دعا رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، هذا الاربعاء الشباب الجزائري إلى التجند من أجل بناء اقتصاد وطني "متحرر من التبعية المفرطة للمحروقات" ولضمان اطراد مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي رسالة له عشية إحياء الذكرى الستين لليوم الوطني للطالب، أوضح رئيس الجمهورية أنه "حان الوقت اليوم، أكثر من أي مرحلة مضت، لكي يتجند شبابنا عامة ونخبتنا خاصة لكي يكون في مقدمة الصف في معركة بناء اقتصاد وطني متحرر من التبعية المفرطة للمحروقات ولكي نضمن اطراد مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية الذي قطع مشوارا معتبرا لحد الآن".
ودعا الرئيس بوتفليقة شباب الجزائر إلى التدبر في هبة أسلافهم للنهوض بالثورة التحريرية المظفرة وعقد العزم على "رفع هذا التحدي خدمة لمستقبلكم، وخدمة لازدهار شعبكم وحفاظا على استقلال وطنكم، استقلال يتعزز ويصان باستقلال بلادنا ماليا واقتصاديا، وبقدرة الجزائر على مغالبة المنافسة العالمية التي لا ترحم وتبوء مكانتها المشروعة في ركب الدول مكانة تكون في مستوى قدراتها المادية والاقتصادية والبشرية خاصة".
من جهة أخرى، ذكر رئيس الجمهورية بحرص الجزائر المستقلة على وضع رهان اكتساب أبنائها وبناتها العلم والمعرفة في طليعة أهدافها "انتقاما لحرمان شعبنا من العلم أثناء حقبة الاستعمار الغاشم وحرصا على تسلح أجيالها الصاعدة بالعلم والمعرفة لكي يساهموا بكل جدارة في الجهاد الأكبر جهاد البناء والتشييد".
وأبرز أن أكبر انتصار صنعته الجزائر المستقلة "تحقق بتكوين أبنائها وبناتها عبر العقود منذ الاستقلال، وأحسن دليل على ذلك كون الجزائر اليوم تزخر بارتياد ربع سكانها يوميا المدارس والمعاهد ومراكز التكوين والجامعات وهذا حتى في الضائقة المالية التي ألمت بها جراء الانخفاض الفادح لأسعار النفط في السوق العالمية".
وأكد الرئيس بوتفليقة, هذا الاربعاء أن إنضمام الطاقات الفكرية و العلمية الجزائرية إلى صفوف الثورة التحريرية في 19 ماي 1956 "أعطاها نفسا جديدة".
و ذكر رئيس الجمهورية إن "انضمام ما كان يملكه الشعب الجزائري من طاقات فكرية و علمية إلى صفوف الثورة جدير بأن نعده المحطة التاريخية الثالثة للثورة التحريرية بعد إعلانها في أول نوفمبر 1954 و أحداث 20 غشت 1955 ذلك لأنه أعطى نفسا جديدا للثورة و سفه محاولات القوة الاستعمارية التي كانت تراهن على كسب النخبة الجزائرية المتعلمة لتجعل منها نموذجا يحمل بقية الجزائريين على تقبل الاندماج المعروض عليهم".
و شدد على أنه كان لهذا الحدث "فضل عظيم في مجريات تطور العمل المسلح و الدبلوماسي والسياسي في تلك الحقبة", مشيرا إلى أنه "بوأ الثورة مقاما رفيعا في المحافل الدولية وكسبت به تعاطف كل أحرار العالم في ذلك الوقت, شعوبا و حكومات, و تأييدهم".
و تابع قائلا: "إن فضل هذا اليوم يكمن في كونه أبان وعي الشباب و إرادته, و برهن بالدليل على أن الإنجازات العظيمة لا تقاس بالسن, و أنه كلما تماهى الوعي الصحيح بالقضايا العادلة الكبرى تحققت المعجزات".
و لفت رئيس الدولة إلى أن "هذا اليوم البارز من بين أيام الجزائر المجيدة لم يفقد و لن يفقد, بالرغم من مرور ستين عاما على حدوثه, إشراقته و رمزيته القوية قبل الاستقلال و بعده", مضيفا أنه "يشكل إحدى مآثر ثورتنا التحريرية المجيدة التي رسخت في ذاكرة الشعب الجزائري بأكمله كحدث مشهود هز أركان كيان الاحتلال".
و أكد رئيس الجمهورية أن "هبة التلاميذ و الطلبة صوب ساحات الوغى طعمت صفوف الثورة بكفاءات شابة في مختلف التخصصات, كان لها الأثر البالغ في استكمال شروط النصر المنشود بتجندهم, ذكورا و إناثا, أمد الطلبة الثورة بما كانت في حاجة إليه من الكفاءات التقنية في مجالات صيانة الأسلحة و صناعة القنابل و الصحة والدعاية و الإعلام و الإتصال و غير ذلك من المجالات".
"كما سمحت للدولة الجزائرية المستقلة- يضيف الرئيس بوتفليقة- أن تستفيد من أولى دفوعات إطاراتها المتحصلين على العلم والمتشبعين بالروح الوطنية و التجربة الثورية و هي العوامل التي ساهمت بقوة في المحطات الأولى لإعادة بناء الدولة و انطلاق التنمية في وسط تحديات عاتية كانت تواجهها الجزائر آنذاك".
و في هذا السياق, ذكر رئيس الجمهورية أن الإطارات الأولى لسلك الدبلوماسية الجزائرية كانوا من الطلبة الذين لبوا نداء الثورة و إلتحوا بصفوفها, مضيفا أن هذا الرصيد المعنوي و الرمزي و هذه التجربة التي ترسخت في الوعي الجماعي للأمة الجزائرية "هي صمام الأمان والثروة الحقيقية التي بدونها تعجز الأمم عن حماية قدرتها على صون وحدتها و مواصلة تنميتها و دفاعها عن حياضها وسيادتها".
و نوه الرئيس بوتفليقة بتمكن الجزائر من معالجة المأساة التي مرت بها خلال التسعينيات من القرن الماضي "بحكمة و صبر و شجاعة و هي الفضائل المستمدة من تلك القيم التي غرستها فينا الثورة التحريرية المباركة".
و أردف قائلا "فبفضل الشعب انتصر السلم و الوئام و المصالحة على التقاتل و الأحقاد و البغضاء, و بنفس الإرادة و التصميم و الوعي سيغالب شعبنا كل التحديات, ببنائه دولة الحق و القانون على شروط موضوعية و أسس دستورية تكون فيها مؤسسات الشعب هي الحكم و المرجع الذي يقرر مستقبل الأمة".
المصدر: الإذاعة الجزائرية /وأج