أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، هذا الثلاثاء، أنّ الهيئة الأممية تعتبر الصحراء الغربية "اقليمًا غير متمتع بالحكم الذاتي ومسألة تتعلق بإنهاء الاستعمار"، مشدّدًا على ضرورة التوصل الى حل سياسي، عادل ودائم يكفل لشعب الصحراء الغربية حقه في تقرير مصيره.
برسم تقريره الصادر حديثًا، ذكّر غوتيريش بقرارات لجنة المسائل السياسية الخاصة بإنهاء الاستعمار (اللجنة الرابعة) التابعة للجمعية العامة واللجنة الخاصة المعنية بحالة تنفيذ اعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة، التي تعتبر الصحراء الغربية "اقليما غير متمتع بالحكم الذاتي ومسالة تتعلق بإنهاء الاستعمار".
وجدّد غوتيريش، التذكير بتعامل مجلس الأمن الدولي مع قضية الصحراء الغربية باعتبارها مسألة تتعلق بالسلام والأمن، داعيًا في قرارات متتالية إلى ضرورة التوصل لـ "حل سياسي عادل دائم يقبله الطرفان يكفل لشعب الصحراء الغربية الحق في تقرير مصيره".
وتطرّق غوتيريش في تقريره أيضًا إلى "تدهور الحالة في الصحراء الغربية تدهورًا كبيرًا منذ آخر تقرير له، مبرزًا أنّ استئناف الأعمال العدائية بين المغرب والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (جبهة البوليساريو) واستمرار تفشي جائحة مرض فيروس كورونا (كوفيد-19)، أدت إلى حدوث تغيرات كبيرة في البيئة العملياتية لبعثة الأمم المتحدة لتنظم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية، الأمر الذي حدّ من قدرتها على تنفيذ ولايتها.
ولم يُخف غوتيريش، "قلقه العميق" إزاء هذه التطورات، لافتًا إلى أنه "لا يزال مركز المنطقة العازلة بوصفها منطقة مجردة من السلاح يشكل حجر الزاوية في مساعي التوصل إلى حل سلمي للحالة في الصحراء الغربية".
ويرى الأمين العام الأممي، أنّ استئناف الاعمال العدائية بين المغرب وجبهة البوليساريو يشكل "انتكاسة كبيرة في المساعي الرامية الى ايجاد حل سياسي لهذا النزاع الذي طال أمده"، في هذا السياق، دعا غوتيريش، إلى ضرورة استئناف العملية السياسية التي باتت كما قال "أكثر الحاحًا من أي وقت مضى، معربًا في الوقت ذاته عن "ثقته" بإمكانية التوصل الى حل على الرغم من الانتكاسة الكبيرة التي حدثت مؤخرا.
وأضاف غوتيريش: "الآن أكثر من اي وقت مضى، بات التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم يقبله الطرفان ويكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره وفقا للقرارات 2440 (2018) و 2468 (2019) و 2494 (2019) و 2548 (2020) يستدعي تحلي الطرفين والمجتمع الدولي أيضًا بإرادة سياسية قوية"، مجدّدًا في تقريره دعوته لأعضاء مجلس الأمن وأصدقاء الصحراء الغربية والجهات الفاعلة المعنية الأخرى إلى تشجيع المغرب وجبهة البوليساريو على الانخراط بحسن نية ودون شروط مسبقة في العملية السياسية "حالما يتم تعيين مبعوثي الشخصي الجديد".
ويغطي تقرير غوتيريش الفترة من الفاتح سبتمبر 2020 إلى 31 أوت الأخير.
غالي: حتمية تقرير مصير الشعب الصحراوي
شدّد رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، الأمين العام لجبهة البوليساريو، ابراهيم غالي، الثلاثاء، على أنّ إنهاء الاستعمار يمرّ بتقرير مصير الشعب الصحراوي، بالتزامن، استهجن غالي صمت الامم المتحدة حيال الخرق المغربي لاتفاق وقف إطلاق النار، إثر عدوانه السافر على المدنيين المسالمين في الثغرة غير الشرعية في الكركرات، يوم 13 نوفمبر 2020.
