أبرز رئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي مسار الإصلاحات الدستورية التي انتهجتها الجزائر, منذ ظهور التعددية السياسية, وتطويرها بما يتماشى مع تطور المجتمع خلال الكلمة التي ألقاها في الدورة المائة للجنة "فينسيا "التي اختتمت أمس السبت بروما.
وذكر مدلسي في كلمته حول "التطورات الدستورية الجارية في الجزائر" بصفته ضيف شرف في هذه الدورة أنه بعد التعديل الدستوري لعام 1996 تم إدخال بعض المستجدات, منها على الخصوص, توسيع صلاحيات المجلس الدستوري في الرقابة الإجبارية للقوانين العضوية قبل إصدارها وزيادة عدد أعضائه.
وتم أيضا اعتماد الثنائية البرلمانية, وتوسيع الإخطار, من ثمة, إلى رئيس مجلس الأمة وإنشاء مجلس الدولة.
وأشار إلى أنه مع مطلع العشرية الماضية, ظهرت الحاجة من جديد إلى وضع نصوص دستورية, ترمي إلى "استكمال تعزيز القيم المجتمعية المرتبطة بالهوية الوطنية وتجسيد الأحكام المتعلقة بالرقي الثقافي واللغوي لكل شرائح المجتمع".
وفي هذا الإطار أضاف السيد مدلسي أنه تمت دسترة "تمازيغت" في أفريل 2002, إذ أصحبت لغة وطنية تعمل الدولة على "ترقيتها وتطويرها".
كما تطرق رئيس المجلس الدستوري إلى المسعى الذي بادر به رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة, سنة 2008, الرامي إلى إجراء مراجعة دستورية معمقة بهدف توطيد النظام السياسي الجمهوري والديمقراطي, وتعزيز ضمانات ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
وفي هذا الصدد ذكر المتحدث أنه تم إطلاق ورشتين تشكلان دعامتين لمسار الإصلاحات السياسية المنتهجة, الأولى تشريعية والثانية دستورية.
ويقوم هذا المسعى التشاركي -كما أوضح السيد مدلسي- على "المشاورة الواسعة" لمختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين, لاستقاء وجهات نظرهم واقتراحاتهم حول التعديلات التشريعية والدستورية المنشودة.
وأشار رئيس المجلس أنه بعد أن تمت مراجعة الترسانة التشريعية سنة 2012 المتمثلة في عدة قوانين عضوية, وهي: القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات, القانون العضوي المحدد لحالات التنافي مع العهدة البرلمانية, القانون العضوي المحدد لكيفيات توسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة, القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية والقانون العضوي المتعلق بالإعلام تم الشروع منذ بضعة أشهر في الورشة الثانية المتعلقة بالجانب الدستوري.
وأضاف أن هذه الورشة تسعى إلى "تكثيف القانون الأسمى للبلاد مع ما تمليه المقتضيات الدستورية الجديدة الناتجة عن التطور السريع لمجتمعنا, بما يتماشى مع التحولات الحاصلة في العالم".
وذكر السيد مدلسي أن الجزائر تحضر لتعديل دستوري على نحو قائم على "تشاور سياسي واجتماعي" من خلال تنصيب لجنة مكلفة باقتراح التعديلات.
وأوضح المتحدث أن المشاورات اقترحت تعديلات مست "استقلال القضاء مع فصل واضح بين السلطات وعصرنته و تعزيز دور المجلس الدستوري بفتح الباب لإخطاره لعدد من البرلمانيين بما فيهم الأقلية وتطوير الحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكريس حقوق جديدة مثل الحق في محاكمة عادلة وحماية الأطفال المشردين والمعوقين والأشخاص المسنين وكذا تدعيم مكانة المرأة ودورها في التسيير و توطيد الحكم الراشد ودولة القانون من خلال مكافحة البيروقراطية".