
اختتمت اليوم الثلاثاء بوهران اشغال الملتقى الثالث رفيع المستوى حول السلم والأمن في إفريقيا بعد ثلاثة أيام من النقاش حول كبريات القضايا والانشغالات القارية في ميدان آليات مكافحة الإرهاب والعنف وبؤر التوتر وغيرها.
ونصت التوصيات بضرورة افتكاك مقاعد دائمة بمجلس الأمن الدولي وعلى قدرة افريقيا على حل نزاعاتها الداخلية دون تدخل خارجي.
وفي هذا السياق دعا وزير خارجية بورندي مجلس الأمن الدولي ليكون عادلا تجاه الأفارقة, بينما طالب مفوض السلم والأمن بالاتحاد الافريقي اسماعيل شرقي الدول الثلاثة غير دائمة العضوية بمجلس الأمن إلى التنسيق الدائم مع الاتحاد الافريقي لإيصال صوت افريقيا لكل مسؤولية.
وتميزت مراسيم الاختتام التي أشرف عليها وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة بحضور الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي إلى جانب وزراء أفارقة للشؤون الخارجية وخبراء وممثلي هيئات افريقية وأممية.
يذكر أن اللقاء تناول عدة مسائل ذات الشأن الأمني الإفريقي على غرار سبل توطيد التعاون لمجابهة مخاطر تصاعد موجات العنف والمجموعات المسلحة في عدد من أنحاء القارة على غرار ليبيا ونيجيريا والصومال.
وقد استقبل رمطان لعمامرة على هامش هذا اللقاء عددا من نظرائه الأفارقة.
في سياق متصل أكد وزير الشؤون الخارجية و التعاون الدولي رمطان لعمامرة, اليوم الثلاثاء أن "الدبلوماسية الجزائرية موجودة على كل الجبهات و تقدم مساهمات نوعية " فيما يتعلق بالكثير من الأزمات الراهنة, وذلك إنطلاقا من مصلحة الجزائر في أن يستتب الأمن في المحيط الإفريقي و العربي و المتوسطي.
وقال لعمامرة في حوار خاص مع قناة "فرانس24", على هامش الملتقى الثالث الرفيع المستوى من أجل السلم والأمن في أفريقيا المنعقد بوهران, أن "الدبلوماسية الجزائري معروفة بأنها قائمة على "مبدأ خدمة الغير و التضامن من دون إستعمال دبلوماسية مكبر الصوت", مشددا على أن "الجزائر موجودة على كل الجبهات و تساهم بمساهمات نوعية لا يستهان بها لحل كل هذه الأزمات" التي يشهدها العالم اليوم.
وأضاف أن "الجزائر تعمل و تساهم في أكثر من مكان من دون الحاجة إلى الإحتفاء على أساس أننا قمنا بجهود تجاه دولة ما", وذلك لأن "الجزائر تقدم هذا من منطلق أنه في مصلحتها أن يستتب الأمن في المحيط الإفريقي وفي السياق العربي و المتوسطي".
وأشار في ذات السياق الى أن الجزائر أدت دورا كبيرا لإنجاح مؤتمر باريس للتغيرات المناخية "، وقامت كذلك بدور كبير في تسهيل الحوار الليبي-الليبي بالإضافة إلى دورها في التوصل إلى إتفاق للسلم و المصالحة في مالي ومواقفها الداعية لتغليب الحوار في كل من سوريا و اليمن.
وبالحديث عن الأزمة الليبية, أوضح رئيس الدبلوماسية الجزائرية "أننا بادرنا وشجعنا و باركنا كل هذه الخطوات (خطوات الحوار)، وذلك لما بادر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة, منذ أكثر من سنة ب"تشجيع الليبيين على تغليب الحكمة و الحوار والعقلانية بدل الإستمرار في الإقتتال و المواجهة".
وأضاف "قلنا آنذاك أننا نثق في عبقرية الشعب الليبي ووطنية الفعاليات الليبية وقدرتها على صنع مستقبلها بأيديها في وقت كان هناك من يصب الزيت على النار من داخل ليبيا (الجماعات الإرهابية) و من خارجها ممن كان لا يرى انه في مصلحته استقرار هذا البلد الشقيق و استرجاعه لسيادته كاملة غير منقوصة".
ورحبت الجزائر منذ البداية بجميع الليبيين للحوار و التفاوض "مع أننا نفضل أن يجتمعوا في وطنهم و يتوصلوا إلى إتفاق في طرابلس", أضاف يقول السيد لعمامرة. كما قدمت الجزائر كل الدعم للمبعوث الأممي السابق إلى ليبيا, برناردينيو ليون, و"جعلته يستفيد من الإتصالات الثنائية التي كنا نقوم بها مع كافة الفعاليات الليبية بكل مشاربها و مناطقها و قبائلها".
ونستطيع القول - يضيف لعمامرة- أننا ووضعنا مصداقيتنا و قدرتنا على بناء الجسور بين الأطراف تحت تصرف الأمم المتحدة و"ساهمنا- مثلما ساهم غيرنا في دفع هذه العملية تحت قيادة الامم المتحدة - في آداء ما نعتقد أنه واجب".
كما تطرق الوزير في حديثه إلى الجهود التي تبذلها الجزائر و الإتحاد الإفريقي من أجل تحقيق السلم و الإستقرار في القارة السمراء بالتعاون مع الأمم المتحدة مستدلا بالحالة السودانية, حيث تم و لأول مرة إستحداث آلية جديدة بين الهيئة الأممية والإتحاد الإفريقي تعمل على الحفاظ على السلم و الأمن في إقليم دارفور.
وأوضح أنه و بعد رفض الخرطوم نشر بعثة أممية في دارفور, تم تنسيق الجهود مع الأمم المتحدة و خلق بعثة مشتركة إفريقية-أممية للحفاظ على السلم و الأمن في الإقليم.
في سوريا و اليمن, نرافع دوما بأفكار مبنية على مبادئنا المرجعية
أما فيما يتعلق بالأزمة اليمنية, أوضح الوزير أن الجزائر "رافعت بأفكار مبنية على المبادئ التي نؤمن بها" متمثلة في ضرورة الحل السلمي و الحوار و الإمتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد و العمل من أجل التوصل إلى الحل التوافقي وبناء مؤسسات ديمقراطية بإشراك كافة الفعاليات اليمنية.
و أكد لعمامرة تأييد الجزائر لإستمرار المفاوضات بين الفرقاء اليمنيين تحت سقف الأمم المتحدة من أجل مستقبل أفضل للجميع, مؤكدا أن "ما آلت إليه الأوضاع في اليمن ليس طبيعيا و أنه ليس من المعقول أن يستمر اليمنيون في الإقتتال", معربا عن أمله في أن يجلس الجميع على طاولة الحوار و يتم التوصل إلى إتفاق كفيل بوضع حد لهذه الأزمة.
نفس الموقف تتبناه الجزائر فيما يتعلق بالأزمة السورية, حيث أنها ترحب وتشجع كل ما من شأنه أن يغلب الحل التفاوضي, يوضح لعمامرة, مشيرا إلى أن الجزائر ومنذ البداية أكدت على ضرورة تغليب النوايا الحسنة.
وأعرب لعمامرة عن أسفه لإستمرار إراقة دماء السوريين و لتدمير هذا البلد "الذي نعرف جميعا قيمة ميراثه الثقافي و الحضاري", متمنيا أن يتمكن السوريون من وضع حد لكل هذا و إسترجاع سوريا لمكانتها في العمل العربي ب"أكثر قوة وعزيمة".