ونقلت وكالة الأنباء الصحراوية عن رسالة وجّهها الرئيس الصحراوي، إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أنّ "جبهة البوليساريو تستنكر بشدة الصمت المتواطئ للأمانة العامة للأمم المتحدة واحجامها غير المبرر عن تسمية الأشياء بمسمياتها وتحديد دولة الاحتلال المغربية، باعتبارها المسؤولة المباشرة والوحيدة عن خرق وقف اطلاق النار الذي استمر لقرابة ثلاثين عامًا، كجزء لا يتجزأ من خطة التسوية المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الافريقية التي قبلها الطرفان (جبهة البوليساريو والمغرب) في أوت 1988، وصادق عليها مجلس الأمن في قراريه 658 (1990) و690 (1991).
ولفت الرئيس إلى أنه خلافًا للرواية الانتقائية والاختزالية لأحداث 13 نوفمبر 2020 على النحو المبين في التقرير ( (S/2021/843، الفقرة 13 على وجه الخصوص، فإنّه مما لا يمكن انكاره أنّ دولة الاحتلال المغربية هي التي خرقت وقف اطلاق النار لعام 1991 والاتفاقات العسكرية ذات الصلة، بما في ذلك الاتفاق العسكري رقم 1، القاضي بإدخال قواتها المسلحة في وقت مبكر من ذلك اليوم إلى ما كان يسمى آنذاك بـ "الشريط العازل بمنطقة الكركرات في المناطق الصحراوية المحررة".
وأضاف غالي: "الاعتداء العنيف الموثق جيدا الذي نفذته القوات المغربية في 13 نوفمبر 2020 ضد مجموعة المدنيين الصحراويين الذين كانوا يحتجون سلميًا في المنطقة ضد الاحتلال المغربي غير الشرعي، لا يمكن انكاره أيضًا، مشيرا بالقول " ولمواجهة العمل العدواني المغربي، اضطررت القوات المسلحة لجبهة البوليساريو للاشتباك مع القوات المغربية دفاعًا عن النفس ولحماية المدنيين الذين تم اجلاؤهم الى أماكن آمنة".
ورأى الرئيس الصحراوي أنّ التوصل إلى حل سلمي، عادل ودائم لمسألة إنهاء الاستعمار من الصحراء الغربية، يرتبط رأسًا بتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف وغير القابل للمساومة في تقرير المصير والاستقلال بحرية وديمقراطية وفقًا لمبادئ الشرعية الدولية ولقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي ذات الصلة.
ودعا غالي إلى حل لقضية الصحراء الغربية عن طريق التفاوض، موضحًا أنه لن يكون من الممكن على الاطلاق قيام أي عملية سلام حقيقية ما دامت دولة الاحتلال المغربية مستمرة، ومع الافلات التام من العقاب، في أعمالها غير القانونية ومحاولاتها فرض الأمر الواقع الاستعماري بالقوة في المناطق المحتلة.
وشدّد على أنه "لا يزال مركز المنطقة العازلة بوصفها منطقة مجردة من السلاح، يشكّل حجر الزاوية في مساعي التوصل إلى حل سلمي للحالة في الصحراء الغربية"، وأنّ "التوغلات اليومية في هذه المنطقة والأعمال العدائية بين الطرفين أدت إلى تقويض خطير للترتيبات التي ما فتئت تشكّل أساسًا لوقف اطلاق النار على مدى السنوات الثلاثين الماضية".
وذكر غالي أنّ اعتراف الأمانة العامة للأمم المتحدة "باستئناف الاعمال العدائية" في الصحراء الغربية بعد 30 عامًا تقريبا من وقف اطلاق النار يدحض بشدة موقف دولة الاحتلال المغربية المعلن عنه مرارا وتأكيدها المستمر على أنه "ليس هناك اي وجود لنزاع مسلح"، كما يوجّه ضربة قوية لدعايتها الكاذبة التي تهدف إلى تضليل رأيها العام، فيما يتعلق بواقع الحرب التي أشعلت فتيلها من جديد في الاقليم.