عرض وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح هذا الثلاثاء أمام نواب المجلس الشعبي الوطني مشروع القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، وهو المشروع الذي سيستحدث بموجبه آليتين هما الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وكذا قطب وطني جبائي مالي .
واعتبر الوزير أن هذا المشروع سيعمل على تكييف القانون مع الأحكام الجديدة المنصوص عليها في الدستور، كما سيضمن حماية المبلغين على الفساد من أي إجراء يمس بوظيفتهم أو ظروف عملهم.
ويتضمن هذا النص القانوني الذي صادق عليه مجلس الوزراء المنعقد يوم 27 ديسمبر الماضي، عدة إجراءات جديدة، من بينها إنشاء قطب وطني جزائي مالي ذي اختصاص وطني لدى مجلس قضاء الجزائر, يتولى البحث, التحري، المتابعة والتحقيق في الجرائم المالية شديدة التعقيد وكذا الجرائم المرتبطة بها والمتعلقة بالفساد والغش والتهرب الضريبيين وتمويل الجمعيات والجرائم المرتبطة بالصرف وبالمؤسسات المالية والبنكية، إلى جانب إنشاء وكالة وطنية لتسيير العائدات المحجوزة أو المجمدة أو المصادرة في إطار مكافحة الفساد.
ويأتي مشروع القانون ليدعم الجهود الرامية إلى الوقاية من الفساد ومكافحته حيث ينص على إنشاء الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحتها التي تقوم باقتراح سياسة شاملة للوقاية من الفساد تجسد مبادئ دولة القانون .
وأوضح الخبير في القانون الدستوري مسعود شيهوب في تعقيب للقناة الأولى ان "محصلات الفساد أصبحت تقدر بكميات كبيرة جدا والقانون أنشا هاته الوكالة لتسير تلك المحصلات بوصفها مؤسسة عمومية ذات استقلال مالي وإداري وتحوز على إمكانيات ووسائل للتسيير" .
وينتظر ان يتم استحداث آلية أخرى في بالغ الأهمية وفق مشروع القانون تتمثل في القطب الجبائي المالي الوطني وهو الأمر الذي يعتبره الخبير في القانون الدولي علاوة العايب نوعا من "ترقية المحاسبة بطريقة فعلية وطريقة فعالة ورادعة "
ويتكفل مشروع القانون بالتوصيات التي تصدر عن الهيئة المختصة التابعة لهيئة منظمة الأمم المتحدة عقب تقييم السياسة الجزائرية الخاصة بالوقاية من الفساد ، وفي هذا الصدد أوضح العايب في تدخل على أمواج القناة الأولى أن " الجزائر تقوم دائما بإحداث الموائمة والتكيف في الواقع الداخلي والقوانين الداخلية مع ما هو موجود في المنظمات الدولية خاصة فيما يتعلق بالفساد وحقوق الإنسان " ويضمن مشروع الوقاية من الفساد ومكافحته الحماية القانونية للمبلغين عن وقائع الفساد ويشمل ذلك محيطهم المهني .
الجزائر تخضع فقط لتقييم الآليات الأممية
وشدد وزير العدل، حافظ الأختام الطيب لوح على أن الجزائر تخضع فقط للآليات الأممية عندما يتعلق الأمر بتقييمها في مجال مكافحة الفساد، و"لا يهمها التقارير الصادرة عن المنظمات الحكومية" التي تغض الطرف عن الإنجازات الإيجابية المحققة من قبلها في هذا الجانب.
و أكد لوح أن الجزائر تخضع للاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي كانت من أولى الدول التي صادقت عليها (سنة 2004) لذلك فهي معنية و ملزمة منذ البداية بتطبيقها، ليضيف بأن "ما يثار هنا و هناك بخصوص ترتيب الجزائر ضمن التقارير الصادرة عن بعض المنظمات غير الحكومية لا يهمنا، فما يهمنا فعلا هو التقييم الأممي".
و ذّكر بأن الجزائر تعد طرفا في مؤتمر أطراف الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد الذي تخضع في إطاره لتقييم يمتد على مراحل، مؤكدا على "ثقة" الجزائر في مؤسساتها المعنية بمكافحة هذه الظاهرة و في مختلف الإجراءات التي تبادر بها في هذا الشأن، و كل ذلك "انطلاقا من الإرادة الكبيرة لرئيس الجمهورية التي تصب في هذا الاتجاه" يقول لوح.
و تابع مشيرا في هذا الصدد إلى أن رئيس الجمهورية سبق له و أن دعا إلى تكوين جبهة شعبية صلبة لمكافحة كافة الآفات الاجتماعية و الاقتصادية و على رأسها الفساد, و هي دعوة لـ"تضافر الجهود بين المؤسسات الرسمية و مختلف مكونات المجتمع المدني من أجل تعبئة شاملة لمواجهة هذه الآفة"، مما يعتبر "شرطا أساسيا لأي نمو اقتصادي و اجتماعي و أمرا ملازما للنهج الديمقراطي"، مثلما قال.
و توقف وزير العدل أيضا عند العديد من الإجراءات "الجريئة" التي تضمنها قانون مكافحة الفساد ساري المفعول "الذي يوجد في الكثير من الأحيان محل انتقادات غير موضوعية"و الذي ركز بشكل رئيسي على مكافحة الجرائم المالية.
و من بين أهم ما جاء به هذا النص "النموذجي"، عدم سقوط جرائم تحويل عائدات الفساد إلى الخارج بالتقادم، و هو ما يعد "من الأمور الإيجابية التي تم التنويه بها في إطار التقييم الأممي غير أنها لم ترد أبدا في تقارير بعض المنظمات غير الحكومية التي تهاجم الجزائر"، يقول لوح.