أكد الوزير الأول أحمد أويحيى ،هذا الأحد أن رفاهية السكان والعدالة الإجتماعية و التضامن الوطني تمثل "خيارات بلادنا الجوهرية " معتبرا أن هذه الخيارات تستمد جذورها الأصلية من " بيان أول نوفمبر ومن الدستور المراجع بشكل واضح".
وبعدما أبرز الوزير الأول خلال عرضه لمخطط عمل حكومته أمام النواب في جلسة علنية للمجلس ترأسها سعيد بوحجة رئيس المجلس أن هذه الخيارات "ما انفك يؤكدها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بانتظام"،وعد أويحيى أن "الحكومة ستسهر على ترقية هذه الخيارات بعزيمة".
وفي هذا الشأن ذكر الوزير الأول 3 أسباب جعلت حكومته تؤكد سهرها على ترقية هذه الخيارات و يتعلق الأمر أولا بأن "الجزائر بعد خروجها من المأساة الوطنية قد نجحت بالفعل في انجاز عمليات استدراكية كبرىي ثم في تحقيق اشواط هامة من التقدم في كل ميادين التنمية البشرية بفضل البرامج المتعاقبة التي تقررت من قبل رئيس الجمهورية".
وفي المقام الثاني قال الوزير الأول إن "جهد الدولة المبذول من أجل التنمية البشرية قد شهد في هذه السنوات الأخيرة تباطؤا طفيفا جراء الصعوبات المالية التي أدت إلى تجميد بعض الإنجازات أو تأجيلها، بما في ذلك في مجالي التربية والصحة"،مضيفا أن في المقام الثالث أن "الحكومة عازمة ليس فحسب على مواجهة الإحتياجات الفورية للسكان بل أيضا على الشروع في تحضير أجوبة لاحتياجات المستقبل القريب".
فبخصوص السياسة الوطنية للتنمية الاجتماعية، يسعى مخطط عمل الحكومة الذي صادق عليه مجلس الوزراء يوم 6 سبتمبر الماضي إلى مواصلة النهج من خلال "مواصلة الجهود لتحسين ظروف الدراسة وتحسين أنظمة الصحة والتضامن الاجتماعي وتعزيز النظام الوطني للتقاعد وخلق مناصب الشغل".
تحسين ظروف التمدرس ومواصلة ورشات قطاع الصحة ومكافحة البطالة من أولويات الحكومة
ففي قطاع التربية الوطنية أكد الوزير الأول أنه "سيتم بذل جهد خاص من أجل تحسين ظروف الدراسة بالنسبة للسنة الدراسية الجارية"، كما "سيتم أيضا توفير الشروط الضرورية لحسن سير الإمتحانات وكذا التحضير لسنة مدرسية أكثر نجاعة".
وفي هذا الشأن قال الوزير الأول إنه "سيتم اعادة تأهيل المؤسسات المدرسية الموجودة و التعجيل بإنجاز المشاريع الجارية فضلا عن الإنطلاق في انجاز مؤسسات جديدة بغرض الحد من إكتظاظ الأقسام".
و من جهة أخرى سيتم "تعزيز النقل المدرسي" لضمان توزيع أكثر عقلانية للتلاميذ بين المؤسسات المدرسية لنفس البلدية أو لنفس المجمع السكاني ،كما سيتم "رفع عدد الأقسام الموجهة للتلاميذ ذوي الإحتياجات الخاصة خلال هذه السنة البيداغوجية ".
أما في قطاع الصحة ،أكد أويحيى أن "ورشات قطاع الصحة ستتواصل وتستكمل بورشات جديدة"، كما أكد على تعزيز عمليات تدارك العجز في المنشات الصحية، من خلال "بعث المشاريع متوسطة الحجم التي جمدت" كما سيتم "تكثيف تكوين الإطارات شبه الطبيين على نحو يساهم في تقليص العجز الكبير في هذا المجال".
ومن جانب آخري ستتواصل --يضيف الوزير الاول-- "مختلف برامج الوقاية والعلاج التي يجري تطبيقها ومنها مكافحة السرطان وسيتم تعزيزها كلما دعت الحاجة".
و من جهة أخرى شدد الوزير الأول انه سيتم الحفاظ على الضمان الإجتماعي و تدعيمه، مبرزا أن "ضمان وفرة الأدوية سيكون مصحوبا بترقية أدوية جنيسة ذات جودة".
وفي هذا المجال قال ان " تنفيذ التعاقد على العلاج بين مؤسسات الصحة وصناديق الضمان الإجتماعي من شأنه أن يسمح بترشيد النفقات"يكما ستتواصل-- حسبه --"بكل صرامة مكافحة كل أشكال الغش في الضمان الإجتماعي بما فيها عدم التصريح بالأجراء".
