لا يزال تقليد "تاجماعت" (الجماعة) العريق متوارثًا في قرية محمود تيغليت، حيث يتجلى في الهبات التضامنية والأعمال الخيرية التي تنمّ عن عمق التكاتف الاجتماعي الذي يقوده أعضاء لجنة المتطوعين.
ولعلّ أول شيء يشدّ انتباه زوار هذه القرية الواقعة على ارتفاع 750 متر عن سطح البحر، هو النصب التذكاري في مدخل القرية لـ19 شهيدًا، ممن ضحّوا بحياتهم في ميدان الشرف خلال الثورة التحريرية محاط بنافورتين زادتهما الأزهار المغروسة بجانبيهما جمالاً.
ولعلّ ما يأسر النظر، تلك الجداريات البربرية التي تزين المنازل على طول الطريق المؤدية للساحة الكبرى "تيناتلين"، حيث تتواجد نافورة أخرى أكثر جمالا تتوسط القرية المعروفة بنظافة شوارعها والتي يساهم فيها أهالي القرية جميعا رجالا ونساءً.
وقالت فريدة شبيري إنّ نساء القرية منخرطات في جمعية ويشاركن في الحياة اليومية شأنهن في ذلك شأن الرجال، وسُميت هذه القرية التي تحصي 4 آلاف ساكن على قرية أخرى "آث محمود" (بني دوالة) عرفانًا لأهاليها على العناية والحماية التي قدموها لهم لمساعدتهم على مواجهة من كانوا يسرقون مواشيهم.
وتروى أيضا عديد القصص عن بطولات سكان تيغليت إبان الاستعمار الفرنسي ومقاومتهم تحت لواء شريف بوبغلة والمعركة التي جرت في 19 جوان 1852 بالمنطقة حيث لا تزال تسمى لحد الآن "فغلة" تخليدا لذكرى البطل القومي.
ويقول رئيس اللجنة رابح برحال إنّ "هذه الصفحة من التاريخ تشكل فخرا وتدفعنا دومًا للعمل نحو الأفضل"، ويتكفل المهندس المعماري محمد أورمضان أوهاب بكل المشاريع قيد الانجاز أو المبرمجة حيث من المرتقب إعادة بناء المركز الصحي والذي سيتم تزويده بكافة التجهيزات الضرورية بما في ذلك سيارة إسعاف وترميم النافورة الأساسية على مستوى "ثالة أوغليد" وانجاز حديقة تسلية بجانب المدرسة، كما سيتم انجاز فضاء مفتوح للعامة للإطلاع على مختلف المهن الحرفية بغية إعادة بعث هذا النشاط الذي من شأنه أن يدرّ الأرباح على القرية.
وأوضح مسؤول اللجنة الاجتماعية جمال تباني أنّ الجانب الاجتماعي دائمًا حاضر ويشكّل محورًا هامًا في نشاطات اللجنة التي "تساعد المحتاجين والمعاقين من خلال توزيع المواد الغذائية الضرورية".
واستحدثت اللجنة بنك معلومات عن المتبرعين بالدم، إضافة إلى تنظيم عمليات الختان الجماعي بالتعاون مع المؤسسات الصحية و المواظبة على توزيع اللحوم "تيمشرط" كل عيد فطر.
وحازت قرية تيغليت على المركز الثامن في مسابقة أنظف قرية سنة 2017، حيث يعتزم أعضاء اللجنة المشاركة في الطبعة المقبلة للمسابقة إضافة إلى استضافة مهرجان "أحكي فنًا" الدولي للقصص.