماته الحميدة كوسيط في كل من العراق وأفغانستان، حيث عمل كرئيس لبعثات الامم المتحدة في البلدين الأخيرين.
وعيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في 27 أوت الأخير، الروسي ألكسندر إيفانكو ممثلاً خاصًا له في الصحراء الغربية ورئيسًا لبعثة الأمم المتحدة المعروفة بتسمية "المينورصو" خلفا للكندي كولين ستيوارت، بالتزامن مع الضغوطات الدولية على الرباط لإرغامها بالموافقة على تعيين مبعوث أممي إلى الأراضي المحتلة، بعد اعتقاد المملكة المغربية حسمها للقضية بصفقة التطبيع.
ويعتبر الكثير من المتابعين أنّ تعيين الأمين العام للأمم المتحدة ممثلاً شخصيًا له في الصحراء الغربية، ليس خطوة رمزية، بل يعدّ انتصارا للشعب الصحراوي، وإحباطا لأوهام الرباط التي نصبت عدة عراقيل منذ جلوس المغرب مرغمًا على طاولة مستديرة بسويسرا نهاية سنة 2020، كما يأتي تعيين الممثل الأممي ليؤكد مجددا زيف قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي زعم سيادة المغرب على الأراضي الصحراوية المحتلة، لكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح، منذ قدوم الإدارة الأمريكية الجديدة التي تحركت لإرغام المغرب بالموافقة على تعيين مبعوث أممي جديد إلى الأراضي الصحراوية في سبيل التوصل إلى تسوية الصراع.
رهان على تعجيل تنظيم استفتاء تقرير المصير
قال الديبلوماسي الصحراوي حدي الكنتاوي، إنّ الشعب الصحراوي يأمل حاليًا في تسريع الإجراءات لتنظيم استفتاء تقرير المصير بعد مضي 3 عقود على بداية بعثة مهمة "المينورصو"، محمّلاً تأخر الاستفتاء إلى تعنت المحتل المغربي وتنصله من التزاماته الدولية وتكرار اعتداءاته على الصحراويين العزل، كما حدث في منطقة الكركرات وفي غيرها، وضمّ الغاصبين لأراضٍ محررة جديدة.
واتهم الكنتاوي المملكة المغربية بمحاولة ترويض بعثة "المينورصو" عبر منعها من مراقبة حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة، وسبق لها فرض شروط صارمة على رؤساء البعثة وأعضاءها، خدمة لأجندتها وفرضا منها لسياسة الأمر الواقع بعيدا عن الشرعية الدولية.
ويرى الديبلوماسي الصحراوي أنّ خطوة الأمين العام للأمم المتحدة وتعيينه لممثل خاص في الأراضي الصحراوية، دليل على أن الهيئة الأممية لا تزال متمسكة بتنظيم الاستفتاء من طرف بعثتها "المينورصو"، مشيرًا إلى أنّ غوتيريش ينتظر دعم مجلس الأمن الدولي لمساعيه في تحريك العملية السياسية وبعث المفاوضات بين جبهة البوليساريو الممثلة الشرعية للصحراويين والمغرب المحتل لأراضيهم.
وشدّد الكنتاوي على أنّ المعطيات على الأرض تغيرت كثيرا منذ 13 نوفمبر 2020، مضيفًا: "الصحراويون باتوا أكثر حرصا على استرجاع أراضيهم في حين يستجدي المغرب الأمم المتحدة لأجل تعيين مبعوث خاص للأراضي الصحراوية، تفعيلا للحلول السلمية بعدما خابت أماله في تفعيل سياسة الأمر الواقع عبر افتعال الأزمات بالمنطقة.
ودعا الكنتاوي الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للضغط على المملكة المغربية وهي التي كانت تسعى لعرقلة حسم أقدم قضية تصفية استعمار في القارة الإفريقية بالتقادم، من خلال العمل على جعل الأراضي الصحراوية سجنًا كبيرًا ممنوعًا على المراقبين الأمميين على مدار 29 سنة، للحيلولة دون تمكن الشعب الصحراوي من تقرير مصيره.
رابح هوادف - موقع الإذاعة الجزائرية