كما أكد الوزير الأول، أن الحكومة ستواصل مكافحة البطالة من أجل احتواء الظاهرة التي سجلت -كما قال- "ارتفاعا طفيفا"، و ذلك من خلال تكثيف الإستثمار الإقتصادي في جميع القطاعات و كذا من خلال انعاش برامج الإستثمارات العمومية و اجراءات تكميلية.
و في هذا الصدد، فإن "انشاء المؤسسات المصغرة من طرف العاطلين عن العمل بما في ذلك الشباب سيتواصل --كما قال-- مع اعادة النظر في ذات الوقت في التنظيم ذي الصلة على نحو يسمح اعتبارا من سنة 2018 بتجسيد منح 20 بالمائة من الصفقات العمومية المحلية للمؤسسات المصغرة المستحدثة من قبل الشباب المقاولين"كما سيتم الحفاظ على مجموع اجهزة التشغيل المؤقت مع تجديد العقود التي سينقضي أجلها.
إصلاح منظومة التقاعد حتمية بالرغم من كل الجهود المبذولة
أما بالنسبة للمنظومة الوطنية للتقاعد "التي ما انفكت صعوباتها المالية تزداد خطورة من سنة إلى أخرى"--يقول الوزير الأول--" فان الحكومة تسهر على صونها والحفاظ عليها عن طريق مكافحة الغش و كذا من خلال الموارد الإضافية التي سيتم حشدها في اطار قانون المالية لسنة 2018".
وبخصوص التضامن الوطني،أكد الوزير الاول ان "جهد الدولة سيبقى قائما في مجال التضامن الوطني ازاء كل المستفيدين منه ،كما ستحاط الفئات ذات الإحتياجات الخاصة بدعم الدولة و سيتم الإبقاء على التحويلات الإجتماعية في نفس المستوى ضمن ميزانية الدولة.
أما بخصوص عمليات الدعم العمومي المباشرة وغير المباشرة ،فأكد أنها ستظل محل ترشيد في المستقبل على أن يتم ذلك بعد تحضير جيد يمن أجل تفادي المظالم وسوء الفهم. و قال إنه في انتظار اتمام هذا الملف على مستوى الإدارات العمومية ثم المشاورات التي ستجري بشأنه فان "المساعدات ستضل سارية بالنسبة للمواد الاساسية".
الحكومة على استعداد دائم للحوار مع شركائها السياسيين والاجتماعيين
كما أكد الوزير استعداد الحكومة الدائم للحوار مع شركائها السياسيين والاجتماعيين،في إطار "جهود ترسيخ الديمقراطية التعددية بما يسهم في استقرارالبلاد"مضيفا أن الحكومة ستعمل أيضا على "إقامة علاقة متواصلة مع أحزاب الأغلبية الرئاسية التي تشكل أغلبيتها الخاصة على مستوى البرلمان".
وأكد عزم الحكومة على "ترقية دور الأحزاب بتنوعها وتدعيم حرية الصحافة والحق في الإعلام وكذا تفعيل مساهمة الحركة الجمعوية والمجتمع المدني" في ظل احترام مبادئ الدستور والقانون.
وفي تفصيله للمحاور الأربعة التي يتضمنها مخطط عمل الحكومة تحدث أويحيى عن المحور المتعلق بالحفاظ على أمن البلاد واستقرارها ووحدتها،بما في ذلك تعزيز الديمقراطية ودولة القانون وعصرنة الحكامة، مؤكدا أن الحكومة "لا تدخر أي جهد من أجل الحفاظ على الأمن والسلم المدني اللذين يشكلان ثمارا ثمينة للمصالحة الوطنية".
وأوضح أويحيى،أن القوات الأمنية وعلى رأسها الجيش الوطني الشعبي "ستستفيد من كل الدعم الضروري لمواصلة مكافحة الإرهاب ومحاربة الجريمة العابرة للحدود والحفاظ على سلامة التراب الوطني"،حيث تعتزم الحكومة "تطوير روح اليقظة التي من شأنها أن تشكل مساهمة أكيدة في التصدي لكل محاولات الاعتداءات الإرهابية الانتحارية ولا سيما في الوسط الحضري".
وتطرق أويحيى إلى تعزيز وحدة الشعب والتفافه حول هويته "بفضل تثمين اللغة العربية الوطنية والرسمية في أعمالنا ومحيطنا وثقافتنا"، مع "تدعيم ترسيم الأمازيغية من خلال إقامة الأكاديمية الجزائرية اللغة الأمازيغية من أجل ترقية هذه اللغة"، مشددا على ضرورة استمرار انتشار تعليم هذه اللغة عبر باقي أرجاء الوطن بعد أن شمل هذه السنة 28 ولاية.
وذكر الوزير الأول في هذا الصدد،بالإرادة السياسية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة التي تجسدت بدسترة الأمازيغية لغة وطنية ثم لغة رسمية، "هي التي سمحت لبلادنا بتعزيز وحدتها عبر هذا البعد الذي يمثل جزءا لا يتجزأ من هويتنا الوطنية".
توحد الشعب حول رئيسه هو أحسن جواب لدعاة عدم الاستقرار
من جانب آخر أكد أحمد أويحيى أن توحد الشعب الجزائري حول رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة هو "أحسن جواب لدعاة عدم الاستقرار المزمن"معربا عن أمل الحكومة من خلال مخطط عملها في أن تكون "في مستوى مسار النهضة الوطنية التي يقودها رئيس الجمهورية منذ نحو عقدين من الزمن".
وأشار الوزير الأول إلى أن مخطط العمل،يشمل تعزيز المساعي التي ستنتهج تحت سلطة رئيس الجمهورية من أجل بناء قدرة رادعة واحترافية للدفاع الوطني من جهة، ولتعزيز النشاط الخارجي للجزائر من جهة أخرى.
وأوضح أويحيى، أن المخطط يعتبر مواصلة لمسار تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، "الذي زكاه الشعب بالأغلبية وبكل سيادة بتاريخ 17 أفريل 2014"، والذي يهدف إلى تعزيز استقرار البلاد وترسيخ ديمقراطية هادئة ومواصلة التنمية والنمو الاقتصاديين وتثمين الرصيد البشري الوطني وكذا تدعيم التقدم الاجتماعي وتعزيز التضامن لدى المجتمع بالإضافة إلى توثيق روابط الجزائر مع أبنائها في الخارج.
الدعم العمومي سيتم ترشيده مع الحرص على تفادي اللاعدالة في توزيعه
من جهة أخرى أكد الوزير الاول أن دعم الدولة سيتم ترشيده مع الحرص على تفادي اللاعدالة في توزيعه لتفادي الظلم و الغموض أو سوء فهم " .
و في هذا الصدد أشار أويحيى أنه في انتظار استكمال الملف على مستوى الإدارات العمومية و الانتهاء المشاورات "سيتم الابقاء على الدعم لكل المواد الأساسية".
للتذكير, فان التحويلات الاجتماعية تقدر ب 1.630 مليار دينار موجهه اساسا لدعم العائلات من خلال دعم المواد الأساسية و التربية و التزود بالمياه و خدمات الطاقة الصحة والسكن, والمعاشات، و كذلك مرافقة الشرائح ذات الدخل الضعيف و المعوزين و فئة المعاقين.
التمويل غير التقليدي لن يكون مصدرا للتضخم
كما قال أويحيى إن الاموال التي ستقوم الخزينة العمومية باقتراضها لدى بنك الجزائر في اطار التمويل الداخلي غير التقليدي لن تكون مصدرا للتضخم حيث انها ستستخدم حصريا لتمويل الاستثمار العمومي.
وقال : "لقد استقبلت بعض الأصوات الإعلان عن استخدام التمويل الداخلي غير التقليدي بالتنبؤ بانفجار معدل التضخم في البلاد و بذلك تحرص الحكومة على طمأنة السكان من خلال تقديم حجتين".
و تتمثل الحجة الاولى- يضيف الوزير الاول - في "ان الاموال التي ستقترضها الخزينة من بنك الجزائر ليست موجهة لتمويل الاستهلاك وانما لتمويل الاستثمار العمومي و ذلك لن يكون مصدرا للتضخم".
اما الحجة الثانية التي قدمها أويحيى فتتمثل في كون أن " الخزينة تواجه حاليا دينا عموميا لا يتجاوز 20 بالمائة من الناتج الداخلي الخام ي وبالتالي لديها هامش معقول من المديونية".
و اشار الوزير الاول في هذا الاطار - على سبيل المقارنة- الى ان بلدان الاتحاد الاوروبي التي تمتلك مالية عمومية -الاكثر متانة- لديها أيضا دينا عموميا يقارب نسبة 70 بالمائة من الناتج الداخلي الخام".
واضاف انه -على كل حال- فان "الجزائر قد أمنت المحافظة على استقلالها المالي و مواصلة جهودها في البناء الوطني".
و من جهة اخرى قال اويحيى إن الحكومة تعتزم "مرافقة هذا الحل ( التمويل غير التقليدي) بالإصلاحات المطلوبة من اجل استعادة توازنات المالية العمومية".